
كشف مسؤولون فلسطينيون ودبلوماسيون غربيون لـ "الشرق" أن رئيسة سويسرا، سيمونيتا سوماروغا، اقترحت مؤخراً التوسط بين الفلسطينيين وإسرائيل، لكنهم أبدوا تشاؤمهم إزاء إمكانية قبول إسرائيل بالوساطة.
وأبلغ مسؤول فلسطيني رفيع "الشرق" أن الرئيسة السويسرية أجرت اتصالاً هاتفياً مع نظيرها الفلسطيني محمود عباس، الاثنين الماضي، وعرضت عليه التوسط بين الجانبين، وأنه رحب بذلك مشترطاً أن تكون الوساطة على أساس قرارات الشرعية الدولية، لا خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ونقل المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، عن الرئيسة السويسرية قولها للرئيس عباس في المكالمة الهاتفية، إنها ترى أن "الحوار هو الحل الوحيد"، وأن عباس رد عليها بالقول: "وأنا أرحب بالحوار على أساس قرارات الشرعية الدولية، لا على أساس خطة ترامب التي تمنح إسرائيل أجزاء واسعة من الأرض الفلسطينية".
وحسب المسؤول ذاته، فإن الرئيسة السويسرية ردت على الرئيس عباس قائلة: "نعم، وسويسرا تؤمن بالشرعية الدولية، وترى أن قرارات الأمم المتحدة تشكل قاعدة للحوار والاتفاق".
وأشار المسؤول إلى أن الرئيسة السويسرية أبلغت الرئيس عباس، في الاتصال الهاتفي، نيتها التواصل مع الجانب الإسرائيلي لتقديم العرض ذاته، مشيراً إلى أنه ينتظر نتيجة هذه الاتصالات.
وأفاد دبلوماسي غربي في حديثه لـ"الشرق" بأن الرئيسة سوماروغا أكدت لنظيريها الفلسطيني والإسرائيلي، أن بلادها صاحبة خبرة كبيرة في الوساطة، مشيرة إلى الجهود السويسرية التي أثمرت التوصل إلى اتفاق فلسطيني - إسرائيلي غير رسمي في عام 2003 حمل اسم "مبادرة جنيف".
"مبادرة جنيف"
ونصت "مبادرة جنيف" التي توصل لها فريقان، فلسطيني بقيادة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، وإسرائيلي بقيادة المفاوض السابق الذي توصل إلى اتفاق أوسلو، يوسي بيلين، على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على حدود عام 1967، مع تبادل أراضٍ بنسبة 2.1%.
ومنحت المبادرة إسرائيل حق الاحتفاظ بنقطتي مراقبة عسكرية في أراضي الدولة الفلسطينية، واحدة على جبل العاصور، شرق رام الله، والثانية على جبل عيبال، شمال مدينة نابلس.
واشتملت أيضاً، على انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من غور الأردن خلال 36 شهراً، وعلى بقاء نقطة مراقبة إسرائيلية في الغور لمدة 72 شهراً.
كما أكدت الاتفاقية غير الرسمية على إقامة عاصمة لدولة فلسطين في القدس الشرقية، مع بقاء سيادة إسرائيلية على "حارة اليهود" والشارع المؤدي إليها، والمار من حارة الأرمن في البلدة القديمة، وعلى وجود دولي من أجل "الرقابة والتحقق" في البلدة القديمة.
واقترحت المبادرة حلاً لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفق 4 خطوط، الأول، عودتهم إلى الاقامة في الدولة الفلسطينية، والثاني توطين عدد منهم في الدول المضيفة حالياً، والثالث استضافة دول أجنبية مثل كندا لأعداد من اللاجئين، والرابع، عودة عدد منهم إلى دولة إسرائيل، على ألا يزيد على العدد الذي ستستضيفه إحدى الدول الأجنبية.
"نتنياهو لن يقبل"
واستبعد مسؤولون فلسطينيون قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الوساطة السويسرية.
وقال الدكتور أحمد جميل عزم، مستشار رئيس الوزراء، لـ"الشرق" إن "نتنياهو يرفض كل الدعوات للمفاوضات على أساس قرارات الأمم المتحدة، ويصر على التمسك بخطة ترامب، لأنها تمنحه أكثر من 30% من مساحة الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية كاملة والأغوار والمستوطنات".
وأضاف أن "الرئيس محمود عباس قدم ردوداً إيجابية على كل الدعوات الدولية للعودة إلى المفاوضات على أساس الشرعية الدولية والرعاية الدولية، لكن نتنياهو أفشل كل هذه الجهود واختار الاحتلال والاستيطان والضم".
واستبعد ياسر عبد ربه قبول نتنياهو لمبادرة جنيف أساساً لأي مفاوضات مقترحة. وقال لـ "الشرق" إن "مبادرة جنيف تقدم حلاً واقعياً ممكناً في حال وجود شريك إسرائيلي يسعى إلى الحل السياسي، لكن نتنياهو لا يفكر في الحل، وإنما في الضم، وفي حصر الفلسطينيين داخل معازل سكانية".