هل تشهد تركيا ولادة حلف سياسي معارض؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
 زعيم "حزب الشعب الجمهوري" كمال كليجدار أوغلو رفقة رئيس "حزب المستقبل" أحمد داوود أوغلو - الشرق
زعيم "حزب الشعب الجمهوري" كمال كليجدار أوغلو رفقة رئيس "حزب المستقبل" أحمد داوود أوغلو - الشرق
تركيا - آلاء جول

تساؤلات عدة حول بدء تبلور ملامح حلف سياسي تركي معارض، أثارتها زيارة قام بها كمال كليجدار أوغلو، زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة التركية، إلى مقر "حزب المستقبل" (معارض)، في العاصمة التركية أنقرة، حيث التقى رئيس الوزراء السابق، المنشق عن "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، أحمد داوود أوغلو.

زيارة زعيم أكبر الأحزاب التركية المعارضة كليجدار أوغلو، وهي الأولى لحليف الحكومة التركية السابق، داوود أوغلو، الذي انشق في سبتمبر العام الماضي، وأعلن تأسيس حزبه المعارض في نهاية 2019، جاءت في إطار "التهنئة" بتأسيس "حزب المستقبل"، بحسب ما أفاد بيان صادر عن "حزب الشعب الجمهوري".

رئيسا الحزبين التركيين كشفا في مؤتمر صحافي مشترك، أعقب لقاء استمر لمدة ساعتين، عن أهم ما تم نقاشه خلال الاجتماع، في ما يخص العلاقات بين الأحزاب المعارضة، والمسائل الداخلية في البلاد، والقضايا الإقليمية المرتبطة بالسياسة الخارجية للحكومة التركية.

خط دبلوماسي داخلي

وبحسب تصريحات المسؤولين المعارضين، تم خلال الاجتماع تأكيد ضرورة فتح خط دبلوماسي داخلي، بين الأحزاب التركية، يجمع السياسيين بشكل دوري، لمناقشة التحديات والأزمات التي تعيشها البلاد، وتقريب وجهات النظر، من أجل التوصل إلى خطاب سياسي موحّد في مواجهة الأنظمة الاستبدادية التي تسعى لتقويض مبادئ الديمقراطية (في إشارة للنظام الحاكم برئاسة رجب طيب أردوغان).

وقال زعيم "حزب الشعب الجمهوري": "نفتقد الديمقراطية في تركيا التي تتيح للجميع إمكانية التعبير عن رأيه بكل حرية، لقد ناقشنا مع داوود أوغلو مشاكل البلاد الداخلية، والأزمات الخارجية، واستمعنا لأفكار حزب المستقبل حول هذه المسائل، ونرى أن تبادل وجهات النظر ضروري جداً في مواجهة هذه المشاكل"

من جهته، قال رئيس "حزب المستقبل" أوغلو: "نحن مصممون على مواصلة المشاورات المشتركة من الآن وصاعداً، فالبلاد تمرّ بمرحلة حرجة، من ناحية الظروف الاقتصادية الصعبة، والأزمات الخارجية، وأرى أن زيارة كليجدار أوغلو بداية للقاءات متواصلة في الأيام القادمة". كما أعرب داوود أوغلو عن شكره وامتنانه لزيارة زعيم أقدم حزب سياسي تركي، إلى المقر الرئيسي لحزب المستقبل في أنقرة.

تطبيع سياسي

رداً على سؤال بشأن مدى أهمية توطيد العلاقات بين الأحزاب السياسية التركية، قال عيسى مسيح شاهين، وكيل حزب "المستقبل" بإسطنبول، لـ"الشرق"، إنه "يجب أن ننظر إلى زيارة السيد كلجدار أوغلو، كزيارة مجاملة سياسية".

وأضاف: "في السياسة يجب أن نضع العلاقات الإنسانية في جانب، والمنافسة السياسية في جانب آخر. يلزمنا كأحزاب سياسية أن نبني العلاقات في ما بيننا على أساس التسامح، مع استمرار التنافس بيننا".

ولفت إلى أن "بعض الأطراف لا يمكنها تحمل هذه اللقاءات وإن كانت في إطار المجاملة، وبصفتنا حزب المستقبل نؤمن بأن التطبيع السياسي مهم ويجب أن ينتهي الاستقطاب السياسي في تركيا، ولهذا السبب، نسعى جاهدين لمواصلة طريقنا بأسلوب سياسي شامل وبلغة جديدة، لغة المجاملة من منطلق أن الفائز بهذه اللغة والأسلوب السياسي الجديد سيكون تركيا"

السياسة الخارجية

وانتقد زعيم الحزب الجمهوري النهج السياسي الذي تسلكه الحكومة التركية في سياستها الخارجية، إذ قال كليجدار أوغلو إن "تركيا اليوم تعيش عزلة بسبب سياسة السلطات الخاطئة"، لافتاً إلى أن بلاده "لم تعد فاعلاً رئيسياً لإرساء الاستقرار في المنطقة".

ورأى أن وزارة الخارجية التركية معطلة تماماً عن رسم السياسية الخارجية للبلاد. واعتبر كليجدار أوغلو سحب سفينة "أوروتش رئيس" من شرق البحر المتوسط (سفينة تركية تقوم بمسح جيولوجي للتنقيب على النفط والغاز في مناطق متنازع عليها مع اليونان وقبرص) تراجعاً عن حماية المصالح التركية". ورد أسباب الانسحاب إلى "رضوخ تركيا لأوامر جهات وأطراف خارجية".

أما رئيس حزب المستقبل أوغلو، الملقب بـ"مهندس السياسة الخارجية التركية"، فأكد دعم حزبه للسياسة الخارجية بشكل عام، وقال إنها تسير في الخط "الصحيح"،  فيما أبدى تحفظه على بعض النقاط المتعلقة بالشق الدبلوماسي، مشدداً على ضرورة التفاوض مع مصر بشأن المناطق الاقتصادية شرق البحر المتوسط، حيث تقع أكبر ثلاثة قطاعات اقتصادية في تركيا (السياحة في أنطاليا، والتجارة الحرة والتجارة الخارجية في مرسين، والطاقة في جيهان) على سواحل المتوسط، وهو العقدة التي تربط القطاعات الثلاثة بالعالم.

تحالف معارض

وعلى الرغم من نفي زعيم حزب الشعب الجمهوري التباحث مع داوود أوغلو حول تشكيل تحالف معارض، قبل الانتخابات العامة المقبلة المقرر إجراؤها عام 2023، وتأكيد الأخير أنهما ركزا في الاجتماع على أزمات البلاد، فإن زيارة كليجدار أوغلو إلى لمقر حزب المستقبل، فتحت الأبواب أمام احتمال تشكيل تحالف، مستقبلاً، في مواجهة تحالف الشعب (يجمع حزب العدالة والتنمية، الحاكم، وحزب الحركة القومية) الذي أعلن في 20 فبراير عام 2018، قبيل الانتخابات العامة التي أجريت العام ذاته.

وقبل الإعلان عن التحالف بشكل رسمي، أسهم اتفاق الحزبين في إدخال تعديلات مؤلفة من 18 مادة على الدستور التركي، عبر استفتاء أجري في عام 2017، وكان أبرزها الانتقال من النظام البرلماني، إلى النظام الرئاسي، إضافة إلى مسودات قانون عدة تحولت إلى قوانين رسمية بفضل تحالف الشعب الذي تشكل أصواته أغلبية في البرلمان التركي.

وحول تشكيل تحالف معارض لتحالف الشعب، قال الكاتب المعارض والصحافي في صحيفة "جمهوريات" مصطفى كمال آردامول، لـ"الشرق" إن "تشكيل تحالف معارض في مواجهة تحالف الشعب الحاكم يعد أمراً ممكناً، خصوصاً أن كمال كليجدار أوغلو صرّح سابقاً حول إسقاط الحكومة مع (الأصدقاء الجدد) بشكل مشروع، في إشارة للأحزاب المعارضة الجديدة التي خرجت من رحم الحزب الحاكم". وأضاف: "بما أن هناك نقاطاً وقواسم مشتركة عدة تم نقاشها بين الزعيمين، كليجدار أوغلو وداوود أوغلو، فلا أستبعد أن تتم مناقشة موضوع التحالف مستقبلاً بين الحزبين".

تجدر الإشارة إلى أن احتمال تشكيل تحالف معارض ازداد قوة، نظراً لما تحمله زيارة كليجدار أوغلو من دلالات سياسية، خصوصاً أن رئيسة "الحزب الجيد" المعارض، ميرال اكشنار، أجرت الشهر الماضي زيارة مماثلة، لحزب المستقبل، ولحزب الديمقراطية والنهضة، الذي يرأسه علي بابا جان، وزير الاقتصاد الأسبق المنشق عن حزب العدالة والتنمية أيضاً، في وقت رفضت دعوة زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، للانضمام إلى تحالف الشعب.

وتتزامن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي الأحزاب المعارضة في تركيا، مع  تصاعد الحديث عن انتخابات مبكرة بالرغم من إصرار الحكومة التركية، على القول إن الانتخابات ستجرى في موعدها المقرر في 2023.

ويرى مهتمون بالشأن التركي أن التصريح الذي أدلى به بهجلي قبل أيام، من دون مناسبة، وأعلن فيه أن مرشح تحالف الشعب للانتخابات الرئاسية المقبلة سيكون الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان)، يشكل دليلاً على انتخابات مبكرة ربما تغير ملامح المشهد السياسي في تركيا.