كل ما تحتاجون لمعرفته عن "محاكمة البشير"

time reading iconدقائق القراءة - 12
صورة أرشيفية من 31 أغسطس 2019،  يمثل فيها الرئيس السوداني السابق عمر البشير أمام المحكمة في العاصمة السودانية الخرطوم - AFP
صورة أرشيفية من 31 أغسطس 2019، يمثل فيها الرئيس السوداني السابق عمر البشير أمام المحكمة في العاصمة السودانية الخرطوم - AFP
الشرق - الخرطومد. زحل محمد الأمين - أستاذ قانون دستوري ودولي في جامعة النيلين

بدأت، أمس الثلاثاء، في العاصمة السودانية الخرطوم أولى جلسات محاكمة الرئيس السوداني السابق عمر حسن أحمد البشير ضمن قائمة متهمين مكونة من 28 متهماً ما بين عسكريين ومدنيين ممن تقلدوا مواقع مختلفة في أعقاب الانقلاب العسكري عام 1989 بقيادة البشير.

المتهمون

أبرز المتهمين علي عثمان محمد طه النائب الأسبق للرئيس السوداني، وبكري حسن صالح الذي شغل منصب النائب الأول للرئيس، وعبد الرحيم محمد حسين الذي شغل مناصب مختلفة من بينها منصبَي وزيري الدفاع والداخلية، وعوض أحمد الجاز الذي شغل منصب وزير الطاقة سابقاً، ونافع علي نافع الذي أشرف على جهاز الأمن خلال السنوات الأولى عقب انقلاب البشير.

كما يمثُل أمام المحكمة أعضاء في حزب المؤتمر الشعبي الذي كان يقوده الترابي وأنشق عن البشير، منهم الدكتور علي الحاج وإبراهيم السنوسي.

لائحة الاتهام

وتتكون المحكمة الخاصة من 3 قضاة وتتلخص الاتهامات الموجهة للبشير وبقية المجموعة في تقويض النظام الديمقراطي واستخدام القوة العسكرية للإطاحة بالحكومة المدنية المنتخبة التي كان يرأسها السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة في الـ30 من يونيو 1989.

وجاءت المحاكمة استجابة لدعوى حركها عدد من المحامين السودانيين في مايو 2019، وشكل النائب العام تاج السر الحبر في مارس من العام الجاري لجنة للتحقيق في تفاصيل انقلاب 1989، وتم بموجب ذلك إنشاء هيئة اتهام مشتركة تمكنت من العثور على كم كبير من الأدلة والاتهامات القوية في مواجهة البشير ومن معه تكفي لتقديمهم للمحاكمة.

سابقة في القضاء السوداني

وتعتبر هذه الدعوى الأولى من نوعها في التاريخ السياسي السوداني التي يمثل فيها قائد انقلاب عسكري أدى إلى تقويض نظام ديمقراطي قائم إلى المحاكمة، حيث لم تتم محاكمة الرئيس إبراهيم عبود الذي انقلب على النظام الديمقراطي الأول في السودان الذي حكم خلال الفترة من عام 1956 إلى 1958.

كما لم تتم محاكمة الرئيس جعفر النميري الذي انقلب على النظام الديمقراطي في عام 1969 وظل يحكم البلاد حتى عام 1985، واستقر به المقام لاجئاً في مصر التي هبطت فيها طائرته في طريق عودته من الولايات المتحدة الأميركية إلى الخرطوم في إبريل من عام 1985.

الاستناد القانوني

يُقدم المتهمون للمحاكمة استناداً للمادة 69 من القانون الجنائي السوداني لعام 1983 الخاصة بتقويض النظام الدستوري، والمادة 78 من القانون ذاته التي تنص على الاشتراك في الفعل الجنائي، علماً بأن المادة 69 قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، إلا أنه قد يستفيد بعض المتهمين من الإصلاحات القانونية الجديدة للقانون الجنائي السوداني لعام 1991 التي اعتمدتها الحكومة الانتقالية مؤخراً، والتي تلغي عقوبة الإعدام لمن تجاوز عمره 70 عاماً.

وعلى الرغم من أن البشير وبكري حسن صالح (نائبه الأول السابق) رفضا التحدث إلى لجنة التحقيق إلا أنهما سوف يمثلان أمام المحكمة.

كورونا يرفع الجلسة الأولى

وفيما يتعلق بسير المحاكمة فقد رفع القاضي الجلسة الأولى بناء على طلب من هيئة الدفاع وتم تأجيل المحاكمة إلى الـ11 من أغسطس المقبل، لعدم توفر الاشتراطات الصحية في قاعة المحكمة من ناحية التباعد الاجتماعي لكثرة عدد المحامين المدافعين عن البشير، وذكرت المحكمة أنها سوف تسمح لهيئة الدفاع وأسر المتهمين بمقابلة المتهمين، وسوف تراجع الإجراءات الصحية والوقائية الخاصة بمقر المحكمة من ناحية توفر الاشتراطات الصحية وتوفر شروط التباعد الاجتماعي فيما يتعلق بالإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة كرونا. كما ذكرت المحكمة أيضاً أنها سوف تتيح لكل شخص الفرصة لعرض قضيته وتقديم دفوعاته، وأنها سوف تقف على مسافة واحدة من الجميع. 

شكوك فريق الدفاع

وعلى الجانب الآخر، تشكك هيئة الدفاع عن الرئيس السابق عمر البشير في حيادية المحكمة، فقد وصف رئيس فريق الدفاع عن البشير المحامي هاشم الجعلي المحاكمة بالسياسية وقال إنها تستهدف الحركة الإسلامية وتوصمها بالإرهاب وإنها تجري في جو عدائي ضد المتهمين من قبل أجهزة تنفيذ القانون.

وعلى صعيد الشارع السوداني فقد حظيت المحاكمة بصدى إيجابي واسع، برغم الاحتجاج المحدود الذي قاده أتباع نظام البشير أمام المحكمة، إذ يرى كثيرون أنها تؤسس لاستدامة النظام الديمقراطي وتشكل نوعاً من الردع لمنفذي الانقلابات العسكرية.

التاريخ القريب

وكان البشير قد أدين في ديسمبر 2019 الماضي عقب توجيه اتهامات بحقه بالفساد وأصدرت المحكمة حكماً بالتحفظ عليه في دار للإصلاح والتأهيل الاجتماعي لمدة عامين. وبالإضافة إلى ذلك فإن الرئيس السابق مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2007 عقب اتهامه من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في ذلك الحين "لويس أوكامبو" بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في عام 2004 في إقليم دارفور غربي البلاد.

وتأتي محاكمة البشير بعد عام وأربعة أشهر من الإطاحة به في أعقاب ثورة شعبية حاشدة، وتولى مقاليد الحكم بعدها مجلس عسكري، ومن ثم حكومة انتقالية تم تكوينها استناداً إلى وثيقة دستورية تم توقيعها في الـ17 من يوليو من عام 2019، تم بموجبها تقاسم السلطة بين المجلس العسكري والقوى المدنية على أن تستمر 39 شهراً يتم بعدها إجراء انتخابات عامة.