
نفت القاهرة، أمس الأحد، أي صلة لها بالاضطرابات التي تشهدها إثيوبيا، وذلك في أول تعليق رسمي على التلميحات الصادرة عن كبار المسؤولين في أديس أبابا بوجود "أيادٍ خارجية" وراء موجة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن القنصل المصري في الخرطوم، أحمد عدلي إمام، القول إن: "القاهرة لا علاقة لها بالتوترات الأمنية داخل إثيوبيا. وعلى إثيوبيا تحمل مسؤوليتها تجاه قضاياها الداخلية، وألا تعلق الأزمات على شماعات خارجية".
كما نفى إمام أيضاً سعي مصر لإقامة قاعدة عسكرية في دولة جنوب السودان.
ووصف رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اغتيال المغني الشعبي هاشالو هونديسا وأعمال العنف التي اندلعت بعد الجريمة بـ "المحاولات المنسقة" لزعزعة استقرار البلاد. وقال في خطاب تلفزيوني الثلاثاء الماضي، إن قتل هونديسا، “عمل شرّير، ارتكبه وحرّض عليه أعداء من الداخل، والخارج".
وساطة إريترية؟
وتأتي هذه التصريحات في وقت من المنتظر أن يستقبل فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، الذي يبدأ الأحد زيارة إلى القاهرة تستمر ثلاثة أيام، بعد زيارات مماثلة لكل من السودان وإثيوبيا.
وتربط إريتريا حالياً علاقات جيدة مع إثيوبيا عقب حلّ الخلافات العالقة بينهما بعد وصول آبي أحمد إلى السلطة في أديس أبابا، ومصالحة الحكومة الإثيوبية مع "جبهة تحرير أورومو" سنة 2018 والتي كانت تتخذ من العاصمة الإريترية أسمرة مقراً لها، في وقت كانت الحكومة الإثيوبية تعتبرها "حركة إرهابية".
غير أن العلاقات الأوثق إفريقياً بالنسبة لإريتريا تظل من نصيب مصر التي ساندت استقلالها في التسعينات عن إثيوبيا.
وهذه هي الزيارة الخامسة لأفورقي إلى القاهرة منذ وصول الرئيس السيسي إلى الحكم سنة 2014، كما تتردد على أسمرة بشكل دوري وفود سياسية وعسكرية مصرية، وترتبط الدولتان باتفاقات للتعاون الاقتصادي.
ولم يستبعد مراقبون أن يكون الهدف من الزيارة محاولة لعب دور وساطة في أزمة مفاوضات سد النهضة. إلا أن مصدراً واسع الاطلاع تحدث لـ "الشرق"، ووصف موقف إريتريا بأنه "داعم ومساند لمصر أكثر منه وسيطاً".
تحوّل بمفاوضات السد
وتزامنت زيارة الرئيس الإريتري إلى القاهرة وصدور أول نفي مصري لاتهامات إثيوبيا حول سبب اشتعال مظاهرات في مدنها من أبناء قومية الأورومو، مع بدء جلسات اليوم الثالث من جولة المفاوضات حول سد "النهضة" الإثيوبي برعاية الاتحاد الإفريقي.
وتحولت طريقة التفاوض بعد الفشل في إحراز تقدم خلال اليومين الأولين، وتقرر عقد ثلاثة لقاءات ثنائية بين وفود المراقبين وممثلي كل من مصر والسودان وإثيوبيا. بدلاً من أسلوب المؤتمرات الموسعة بمشاركة جميع الوفود التي كانت تتم بها الاجتماعات.
وأوضح المصدر أن كل دولة من أطراف النزاع الثلاثة ستعرض وجهة نظرها واقتراحاتها لعناصر الاتفاق النهائي، ثم يتدخل المراقبون للمناقشة حول ما تم عرضه. وبعد انتهاء هذه الجلسات تجتمع وفود المراقبين الذين يمثلون 11 دولة وجهة من إفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة لإعداد تقرير يتم مناقشته بحضور الدول الثلاث.
وتوقع المصدر في حديث مع "الشرق" أن يتضمن تقرير المراقبين حلولاً لتقريب وجهات النظر بين مصر وإثيوبيا، وكذا وجهة نظر الخبراء الفنيين من الدول الإفريقية حول النقاط محل الخلاف، مشيراً إلى أن طريقة إدارة هذه الجولة من المفاوضات "لم يتم الإعداد لها جيداً من جانب جنوب إفريقيا التي تترأس الاتحاد الإفريقي حالياً، ولم يتم إطلاع المراقبين على أوراق ونتائج المفاوضات السابقة، كما لم يتم إرسال أية أوراق لهم قبل الاجتماعات، على عكس الجولة السابقة التي ترأسها السودان.
وقال المتحدث باسم وزارة الري والموارد المائية محمد السباعي، إن أهم نقاط الخلاف في الوقت الراهن هي كيفية تشغيل بوابات السد في حالات الجفاف، وكذلك الشق القانوني المتعلق بإلزامية الاتفاق وكيفية حل النزاعات في المستقبل.