
وصف وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأميركي روبرت إف كينيدي جونيور، مرض التوحد بأنه "وباء" يتجاوز تأثير جائحة "كوفيد- 19"، حسبما نقلت صحيفة "ذا هيل" الأميركية، الأحد.
وفي مقابلة مع المذيع جون كاتسيماتيديس عبر محطة "WABC 770 AM"، الأحد، قال كينيدي: "هذا وباء.. إنه يتجاوز وباء كوفيد وتأثيراته على بلادنا، لأن كوفيد قتل المسنين، أما التوحد فيصيب الأطفال، ويؤثر عليهم في بداية حياتهم، وفي بداية مراحل إنتاجيتهم.. إنه مرض مُنهِك تماماً، لهم ولعائلاتهم ولمجتمعاتهم".
وجاءت تصريحات كينيدي بعد أن تعرض لانتقادات واسعة في وقت سابق من الأسبوع ذاته، إثر قوله خلال مؤتمر صحافي عُقد الأربعاء إن "التوحد يدمر العائلات"، وسبق أن روَّج كينيدي لخطاب مناهض للقاحات، مستنداً إلى نظريات غير مُثبتة تزعم وجود رابط بين اللقاحات والإصابة بالتوحد، وفق "ذا هيل".
"ارتفاع التكاليف الصحية"
وبحسب بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن الأطفال يواجهون خطراً أكبر للإصابة بالتوحد في حال وجود تاريخ عائلي للاضطراب، أو عند تعرض الأم لمضاعفات أثناء الولادة، أو إذا وُجدت حالات كروموسومية تهدد نمو الطفل.
وألمح كينيدي إلى زيادة سريعة في معدلات الإصابة بالتوحد، ما ينعكس بزيادة التكاليف الصحية.
وقال خلال المقابلة: "بالنسبة لبلدنا، فصافي التكلفة الاقتصادية للتوحد سيبلغ بحلول عام 2035 نحو تريليون دولار سنوياً. وهذا مجرد البداية، لأن كثيراً من هؤلاء الأطفال يتقدمون في العمر، وذووهم يعيشون القلق يومياً.. وأنا أتحدث عن المصابين بالتوحد الشديد، أو ما يُعرف بالتوحد العميق، الذي يشكل نحو 26% من إجمالي المصابين بالتوحد".
وأضاف: "تلك العائلات، وهؤلاء الأطفال غير قادرين على الكلام، غير مدربين على استخدام المرحاض، ولديهم كل السمات النمطية للتوحد من ضرب الرأس، والمشي على أطراف الأصابع، وحركات تكرارية، وآلام مبرحة في البطن.. هؤلاء الأطفال لن يتمكنوا من العمل".
كما أوضح كينيدي أن كثيراً من الأطفال المصابين بحالات توحد أقل حدة يتمتعون بـ"قدرات هائلة تسمح لهم بالعيش باستقلالية، والحصول على وظائف، والاعتناء بأنفسهم".
لكن خبراء مراكز السيطرة على الأمراض يختلفون مع هذا الطرح، إذ يرون أن تزايد الحالات المسجلة يعود إلى تطور وسائل التشخيص والكشف.
انتقادات لطرح وزير الصحة
من جهتها، انتقدت جوين والز، زوجة حاكم ولاية مينيسوتا، تصريحات كينيدي حول التوحد، واتهمته بالتقليل من شأن إسهامات الأفراد المصابين بهذا الاضطراب.
وكتبت والز في منشور لها عبر منصة "إكس"، الخميس: "هذا أمر مزعج للغاية، خصوصاً عندما يصدر عن أعلى مسؤول صحي في بلادنا.. الأفراد المصابون بالتوحّد هم جزء من عائلاتنا، وجيراننا، وزملاء دراستنا، وزملاء عملنا، ويقدمون لهذا الوطن إسهامات أكبر بكثير مما سيقدمه هذا الرجل في حياته".
كما ندد مشرعون وجمعيات مهتمة بالتوعية حول اضطراب التوحد بتصريحات كينيدي، إذ وصفوها بأنها "مُسيئة" و"غير واقعية ومضللة"، معربين عن قلقهم إزاء تصريحات أدلى بها الوزير الأسبوع الماضي حول إطلاق "مبادرة ضخمة للاختبارات والبحوث" بشأن الاضطراب.
وقالت كريستين روث، رئيسة التسويق في الجمعية الأميركية للتوحد في تصريحات سابقة لـ"ذا هيل" إن "وصف التوحد بأنه مرض مزمن.. واستخدام مصطلحات طبية مثل وباء، أمر يُجرد الأشخاص المصابين بالتوحد من إنسانيتهم، ويغذي الوصم والصور النمطية، إنه يقضي على الكثير من التقدم الذي أُحرز على مدى العقود الماضية".
وترى روث أن الوتيرة التي يتعهد بها كينيدي بالكشف عن مسببات التوحد "مقلقة"، وقالت: "هذا يمنح الناس الكثير من الآمال الزائفة، فالعلم الحقيقي والدقيق الذي يخضع لمراجعة الأقران، يستغرق وقتاً لإيجاد إجابات جيدة".
وفي المقابلة، وجه كينيدي انتقادات حادة للمعهد الوطني للصحة، ومراكز السيطرة على الأمراض، لبحثهما في ارتباط الجينات بالتوحد بدلاً من التركيز على العوامل البيئية.
وقال في هذا الصدد: "المشكلة أن المعهد الوطني للصحة، ومراكز السيطرة على الأمراض أوقفا كل الدراسات التي يمكن أن تحدد التعرضات البيئية المسببة.. ولهذا لا نعرف بعد. وبدلاً من ذلك، ركزوا على دراسة الجينات والجينات المسببة للتوحد".