
وقّعت مصر والعراق، الأحد، 15 اتفاقاً ومذكرة تفاهم وبروتوكول تعاون، بهدف تعزيز التعاون الثنائي المشترك بين البلدين، في إطار زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى العاصمة العراقية بغداد، كما اتفق الجانبان على إنشاء آلية "النفط مقابل الإعمار".
وبرزت ملامح التعاون بين البلدين عبر 10 مذكرات تفاهم، شملت مجالات النفط والثروة المعدنية، والموارد المائية والري، والطرق والجسور، والإسكان والتشييد، والتدريب وتبادل الخبرات في مجال العدل والقضاء، وحماية البيئية، والصحة والدواء، إلى جانب مجال اتفاقيات منظمة التجارة العالمية وتنظيم المعارض.
كما شملت اتفاقات التعاون الأسواق المالية والبورصة، والنقل البحري، ومكافحة الإغراق والوقاية لدعم المجال الصناعي بين البلدين.
مدبولي: نعارض التدخلات الخارجية في العراق
وألقى مصطفى مدبولي كلمة في الجلسة الرئيسية لاجتماعات اللجنة العليا المصرية العراقية المشتركة، التي ترأس الجانب العراقي فيها مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي، بمشاركة أعضاء الجانبين المصري والعراقي، وعدد من المسؤولين الحكوميين بالبلدين.
وأشاد مدبولي بما تم التوافق المبدئى حوله بشأن أهمية إنشاء "آلية النفط مقابل الإعمار"، من خلال تنفيذ الشركات المصرية مشروعات تنموية فى العراق، مقابل كميات النفط التى سوف تستوردها مصر من العراق.
وأكد "ثوابت السياسة المصرية تجاه العراق، التي ترتكز على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق وسيادته، ورفض كل أشكال التدخلات الخارجية في شؤونه، أو الاعتداءات غير الشرعية داخل حدوده"، مشدداً على "تفهم مصر الكامل للخصوصيات السياسية والتاريخية والجغرافية للعراق، والتي تؤهله لأن يكون ساحة لتلاقي المصالح وليس لتعارضها، أو للتنافس الإقليمي والدولي".
وأشار مدبولي إلى أن "مصر والعراق لديهما إمكانات إنتاجية وتصديرية كبيرة، ويجب مضاعفة استثمارها لزيادة حجم وقيمة التجارة البينية، بالإضافة إلى العمل سوياً لإزالة العوائق كافة أمام انسياب البضائع بين البلدين"، مضيفاً: "نستهدف زيادة التعاون في مجالات البترول والغاز، بما في ذلك إنشاء شركات مشتركة للصناعات الكيماوية، واستغلال ما تذخر به بلادنا من ثروات معدنية، وتصنيعها بدلاً من تصديرها في صورتها الخام".
وأكد رئيس الوزراء المصري، في بيان، استعداد مصر لنقل ما يتوافر لديها من خبرات في مجالات الكهرباء والطاقة، وأيضاً زيادة التعاون في مشروع الربط الكهربائي مع العراق، بالتنسيق مع الأردن، مشيراً إلى تطلع مصر لتفعيل أطر التعاون في مجالات تنمية وتطوير المشاريع المتوسطة، والصغيرة، والمتناهية الصغر.
إعمار المناطق المحرّرة
بدوره، دعا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الشركات المصرية للمشاركة في إعادة إعمار المناطق "المحررة"، خلال اجتماع "اللجنة العليا العراقية المصرية المشتركة"، الذي ترأسه رفقة نظيره المصري.
وأكد المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي في بيان "أهمية الاستفادة من التجربة المصرية في قطاع الإسكان والإعمار"، كما أشاد بموقف مصر "الداعم للعراق في حربه ضد تنظيم داعش".
وكانت اللجنة العليا العراقية - المصرية المشتركة قد بدأت أعمالها التحضيرية في بغداد، الأربعاء الماضي، حيث تتركز المباحثات على مناقشة تعزيز التعاون بين البلدين في عدد من القطاعات، خاصة الاقتصادية والاستثمارية.
تشابه اقتصادي
الخبير الاقتصادي العراقي باسم جميل أنطوان، قال لـ"الشرق"، إن "التشابه بين اقتصادي البلدين يأتي من أن نشأتهما جاءت من أرضية زراعية، قبل دخول الصناعة، ثم هيمنة القطاع العام على المشاريع، التي سرعان ما أثبتت فشلها وتحولت إلى عثرة أمام النمو".
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن "مصر سبقت العراق في التخلص من تلك العثرة عن طريق خصخصة المشاريع، وبدأ العراق الآن يحذو حذوها".
وتابع: "دعوة الكاظمي للشركات المصرية للمساهمة في إعادة إعمار المناطق المحررة خطوة جيدة جداً، بحكم وجود شركات إعمار وبناء في مصر، لديها خبرة كبيرة في الإنجاز وتفهم الوضع بشكل عام، وهم أقرب إلينا من أي دولة أخرى".
ولفت أنطوان إلى أن مصر قطعت أشواطاً مهمة في عملية التطور الاقتصادي، وكانت ظروفها أشبه بظروف العراق، مشيراً إلى أنه يمكن الاستفادة من التجربة المصرية في بناء اقتصاد سليم وتدريب العمالة العراقية.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأعمال المصري العراقي المشترك، اجتماعاً على هامش اللجنة العليا، بمشاركة رجال أعمال مصريين وعراقيين في بغداد، لوضع التصورات التفصيلية للدخول في شراكات تجارية واستثمارية تخدم مصالح البلدين.
وقال الخبير الاقتصادي العراقي فلاح اللامي، لـ"الشرق"، إن العراق لا بد له من أن ينفتح على الجانب العربي في جميع المجالات، خصوصاً أن مصر لديها خبرة في قطاع الصناعات الغذائية، والمجال السياحي والثقافي، وهو ما يمكن أن يكون إيجابياً بالنسبة لبغداد.