
لم يفلح الاتفاق الذي نال بسببه رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، جائزة نوبل للسلام في عام 2019 في تحقيق تطلعات إريتريا، فعملية السلام بين البلدين تمضي بخطوات متثاقلة، وسط مناخ محلي وإقليمي ودولي معقد ومحفوف بالمخاطر والتهديدات، هكذا بلورت إريتريا مؤخراً موقفها من جارتها إثيوبيا.
"وكالة بلومبيرغ للأنباء"، نقلت عن وزارة الإعلام الإريترية قولها: "بعد عامين من التوقيع على اتفاق السلام، ما زالت القوات الإثيوبية موجودة في أراضينا ذات السيادة، لم يتم استئناف العلاقات التجارية والاقتصادية إلى المدى أو النطاق المطلوب".
أمل لم يتحقق
المستشار الإعلامي لسفارة إريتريا في القاهرة، حبيب محمد عثمان، يقول لـ"الشرق": "كان هناك أمل منذ عامين ولم يتحقق، إنها قضية واضحة المعالم.كنا نتمنى انسحاب الجيش الإثيوبي من الأراضي الإريترية، وهذا لم يتم للأسف الشديد ولم يتحقق شيء بين الدولتين".
"الاتفاقية أنقذت إريتريا"
من جانبه، يتوقع الكاتب الإثيوبي والخبير في الشؤون الإفريقية، أنور إبراهيم، في حديثه لـ"الشرق"، أن يكون هناك رد من الجانب الإثيوبي على البيان الإريتري الأخير، لتوضيح أسباب إخفاق الاتفاق حتى الآن، لا سيما أنه قبل عدة أشهر تم طرح أسئلة على رئيس الحكومة، آبي أحمد، عن العلاقة مع إريتريا وقال إنها تسير بصورة جيدة رغم ما يدور حول هذه الاتفاقية.
ويرى إبراهيم أن هذه الاتفاقية حققت مكاسب للجانب الإريتري أكثر من نظيره الإثيوبي، خاصة الاستفادة من فك الحصار الذي كان مفروضاً عليها، عكس أديس أبابا التى كانت تنتظر تحقيق مكاسب من الموانئ الإريترية.
أسباب غضب أسمرة
ويرى أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الإفريقية، الدكتور أيمن شبانة، أن الاتفاق نجم عنه مجموعة من الإيجابيات بين الطرفين، فإريتريا خرجت من العزلة الدولية ورُفعت العقوبات عنها، بجانب تخفيض نفقات السلاح ووجهت الأموال للتنمية وتنشيط تجارة الحدود وهذا ما كانت تطمح إليه.
يضيف شبانة:"إثيوبيا لم تنسحب حتى الآن من منطقة بادمي الإريترية، فهي تتذرع بمشاكلها الداخلية، وهناك بعض جنرالات الجيش في الداخل يرفضون الانسحاب، وسبب غضب إريتريا الأكبر هو أن تجارة الحدود لم تنتعش بالشكل الذي تأمله، وأن كثيراً من بنود الاتفاق الأخرى لم تنفذ".
ويُرجع الخبير السياسي سبب غضب إريتريا بشكل علني إلى أنها ترى إثيوبيا في وضع داخلي وخارجي متأزم، فلديها مشكلة مع مصر بشأن سد النهضة وصلت إلى مجلس الأمن، واضطرابات إثنية كبيرة، إضافة إلى ضغوط أسمرة لتحقيق انسحاب إثيوبيا من منطقة بادمي حتى يكون الاتفاق مثمراً وإلا يصبح دون جدوى.
وحول احتمالية انهيار الاتفاق، يؤكد شبانة أنه لا يعتقد أن الاتفاق سينهار لأن أريتريا استفادت منه، فالعقوبات التى كانت مفروضة عليها من مجلس الأمن تم رفعها، وبدأت تخرج من عزلتها الإقليمية، إضافة إلى سبب آخر مهم، وهو أن هناك رعاة للاتفاق على رأسهم السعودية والإمارات، ولن يسمحا بانتكاسه.
وعن زيارة الرئيس الإريتريي للعاصمة المصرية القاهرة مؤخراً، قال شبانة إن أسياس أفورقي، زار إثيوبيا والسودان ومصر، والزيارة تأتي للضغط من أجل تنفيذ "اتفاق السلام"، وتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث بشأن ملف سد النهضة.
تصعيد مُحتمل
السفير إبراهيم الشويمي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الإفريقية، يرى أن هناك عدم رضا من الجانب الإريتيري حول تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، حيث كانت أسمرة تأمل في تحرك أفضل لحل الأزمات مع جارتها إثيوبيا، لأنه لم يتم تنفيذ اتفاق التحكيم بين الطرفين، فهناك أراضٍ إريترية لا تزال محتلة حتى الآن مما يوضح أن الاتفاق لم يكن تفصيلياً، ولم تحدد له تواريخ واشتراطات وافية للتوصل إلى نتيجة ترضي الطرفين.
أمر آخر يشير إليه الشويمي، وهو أن الرئيس الإريتري من القادة الذين لديهم استعداد لاتخاذ مواقف حادة، ومن الممكن إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق معيّن يرضي بلاده أن يعلن أن ما تم مع إثيوبيا لم يعد مقبولاً.
العلاقات لم تأخذ الاتجاه المأمول
السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، يقول في تصريحات لـ"الشرق" إن الاتفاق لم يأخذ حظه من التفاؤل الذي كان موجوداً، إضافة إلى أن إثيوبيا تنظر لإريتريا على أنها أحد المنافذ على البحر الأحمر. واستطاعت أن تجد لها منفذاً عبر جيبوتي و4 منافذ عن طريق الصومال ومنفذاً عن طريق صوماليلاند، معتبراً أن كل هذه الأمور تمثل أهمية لإثيوبيا، لكن الأهم هو منفذ أريتريا لأنه الأقرب إلى قناة السويس والتصدير لأوروبا وآسيا.