
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الأربعاء، فرض عقوبات جديدة على برنامج إيران النووي، وذلك بعد يومين من إعلان طهران وواشنطن إجراء محادثات بشأن هذا البرنامج، السبت المقبل في سلطنة عمان.
وقالت وزارة الخزانة في بيان، إن العقوبات تستهدف خمس كيانات إضافة إلى شخص واحد في إيران، لدعمهم البرنامج النووي الإيراني، مشيرة إلى أن هذه العقوبات "تهدف إلى منع طهران من امتلاك سلاح نووي".
وأوضحت أن الكيانات المستهدفة تشمل منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وشركة تكنولوجيا الطرد المركزي التابعة لها.
وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت، إن "سعي النظام الإيراني لامتلاك أسلحة نووية لا يزال يشكل تهديداً خطيراً للولايات المتحدة، وخطراً على استقرار المنطقة والأمن العالمي". وأضاف أن الوزارة "ستواصل استخدام أدواتها لعرقلة تقدم البرنامج النووي الإيراني".
وبموجب هذه العقوبات، سيتم تجميد أصول الكيانات والأشخاص المحددين داخل الولاية القضائية الأميركية، ويُمنع المواطنون الأميركيون من التعامل معهم.
الكيانات الإيرانية المستهدفة بالعقوبات الأميركية الجديدة:
- شركة آتبين إيستا الهندسية (AIT): ساعدت TESA في الحصول على مكونات من موردين أجانب.
- شركة بيغه للألمنيوم في أراك (Pegah): تنتج منتجات ألمنيوم لصالح TESA.
- شركة طاقة الثوريوم (TPC): أنشأتها منظمة الطاقة الذرية لتطوير تقنيات مفاعلات تعمل بالثوريوم، والتي يمكن استخدامها لإنتاج اليورانيوم-233.
- شركة بارس لإنشاء وتطوير المفاعلات (Satra Pars): مسؤولة عن مشاريع مفاعلات نووية تحت إشراف منظمة الطاقة الذرية.
- شركة أزاراب للصناعات (Azarab): مقاول عام يخضع لسيطرة منظمة الطاقة الذرية، ويشارك في إنتاج معدات لمحطات الطاقة النووية.
- مجيد مصلّت: رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة AIT، أشرف على شراء وشحن المعدات لـTESA.
وتتزامن العقوبات الأميركية مع اليوم الوطني في إيران للتقنية النووية، إذ قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي في تصريحات للوكالة الرسمية "إرنا"، إنه "رغم كل التهديدات" فإن المنظمة "لديها خطط لحل أي مشكلة تواجهها باستخدام التقنيات المتاحة".
وأضاف إسلامي أن طهران اجتازت مرحلتين استراتيجيتين في المجال النووي، "الأولى هي مرحلة الدخول إلى المجال الصناعي للطاقة النووية، حيث إذا لم يكن لديك تخصيب، فلن يكون لديك القدرة. لقد أنشأنا القدرة على التخصيب التي نحتفل اليوم بمرور 19 عاماً على بدايتها".
وأضاف: "المرحلة الثانية، التي هي الجزء البارز في صناعة الطاقة النووية، هي القدرة على تصميم وبناء المفاعلات البحثية وقدرة تصميم وبناء الوقود". كما أعلن الدخول إلى المرحلة الثالثة التي تشمل القدرة على تصميم وتشغيل "مفاعلات بحثية ومفاعلات طاقة محلية".
وكانت إيران أعربت عن استعدادها للانخراط "بجدية وبهدف إبرام اتفاق في المفاوضات" التي تشهدها سلطة عمان، وسط تضارب التصريحات الأميركية والإيرانية بشأن ما إذا كانت هذه المفاوضات مباشرة أو غير مباشرة.
"حماية الإنجازات النووية"
من جهته أكد الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، خلال الاحتفال بمناسبة "اليوم الوطني للتقنية النووية"، أن بلاده "لا تبحث عن الحرب، ولا تسعى لامتلاك قنبلة نووية، لكنها بحاجة للعلوم والطاقة النووية".
بدوره قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن "حماية إنجازات الشعب الإيراني في مجال المعرفة النووية وتطبيقاتها السلمية المتنوعة مسؤولية وطنية"، مشيراً إلى أن طهران "ستستخدم كل إمكانياتها لحماية حقوق الشعب الإيراني في المجال النووي".
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي دعا في مقالة على صحيفة "واشنطن بوست"، الثلاثاء، الولايات المتحدة إلى الاتفاق على استبعاد "الخيار العسكري" خلال المفاوضات المرتقبة.
ورغم تضارب التصريحات بشأن ما إذا كانت هذه المفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، أعرب عراقجي عن استعداد إيران لـ"الانخراط بجدية وبهدف إبرام اتفاق في المفاوضات، إذ سنلتقي في عُمان، السبت، لإجراء مفاوضات غير مباشرة".
واعتبر عراقجي أنها "فرصة بقدر ما هي اختبار، نموذج المشاركة الذي نقترحه ليس جديداً".
وتحدث الوزير عن خبرته في "قيادة محادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة"، وقال: "بواسطة الاتحاد الأوروبي عام 2021، أثبتت هذه العملية أنها ممكنة وبناءة، على الرغم من كونها أكثر تعقيداً وصعوبةً مقارنة بالمفاوضات المباشرة".
ويرى أن مفاوضات عام 2021 لم تحقق نتائج بسبب "عدم وجود إدارة حقيقية من جانب إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن"، مشدداً على أن "السعي لمفاوضات غير مباشرة ليس تكتيكاً أو انعكاساً لأيديولوجية ما، بل خياراً استراتيجياً".
وبينما اعتبر أن المفاوضات المرتقبة "محاولة حقيقية لتوضيح المواقف، وفتح نافذة دبلوماسية"، أشار إلى وجود "حاجز كبير من انعدام الثقة، وشكوك جدية بشأن صدق النوايا، ويزداد الوضع سوءاً عبر إصرار الولايات المتحدة على استئناف سياسة أقصى الضغوط قبل أي حوار دبلوماسي".
وأضاف: "للمضي قدماً اليوم، علينا أولاً الاتفاق على أنه لا يمكن أن يكون هناك خيار عسكري، ناهيك عن حل عسكري. ويُدرك الرئيس ترمب هذه الحقيقة بوضوح عندما دعا إلى وقف إطلاق النار كأول مسار عمل لإنهاء الصراع في أوكرانيا".
"الكرة بملعب أميركا"
ولفت عراقجي إلى أن عرض بلاده "بإجراء مفاوضات غير مباشرة لا يزال قائماً"، وتابع: "نحن نؤمن بأنه في حال توفرت الإرادة الحقيقية، فهناك دوماً مسار للمضي قدماً.. ونحن مستعدون لتوضيح نوايانا السلمية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتبديد أي قلق محتمل. ومن جانبها، يمكن للولايات المتحدة أن تُظهر جديّتها في الدبلوماسية عبر الالتزام بما تتفق عليه".
واعتبر أن "التعزيزات العسكرية ترسل إشارة مضادة تماماً"، وقال: "تذكّروا كلامي: إيران تفضّل الدبلوماسية، لكنها تعرف كيف تدافع عن نفسها، ولم نخضع يوماً للتهديدات، ولن نفعل ذلك الآن ولا في المستقبل، نحن نسعى للسلام".
وأشار إلى أن "الكرة الآن في ملعب أميركا، وإذا كانت تسعى إلى حل دبلوماسي حقيقي، فقد أظهرنا بالفعل المسار، أما إذا كانت تسعى لفرض إرادتها من خلال الضغط، فعليها أن تعلم أن الشعب الإيراني يردّ بحزم على لغة القوة والتهديد بطريقة موحدة".
واشنطن تريد "محادثات مباشرة"
وقال مسؤول في الإدارة الأميركية إن فريق المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف حث إيران عبر عدة رسائل على إجراء "محادثات مباشرة" بواسطة سلطنة عمان، مشيراً إلى أنه في حال لم تكن تلك المحادثات المقررة السبت المقبل "مباشرة، فقد لا يذهب ويتكوف إلى عُمان"، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، وسط رفض إيراني متكرر لإجراء محادثات مباشرة من أجل بحث ملف طهران النووي.
وبينما شدد المسؤول، في تصريحات نقلها كاتب الرأي في الصحيفة الأميركية ديفيد إجناتيوس، على أن الإدارة الأميركية "لن تتهاون" مع إيران، قال إن "ما نحتاجه لكسر حالة انعدام الثقة العميق بين الجانبين هو نقاش شامل ولقاء عقلاني".
وأشار مسؤولان أميركيان مطلعان على المفاوضات، إلى أن "ويتكوف قد يسافر إلى طهران في حال تمت دعوته".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت في الإفادة اليومية، الثلاثاء، إن المحادثات الأميركية- الإيرانية التي ستستضيفها سلطنة عمان، السبت المقبل، "ستكون مباشرة"، نافيةً إصرار إيران على أن المناقشات ستكون غير مباشرة.
من جهتها، أشارت الخارجية الأميركية إلى أن "المبعوث ويتكوف سيكون حاضراً في المحادثات الأميركية مع إيران"، فيما قالت مصادر إيرانية وإقليمية لـ"رويترز"، إن "طهران ترغب في رؤية مبادرات ملموسة من الولايات المتحدة قبل أي محادثات مباشرة بين المسؤولين الإيرانيين والأميركيين".
وأضاف دبلوماسي إقليمي: "أبلغنا الإيرانيون أن المحادثات المباشرة ممكنة، ولكن يجب أن تكون هناك بادرة حسن نية، مثل رفع بعض العقوبات أو إلغاء تجميد بعض الأموال".