
كشفت مصادر مصرية لـ"الشرق" أن تركيا قدمت عرضاً للسلطات المصرية، خلال اتصال أمني رفيع المستوى في يوليو الماضي، يشمل إغلاق جميع القنوات المعادية لمصر، والتي تُبث انطلاقاً من الأراضي التركية، وتسليمها عدداً من أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين"، المتهمين بارتكاب جرائم "إرهاب"، لمحاكمتهم أمام القضاء المصري، مقابل الدخول في حوار سياسي بينهما، يشمل تبادل الزيارات، وهو ما رفضه الجانب المصري.
وأفادت المصادر بأن السفارة المصرية في أنقرة استضافت اجتماعاً بين الوفدين الأمنيين المصري والتركي، حيث أكد المسؤول الأمني التركي رغبة بلاده في إجراء حوار أمني، يمكن تطويره بعدها إلى تقراب سياسي، كما اشترط مفاوضات سرية فقط بين البلدين، وليست علنية، وأن يكون هناك فصل بين الملفات الأمنية والسياسية.
وأشارت المصادر إلى أن "الجانب التركي قدّم خلال هذا الاجتماع أيضاً، لائحة تضم أسماء من جماعة الإخوان المسلمين يمكن تسليمهم فوراً، ولائحة بأسماء يمكن التفاوض عليهم، ولائحة أخرى فيها أسماء عدد من قادة الإخوان، الذين حصلوا على الجنسية التركية، بما يمنع تسليمهم".
الرفض المصري
وأفادت المصادر بأن "القاهرة اعتبرت أن العرض التركي ليس كافياً لطي صفحة الخلاف بين الدولتين، والدخول في حوار سياسي بينهما. وأكدت أن ما قدمته تركيا حتى الآن لتحقيق المصالحة بين البلدين، غير كاف، وأن على أنقرة الاستجابة للشروط المصرية بتغيير كامل في سياستها".
وأكدت المصادر أن القاهرة أبلغت أنقرة بأن المطلوب من تركيا "ليس فقط وقف دعم جماعة الإخوان الإرهابية"، بل أيضاً "تغيير السياسة التركية العدوانية تجاه الدول العربية". وأوضحت أن الجانب المصري شدد على أن "تغيير السياسة التركية، شرط لمصالحة شاملة مع مصر والدول العربية والأوروبية". وذكّرت المصادر بأن تركيا "تستضيف عناصر إرهابية شديدة الخطورة على الأمن القومي المصري، تتخذ من تركيا منطلقاً لتنفيذ مخططاتها ضد مصر".
وجمدت القاهرة أي مفاوضات أو محاولات تنسيق أمني مع أنقرة، على خلفية استمرار التصريحات المسيئة لمصر، كان آخرها حديث وزير الخارجية التركي مولودجاويش أوغلو مع قناة "سي إن إن ترك"، الذي تضمن، من بين إشارات مختلفة، "تناولاً سلبياً حول ما شهدته مصر من تطورات سياسية اتصالاً بثورة 30 يونيو"، وفق ما أفاد به بيان للخارجية المصرية السبت.
طلب تركي آخر في سبتمبر
وكشفت المصادر لـ"الشرق"، أن "أنقرة طلبت الاجتماع مع مسؤولين أمنيين مصريين، آخرها منذ ما يقارب 10 أيام، ولكن القاهرة رفضت مجدداً". وكشفت أن أنقرة "اقترحت اجتماعات تشاورية في مصر وتركيا وأحد الدول الأخرى، ولكن مصر رفضت أيضاً".
وأشارت إلى أن "الاستخبارات التركية أرسلت خطاباً جديداً، يطالب بفصل التنسيق الأمني عن الملفات السياسية، رفضته القاهرة تماماً".
وأكدت المصادر أن "أنقرة تطلق التصريحات عبر مسؤوليها، تستهدف مصر، وفِي السر ترسل مخاطبات سرية للجلوس مع مصريين". ورأت أن "تركيا وبحسب التقديرات المصرية، باتت في وضع ضعيف جداً من الناحية الاستراتيجية، وتريد من يلقي لها طوق النجاة".
وأضافت المصادر أن "الرئيس التركي وكبار مساعديه، حاولوا بشكل متكرر التصريح بوجود اتصالات مع مصر من أجل منع انهيار هذه اللقاءات".
ولم تحقق الاجتماعات التركية المصرية تقدماً، بسبب "تمسك مصر بضرورة تغيير تركيا سياستها بشكل واضح ومعلن"، وفقاً لما أفادت المصادر المصرية.
وتشهد العلاقات المصرية التركية حالاً من التوتر منذ 30 يونيو 2013، بعدما أسقطت تظاهرات حاشدة الرئيس السابق محمد مرسي، الحليف القوي لأنقرة.
وزادت حدة الخلاف بين القاهرة وأنقرة، بعد التدخل العسكري التركي في ليبيا، ودعمها حكومة المجلس الرئاسي في طرابلس، وهو اعتبرته مصر "تصعيداً للأزمة في ليبيا، وخطراً على الأمن القومي المصري، بسبب تواجد ميليشيات ومرتزقة، جلبتهم تركيا إلى الأراضي الليبية".
ويختلف البلدان أيضاً في شرق البحر المتوسط، بسبب اتفاق مصري يوناني على ترسيم الحدود من جهة، واتفاق تركي مع حكومة المجلس الرئاسي على ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية من جهة أخرى.