تفاصيل 18 ساعة غيّرت رأي ترمب في حرب التجارة العالمية

الرئيس الأميركي تحدث مع مستشاريه التجاريين ومشرعين جمهوريين وزعماء أجانب بارزين

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. 9 أبريل 2025 - Reuters
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. 9 أبريل 2025 - Reuters
دبي -الشرق

في تحوّل مفاجئ، خفف الرئيس الأميركي دونالد ترمب من حدة إجراءاته التجارية بعدما تراجع جزئياً عن فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق على عدد من الدول، وذلك بعد ضغوط من مستشاريه الجمهوريين وزعماء أجانب، فضلاً عن التوترات التي عصفت بالأسواق المالية، والمخاوف من انزلاق الاقتصاد العالمي نحو ركود محتمل

وسلّطت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الضوء على تفاصيل 18 ساعة قالت إنها غيَّرت موقف ترمب بشأن الحرب التجارية، من مساء الثلاثاء إلى ظهر الأربعاء.

وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن استيقظت الأربعاء على أعلى تعريفات جمركية على السلع الأجنبية خلال قرن، فيما أطلقت أسواق السندات إشارات تحذيرية من أن محاولة ترمب لإعادة تشكيل التجارة العالمية قد تؤدي إلى أزمة أكبر بكثير.

حرب تجارية مع الصين

ورغم ذلك، ظل مستشارو ترمب يُظهرون ثقتهم بأن جهوده لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، وإنهاء السياسات التي قامت عليها العولمة "مُحكَمة، ومضمونة النجاح"، رغم أن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" فقد 12% من قيمته خلال أسبوع.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض، لم تكشف هويته، القول: "وول ستريت لم تفهم الشارع الأميركي، والأخير لا يزال يدعم الرئيس".

لكن بعد ساعات، تراجع ترمب جزئياً، حيث صعَّد حربه التجارية مع الصين، ولكنه خفَّض العديد من التعريفات الجمركية التي كان قد فرضها للتو على بقية دول العالم، ما أدى إلى ارتفاع الأسواق المالية.

"تحول صادم"

واعتبرت الصحيفة أن هذه الخطوة تُمثّل "تحولاً صادماً" بعد أيام من تأكيد مساعدي ترمب على أنه يسعى لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.

وأوضحت الصحيفة أنه من مساء الثلاثاء وحتى ظهر الأربعاء، تحدَّث الرئيس الأميركي ومستشاروه التجاريون مع عدد من المشرعين الجمهوريين وزعماء أجانب بارزين، الذين عبّروا عن مخاوفهم بشأن تعثُّر الأسواق العالمية وتزايد المخاوف من ركود اقتصادي عالمي محتمل، مطالبين ترمب باتخاذ إجراء.

وبحلول مساء الأربعاء، قال ترمب إنه كان يفكر في تغيير قراراته "خلال الأيام القليلة الماضية".

وفي وقت متأخر مساء الثلاثاء، أجرى الرئيس الأميركي مكالمة هاتفية مطوّلة، استمرت نحو ساعة، مع مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين كانوا قد شاركوا في مقابلة تلفزيونية على قناة Fox News، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على المكالمة، وقد عبّر بعضهم عن قلقه بشأن التعريفات الجمركية، وفي ذلك المساء، كان ترمب يراقب أسواق السندات، حيث قال الأربعاء: "الناس يشعرون ببعض القلق".

ضغوط الجمهوريين

قبل نهاية الفاصل الإعلاني الأخير خلال مقابلة Fox News، طلب السيناتور الجمهوري جون نيلي كينيدي من المذيع "15 ثانية للتحدث مباشرة مع الرئيس" بشأن التعريفات الجمركية، بعد أن أخبره السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام أن الرئيس سيشاهد الحلقة.

وكان كينيدي وجراهام من المشاركين في المقابلة، إلى جانب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الجمهوري جون ثون، وأعضاء المجلس الجمهوريين تيم سكوت، وكاتي بويد بريت، وتوم كوتون، وتيد كروز، وماركوين مولين. 

وأعرب بعض هؤلاء الأعضاء عن رغبتهم في أن يتفاوض ترمب مع الدول الأخرى بشأن التعريفات الجمركية، كما تحدث العديد منهم إلى الرئيس بعد انتهاء الحلقة.

وقال جراهام لترمب مساء الثلاثاء: "سأترك الأمر لك لتحدد ما هو كافٍ وما هو غير كافٍ، لكنني أعتقد أنه بإمكانك أن ترى أن الناس يريدون نتائج ملموسة".

من جانبه، أبلغ السيناتور تيد كروز الرئيس الأميركي أن الإدارة أمامها خيارين في مسألة التعريفات الجمركية، إما أن يستخدمها كورقة ضغط لإقناع الدول الأخرى بخفض تعريفاتها، أو أن يُبقي على التعريفات التي أعلن عنها الأسبوع الماضي، ما قد يؤدي إلى إجراءات انتقامية من قِبَل تلك الدول.

وأضاف كروز، في مقابلة مع "واشنطن بوست": "أبلغتُ الرئيس بأن نتيجة الخيار (الثاني) ستكون كارثية، وأنه سيكون ضاراً جداً بالبلاد وبتكساس تحديداً".

وتابع بالقول: "كما شجعته على التفاوض بسرعة على صفقة تجارية رئيسية واحدة أو أكثر"، معرباً عن أمله في أن يكون حديث أعضاء مجلس الشيوخ قد أثّر على ترمب، وأن يكون قرار الرئيس الذي أعلنه الأربعاء "متسق مع ما دعوناه إلى القيام به".

ضغط الزعماء الأجانب 

في صباح الأربعاء، التقى ترمب في البيت الأبيض بالسيناتور ثون، وتحدَّث هاتفياً مع الرئيسة السويسرية كارين كيلر-سوتر، التي حثته على التراجع عن التعريفات الجمركية المفروضة على سلع بلادها بنسبة 31%.

وخلال مكالمتها التي استمرت 25 دقيقة، أكدت كيلر-سوتر على دور الشركات السويسرية في توفير فرص العمل في الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن بلادها ألغت العام الماضي التعريفات الجمركية على الواردات الأميركية من السلع الصناعية، بحسب متحدث باسم وزارة المالية السويسرية.

عدم اليقين وشبح الركود

وفي حوالي الساعة الثامنة صباحاً، شاهد ترمب مقابلة للرئيس التنفيذي لعملاق الخدمات المصرفية JPMorgan Chase، جيمي ديمون، على قناة Fox News، والتي حذّر فيها من أن الركود أصبح "نتيجة محتملة" في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي، مشيراً إلى أن معظم من تحدَّث معهم قالوا إنهم "يخفِّضون نفقاتهم" نتيجة لذلك.

وفي غضون ذلك، تلقّى وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك اتصالاً من مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي، ماروس سيفكوفيتش، الذي وافقت كتلته، الأربعاء، على تدابير مضادة للتعريفات الجمركية الأميركية على الصلب والألمنيوم، والتي صُممت خصيصاً لاستهداف مجموعة من ناخبي ترمب، من مزارعي فول الصويا إلى مصنعي البلاستيك.

تراجع ترمب المفاجئ

وبحلول منتصف النهار، كان لوتنيك ووزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت يجلسان في المكتب البيضاوي مع ترمب، لمناقشة قرار التراجع الذي فاجأ حتى بعض أعضاء فريقه.

وجلس الوزيران مع الرئيس الأميركي أثناء صياغته لـ"أحد أكثر القرارات استثنائية في رئاسته"، كما كتب لوتنيك على حسابه على منصة "إكس" بعد نحو 12 دقيقة من إعلان ترمب عن قراره للعالم.

وبعد الإعلان، سارع مساعدو ترمب للتأكيد على أن هذا القرار كان جزءاً من الاستراتيجية المتَّبعة منذ البداية، لكن في أروقة البيت الأبيض، بدا التراجع مفاجئاً حتى لبعض كبار المسؤولين.

وبعد لحظات من إعلان ترمب قراره عبر منصة "تروث سوشيال"، بدأ مساعدوه في التنسيق بشأن كيفية المضي قدماً، حيث اجتمع مساعدو البيت الأبيض لمناقشة النقاط الأساسية حول خطته الجديدة، لكن العديد من التفاصيل المهمة المتعلقة بالترتيب الجديد ظلت غامضة بالنسبة لهم، مثل ما إذا كانت كندا والمكسيك ستخضعان أيضاً للتعريفات الجديدة بنسبة 10%.

وقبل إعلان ترمب، الأربعاء، كانت الأجندة الرئيسية للبيت الأبيض لهذا اليوم هي استقباله لأبطال Nascar لسباقات السيارات، وتوقيع بعض الأوامر التنفيذية في فترة ما بعد الظهر، ولكن مع توالي الأخبار الاقتصادية المقلقة على شاشات التلفزيون في الجناح الغربي، انضم بيسنت ولوتنيك إلى الرئيس في المكتب البيضاوي لصياغة إعلان التراجع، بحسب "واشنطن بوست".

ولم يشارك بيتر نافارو، مستشار ترمب التجاري الذي حثَّه على اتباع نهج أكثر صرامة في فرض التعريفات الجمركية، في المناقشة التي جرت بالمكتب البيضاوي، وهو ما اعتبرته الصحيفة "إشارة محتملة إلى أن وجهة نظره قد بدأت تتلاشى".

وكان يُنظر إلى بيسنت ونافارو على نطاق واسع على أنهما يُمثّلان وجهات نظر متعارضة خلال مناقشات التعريفات الجمركية، رغم أن مستشاري ترمب أكدوا مراراً أنهما يعملان بانسجام تام في دعم جميع قرارات الرئيس بشأن هذه المسألة.

لكن نافارو، الذي شوهد داخل الجناح الغربي، الأربعاء، شارك في مقابلة مع قناة Fox Business خارج البيت الأبيض بعد وقت قصير من إعلان ترمب، ووصف ما حدث بأنه "مفاوضات رائعة"، مؤكداً أنه لم يتم تهميشه.

تصنيفات

قصص قد تهمك