
وجه المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية دعوات لأعضائه البالغ عددهم حوالي 180 عضوا للاجتماع في رام الله في 23 و24 من أبريل، لاستحداث وتعيين منصب نائب للرئيس محمود عباس في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وكان الرئيس عباس أعلن أثناء القمة العربية الطارئة في القاهرة في الرابع من مارس الماضي، قراره استحداث وتعيين منصب نائب رئيس منظمة التحرير ودولة فلسطين بإجراء التعديل المطلوب في النظام الأساسي للمنظمة التحرير.
وقرر المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان الشعب الفلسطيني) في العام 2018 تفويض المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية تولي صلاحياته في الظروف السياسية الخاصة، ما يجعله الهيئة الرسمية المخولة بتغيير النظام الأساسي للمنظمة.
وجاء قرار الرئيس عباس استحداث منصب نائب الرئيس إثر نصائح وضغوط عربية من أطراف قلقة على مصير النظام السياسي الفلسطيني في حال غياب الرئيس محمود عباس البالغ من العمر (90 عاماً)، عن المشهد لأي سبب كان، دون وضوح الترتيبات الانتقالية في السلطة الفلسطينية.
وينص النظام الأساسي للسلطة الفلسطينية على أنه، في حال شغور منصب الرئيس لأي سبب كان مثل الوفاة أو فقدان الأهلية، يتولى رئيس المجلس التشريعي منصب الرئيس لمدة ستين يوماً يجري في نهايتها إجراء انتخابات عامة للرئاسة.
وحل الرئيس عباس المجلس التشريعي، وتوقفت الانتخابات العامة منذ الانقسام بين حركة "حماس" التي سيطرت على قطاع غزة في العام 2007 والسلطة الفلسطينية التي بقي مركزها في الضفة الغربية.
وأصدر الرئيس عباس نهاية العام الماضي، مرسوماً دستورياً نص على أنه في حال شغور منصب الرئيس، يتولى رئيس المجلس الوطني الفلسطيني المنصب لمدة 90 يوماً تجري في نهايتها انتخابات عامة للرئاسة.
لكن كثيراً من الفلسطينيين والدول العربية قلق على مصير النظام السياسي الفلسطيني في حال الفشل في إجراء انتخابات عامة جراء الانقسام والاحتلال.
طالب عدد من الدول العربية الرئيس محمود عباس باختيار نائب له لضمان بعض الاستقرار للنظام السياسي.
التغيير المقترح
وجرت في أروقة الرئاسة الفلسطينية مؤخراً مداولات واسعة حول شكل التغيير المقترح.
وقالت مصادر مطلعة على هذه المداولات لـ"الشرق"، إنها شملت عدة مقترحات منها؛ قيام المجلس المركزي بانتخاب نائب الرئيس، وقيام المجلس المركزي بإحالة أمر اختيار نائب الرئيس إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ومنها إحالة الاختيار إلى الرئيس.
وقالت المصادر إن المجلس سيكون سيد نفسه، وسيختار الأسلوب من خلال التصويت.
الرئيس عباس يفضل اختيار نائبه
ورجحت المصادر أن يقترح الرئيس محمود عباس على المجلس إحالة الأمر إليه لاختيار نائبه. وقالت المصادر إن هذا الخيار هو المفضل للرئيس؛ لأنه يبقي لديه حرية تغيير نائبه، في حال رغب في ذلك، لأي سبب من الأسباب.
وينص النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية على أن اللجنة التنفيذية للمنظمة تختار رئيسها من بين أعضائها.
وينص أحد التعديلات المقترحة على أن اللجنة التنفيذية تنتخب رئيسها، وأن الرئيس يختار نائباً له يساعده في تنفيذ مهامه.
وقالت المصادر إن هذا الخيار مريح أيضاً للمتنافسين على المنصب؛ لأن وجود نائب رئيس، في هذه الحالة، لا يعني أنه يحل محل الرئيس مباشرة في حال غيابه، بل يحتاج إلى أغلبية الأصوات في اللجنة التنفيذية لانتخابه خلفاً له.
اقتراح ثان
ومن بين المقترحات التي ستقدم إلى المجلس المركزي، أن تقوم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير باختيار الرئيس ونائبه.
ويعطي هذا الخيار قوة أكبر للنائب، ويضعف من قدرة الرئيس على تغييره؛ لأن اختياره جاء انتخاباً من قبل اللجنة، وليس اختياراً من قبل الرئيس، وأن تغييره يكون في يد اللجنة، وليس في يد الرئيس.
ومن المقترحات التي ستقدم، أن ينتخب المجلس المركزي نائب الرئيس. ويعطي هذا المقترح قوة أكبر لنائب الرئيس؛ لأنه يأتي من خلال الانتخاب الحر لأعضاء المجلس الذي يمثل برلمان الشعب الفلسطيني، ويمنحه قوة الحلول محل الرئيس في حال غيابه.
قلق داخلي
وأظهرت المداولات وجود قلق لدى البعض من قيام نائب الرئيس بالسيطرة على النظام السياسي في حال شغور منصب الرئيس، مستغلاً عدم القدرة على إجراء انتخابات عامة.
وتشكل منظمة التحرير الفلسطينية المظلة السياسية والقانونية للسلطة الفلسطينية التي أنشأتها في العام 1994، عقب "اتفاق أوسلو" مع إسرائيل، للقيام بإدارة البلاد لحين الانتقال إلى الدولة المستقلة.
وجرى تأسيس السلطة الفلسطينية بقرار اتخذ في اجتماع للمجلس المركزي لمنظمة التحرير في العام المذكور.
تعددية قيادية
وترى بعض الأوساط في السلطة الفلسطينية أن التعديل المذكور سينهي ظاهرة القائد الفرد للنظام السياسي الفلسطيني الذي يتولى فيه الرئيس المناصب الرئيسية في النظام السياسي وهي رئيس منظمة التحرير ورئيس السلطة الفلسطينية ورئيس الحزب الحاكم (حركة فتح).
وقال أحد كبار المسؤولين لـ"الشرق": "التعديل الجديد يخص منظمة التحرير، ولا يطبق على السلطة الفلسطينية، التي ينص المرسوم الدستوري للرئيس على تولي رئيس المجلس الوطني منصب الرئيس في حال شغوره".
وأضاف: "هذا يعني أن رئيس السلطة سيكون شخصاً آخر غير رئيس المنظمة". ومضى يقول: "هذا يعني انتهاء عصر القائد الأب، أو القائد الفرد، أو عصر الأبوات (أبو عمار وأبو مازن..)، بحيث سيكون لدينا في المرحلة القادمة رئيساً للسلطة ورئيسا آخر لمنظمة التحرير ورئيساً ثالثا لحركة فتح".
الرئيس عباس ما زال قادراً على الحسم
ويرجح مراقبون أن يحسم الرئيس محمود عباس الجدال داخل المجلس المركزي لصالح الخيار الأول وهو إحالة اختيار النائب إلى الرئيس نفسه ليبقي يده العليا في النظام السياسي.
لكن بعض قيادات حركة فتح يشكك في ذلك. وقال أحد أعضاء اللجنة المركزية للحركة لـ"الشرق": "صحيح أن الرئيس عباس هو صاحب القرار الأول في الحركة، لكن عندما يتعلق الأمر بخلافته، فإن الكثيرين سيحسبون خطواتهم جيداً، وقد يفكرون بخيارات أخرى مختلفة عن خياراته".
وأضاف: "سيكون هناك الكثير من النقاش والكثير من الخلاف، وفي النهاية المجلس سيد نفسه، وقد يفاجئ الكثيرين".