تقرير: "ثغرات استخباراتية" تهدد مساعي ترمب في التوصل لاتفاق نووي جديد مع إيران

time reading iconدقائق القراءة - 8
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل جروسي خلال زيارة معرض إنجازات الصناعة النووية في طهران. 17 أبريل 2025 - REUTERS
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل جروسي خلال زيارة معرض إنجازات الصناعة النووية في طهران. 17 أبريل 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

استضافت روما، السبت، جولة ثانية من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة في محاولة لتسوية خلافاتهما القائمة بشأن أهداف طهران النووية، رغم وجود "ثغرات استخباراتية" تتعلق ببرنامجها النووي تُهدد جهود التوصل لاتفاق سريع، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".

وذكرت الصحيفة الأميركية أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب حض إيران على "التحرّك بسرعة" من أجل التوصل إلى اتفاق نووي جديد، وهدد بـ"عمل عسكري" إذا باءت الجهود الدبلوماسية بالفشل، مشيرة إلى أنه من أجل نجاح أي اتفاق سيتعين على طهران الكشف "بشكل دقيق" عن المعدات النووية التي أنتجتها وخزّنتها. 

وأشارت إلى وجود "ثغرات خطيرة" في فهم العالم للمخزون النووي الإيراني؛ لا سيما مع فرض طهران قيوداً على رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أنشطتها النووية خلال السنوات الأخيرة، وهو شرط أساسي بموجب الاتفاق المُبرم عام 2015، كما عرقلت تحقيق الوكالة في مواد نووية غير معلن عنها عثر عليها في البلاد.

وفي مواقع مختلفة، أزالت طهران كاميرات المراقبة من منشآت نووية رئيسية ومنعت المفتشين من دخول تلك المواقع. ونتيجة لذلك، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، منذ سبتمبر 2023، إنها لم تعد تملك معلومات محدّثة بشكل كامل عن نطاق الأنشطة النووية الإيرانية، ولا يمكنها التأكيد على أن البرنامج الإيراني مخصص لأغراض سلمية فقط، كما تقول طهران.

وفي هذا السياق، صرّح المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف بأن "الخط الأحمر" لإدارة ترمب يتمثل في منع إيران من أن تكون قادرة على إنتاج سلاح نووي.

وكان مسؤولو استخبارات أميركية أشاروا، في مارس، إلى أنهم لا يعتقدون أن إيران قد اتخذت قراراً بصناعة سلاح نووي، إلا أنهم يقدّرون أن الأمر قد لا يستغرق سوى بضعة أشهر إن قررت ذلك.

ومنذ عام 2021 منعت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تفتيش المواقع غير النووية، ما قلّص بشكل كبير من قدرة الوكالة على تقييم مدى اقتراب طهران من امتلاك القدرة على صنع قنبلة نووية.

مع ذلك، قال المدير العام للوكالة رافاييل جروسي، هذا الأسبوع إن إيران "ليست بعيدة" عن تحقيق ذلك، في إشارة إلى أن طهران قد تكون قريبة من امتلاك الإمكانيات اللازمة لصناعة سلاح نووي.

مخزون إيران النووي

ورجحت "وول ستريت جورنال" أن المضي قدماً في اتفاق جديد دون معرفة دقيقة بمخزون إيران الحالي من المواد والمعدات النووية يُشكل "مخاطرة كبيرة"، فبدون قاعدة بيانات موثوقة، من الصعب للغاية ضمان التزام إيران بأي قيود مفصّلة على تخصيب اليورانيوم بموجب الاتفاق.

ونقلت الصحيفة عن ديفيد أولبرايت، المفتش الأممي السابق ورئيس معهد العلوم والأمن الدولي قوله: "ترمب أعطى مهلة لمدة شهرين للتوصل إلى اتفاق. وعلى إيران أن تبدأ في التعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية لبناء الثقة في أن أي اتفاق سيكون محكماً".

وبعد زيارة جروسي إلى طهران هذا الأسبوع، لم يتضح بعد ما إذا كانت إيران ستزود الوكالة بمعلومات تفصيلية تطلبها بشأن أنشطتها النووية، لكن المناقشات لا تزال جارية، ودعا جروسي إيران إلى تعزيز التعاون لإثبات سلمية برنامجها النووي.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الخميس، إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في حل الملف النووي، لكنه حذّرها من الانجرار إلى "التسييس"، وهو الاتهام الذي طالما وجهته طهران للوكالة على خلفية الضغوط المتزايدة عليها.

وكانت الولايات المتحدة والقوى الأوروبية قد دعت إيران مراراً خلال السنوات القلائل الماضية إلى تعزيز تعاونها مع الوكالة، فيما مجلس محافظي الوكالة اللوم إلى طهران 3 مرات منذ نوفمبر 2022 بسبب تقاعسها عن ذلك.

"ثغرة خطيرة"

وأوضحت "وول ستريت جورنال" أن ما وصفته بـ"ثغرة خطيرة" في معرفة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامج إيران النووي، تتعلق بمخزونها من أجهزة الطرد المركزي، وهي الآلات التي تُستخدم لتخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى.

وبموجب الاتفاق النووي لعام 2015، ركبت إيران كاميرات في المصانع التي تنتج الأجزاء الرئيسية لأجهزة الطرد المركزي، في إطار نظام رقابة صارم على منشآتها النووية والمرافق ذات الصلة. وكان الهدف من ذلك هو معرفة عدد الأجهزة التي تنتجها إيران بدقة، لضمان عدم تجاوزها للحدود المفروضة على إنتاج مواد انشطارية.

لكن بعد انسحاب إدارة ترمب من الاتفاق عام 2018، توقفت إيران في 2021 عن تسليم تسجيلات الكاميرات والقياسات للوكالة الدولية. وفي وقت لاحق، وبعد تعرض منشأة "كرج" للطرد المركزي لهجوم اتهمت طهران إسرائيل بالوقوف ورائه، تعطلت عملية المراقبة بالكاميرات لعدة أشهر، وفي يونيو 2022، أزالت إيران مجدداً كاميرات المراقبة، ولم تبدأ بإعادة بعضها إلا بعد مرور عام.

ورغم أن الوكالة لا تزال تحتفظ بحق الوصول المتكرر إلى موقعي تخصيب رئيسيين في إيران، وتثق بعدم تحويل المواد الانشطارية منهما، لكنها أكدت، في فبراير، أنها فقدت "استمرارية المعرفة" بمخزون إيران من أجهزة الطرد المركزي وأجزائها الأساسية، مثل الدوارات والأنابيب المرنة المستخدمة في تلك الأجهزة. 

وإذا كانت إيران قد خزّنت سراً مئات من أجهزتها المتقدمة، فإنها تحتفظ حينها بعنصر حاسم في قدرتها على إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب المستخدم في تصنيع الأسلحة، وفقاً للصحيفة.

إعادة بناء "تصور موثوق"

ويعتقد خبراء أن الوكالة يمكنها محاولة إعادة بناء "تصوّر ذا مصداقية" لمخزون إيران من هذه الأجهزة، عبر إجراء سلسلة من عمليات التفتيش والاختبارات الفنية، ومقارنة النتائج بالبيانات المعلنة من طهران، إلا أن هذه العملية ربما تستغرق حتى 6 أشهر دون ضمانات بالحصول على صورة كاملة، بحسب ما نقلته "وول ستريت جورنال" عن دبلوماسي أوروبي يعمل على الملف النووي الإيراني.

كما يتوجب على إيران تسوية مسألة أخرى قبل التوصل إلى أي اتفاق جديد، وهي التحقيق المفتوح الذي تجريه الوكالة الدولية بشأن وجود مواد نووية غير معلن عنها داخل البلاد.

وتشكل هذه المسألة تحدياً سياسياً كبيراً للقيادة الإيرانية، إذ يعتقد مسؤولون في الوكالة، ودول غربية أن المواد عُثر عليها في مواقع مرتبطة بأبحاث نووية أجرتها إيران في التسعينيات وبداية الألفية.

غير أن طهران تنفي باستمرار قيامها بأي أنشطة من هذا النوع؛ وبدون تقديم تفسير مفصل بشأن مصدر هذه المواد ومكان وجودها حالياً، ربما لا تتمكن إيران من إغلاق التحقيق.

ويُعتبر هذا الملف من أبرز نقاط الانتقادات في واشنطن تجاه الاتفاق النووي لعام 2015، الذي لم يُلزم إيران بالإفصاح الكامل عن أنشطتها النووية السابقة. ولا تزال هذه المخاوف قائمة لدى أعضاء في الكونجرس، الذي قد يُطلب منه التصديق على أي اتفاق جديد.

وكان ترمب أعلن في وقت سابق رغبته في التفاوض على اتفاق نووي جديد، لكنه حذر من أنه سيلجأ إلى الخيار العسكري، إذا رفضت طهران التوصل إلى اتفاق.

تصنيفات

قصص قد تهمك