
أعلنت وزارة الدفاع التركية، اليوم الثلاثاء، وقوفها إلى جانب أذربيجان في نزاعها الحدودي مع أرمينيا، في وقت يستمر فيه عدد ضحايا الاشتباكات بين البلدين في الارتفاع، على الرغم من دعوات روسيا وأميركا والاتحاد الأوروبي إلى وقف إطلاق النار.
وبدأت الاشتباكات بين الجانبين، في مناطق شمالية على طول حدود البلدين المشتركة الأحد الماضي، وما زالت مستمرة لليوم الثالث على التوالي. وتبادل البلدان، اللذان دخلا في نزاع منذ نحو 3 عقود للسيطرة على إقليم "ناغورني قره باخ" (تابع لأذربيجان)، اتهامات بالشروع في القصف وانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع بينهما في عام 1994.
تركيا تدخل على الخط
وبينما دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا إلى وقف النار، عبرت تركيا حليفة أذربيجان، عن دعمها لباكو.
وأكّد وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، اليوم الثلاثاء، استمرار تركيا في الوقوف إلى جانب القوات المسلحة الأذربيجانية ضد أرمينيا.
وقال آكار: "احتلت أرمينيا ناغورني قره باغ بشكل غير قانوني وكانت عدوانية لسنوات، وسنستمر في دعم إخواننا وأخواتنا الأذربيجانيين، الذين نقبلهم كأمة واحدة ضمن دولتين".
وتعقب هذه التصريحات الجديدة، تصريحات أخرى أصدرها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس الاثنين، وعبر فيها عن دعم أنقرة لباكو.
وقال أوغلو إنّ "ما فعلته أرمينيا غير مقبول. أذربيجان ليست وحدها، وتركيا تقف إلى جانبها".
تبادل مستمر للقصف
وقالت أذربيجان وأرمينيا إن تبادل إطلاق النار الذي بدأ يوم الأحد، استمر اليوم الثلاثاء، واتهم كل طرف الآخر بانتهاك وقف إطلاق النار والقصف.
وسقط تسعة جنود من الجانبين على الأقل الثلاثاء. وقالت أذربيجان إن سبعة من جنودها قتلوا بينهم ضابطان كبيران، فيما أعلنت أرمينيا مقتل اثنين من جنودها.
وأكدت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن القوات الأرمينية استهدفت مواقعها في منطقة تافوش الحدودية في الشمال بقصف مدفعي وقذائف هاون ورشاشات ثقيلة. وأضافت أن القصف طال أيضاً العديد من القرى.
وصرح نائب وزير الدفاع كريم فالييف للتلفزيون الرسمي، بأن ضابطين كبيرين وخمسة عسكريين آخرين "سقطوا في المعركة أبطالاً" الثلاثاء. ويرتفع بذلك عدد الجنود الأذريين الذين قتلوا منذ الأحد إلى 11.
وبالمقابل، أعلنت وزارة الخارجية الأرمينية سقوط مدني في قصف مدفعي على قرية في منطقة تافوش. واتهمت أرمينيا القوات الأذرية باستهداف الأجزاء الشمالية الشرقية من حدودها مع تافوش مجدداً.
كما اتهمت وزارة الخارجية الأرمينية أذربيجان باستخدام طائرات مسيرة لقصف مواقع مدنية في بلدة بيرد بمنطقة تافوش.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأذرية، سوشان ستيبانيان، سقوط ضابطين في صفوف الجيش، أحدهما برتبة رائد والثاني برتبة نقيب.
قلق دولي
وأثارت الاشتباكات المستمرة بين يريفان وباكو قلقاً دولياً من انفلات الوضع في جنوب القوقاز، وهي منطقة تمر عبرها خطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز إلى الأسواق العالمية.
وتزداد المخاوف من أن تؤدي أي حرب بين البلدين إلى إغراق منطقة القوقاز في النزاع، قد تتدخّل فيه روسيا، الحليفة العسكرية لأرمينيا، من جهة، ومن جهة أخرى تركيا، الداعمة لباكو، لا سيما في ظل التنافس على النفوذ الجيوسياسي في هذه المنطقة الاستراتيجية.
وأصدرت وزارة الخارجية الروسية، القوة الرئيسة في المنطقة، بياناً الاثنين قالت فيه إنه "من غير المقبول أن يحدث أي تصعيد إضافي، من شأنه أن يهدد الأمن الإقليمي في منطقة القوقاز"، ودعت طرفي النزاع إلى "ضبط النفس، وتخفيف حدّة التوتر".
وقال ديمتري بيسكوف، الناطق باسم الكرملين للصحافيين، اليوم الثلاثاء، إن موسكو مستعدة لبذل جهود وساطة بينهما.
وأضاف بيسكوف: "نشعر بقلق بالغ إزاء تبادل إطلاق النار على الحدود الأرمينية الأذربيجانية".
بدورها، أصدرت الولايات المتحدة الأميركية بياناً الاثنين عبرت فيه عن إدانتها للنزاع المسلح الدائر في الحدود بين أرمينيا وأذربيجان.
ودعت واشنطن طرفي النزاع إلى "الوقف الفوري لاستخدام العنف، واللجوء إلى قنوات التواصل المتوفرة بين البلدين بهدف تجاوز تصاعد أكبر للعنف، والتقيد الصارم باتفاق وقف النار".
وفي السياق ذاته، دعا الاتحاد الأوروبي الأحد عبر بيان، كلا الطرفين إلى وقف الاشتباكات المسلحة، "والعدول عن الخطابات والأعمال الاستفزازية التي تزيد من حدة التصعيد".
ودعت بروكسيل البلدين إلى اللجوء إلى مجموعة "مينسك"، التي تضم وسطاء دوليين، والتي تتولى رعاية مفاوضات البلدين بهدف التوصل إلى اتفاق سلام.
"ناغورني قره باغ".. قنبلة موقوتة
وتعود المشكلة بين أرمينيا وأذربيجان إلى نحو 30 عاماً، حيث يتنازع البلدان للسيطرة على منطقة ناغورني قره باغ الانفصالية على الحدود (تابعة لأذربيجان).
وتسكن إقليم "ناغورني قره باغ" غالبية أرمينية. وفي عام 1921 ألحقته السلطات السوفياتية بأذربيجان، ثم أعلن في عام 1991 استقلاله من جانب واحد بدعم من أرمينيا، ما أدى إلى حرب بين البلدين.
وقُتل خلال الحرب بين البلدين بسبب الإقليم القريب من منابع النفط في بحر قزوين، في الفترة من 1992 حتى 1994 نحو 35 ألف شخص، وتسببت في تشريد نحو مليون آخرين.
وعلى الرغم من وقف إطلاق النار القديم بين البلدين، إلا أنهما في حال حرب، وتحدث بين حين وآخر مناوشات حدودية، يسقط جراءها قتلى وجرحى، ليقترب البلدان من حافة حرب شاملة، ولكن سرعان ما يتدخل وسطاء لتخفيف التوتر.