
أعلنت الإدارة الأميركية إعادة فرض جميع العقوبات الأممية على إيران، مع بداية اليوم الأحد بتوقيت غرينتش، ووصفتها بأنها "أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم".
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان إن بلاده تتوقع "من كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الوفاء بالتزاماتها وفقاً للعقوبات على إيران"، التي تشمل تمديداً دائماً لحظر السلاح عليها، محذراً من "العواقب" إذا فشلت الأمم المتحدة في تنفيذ العقوبات على إيران.
وأضاف بومبيو: "إذا فشلت دول أعضاء بالأمم المتحدة في الوفاء بالتزاماتها في تطبيق العقوبات، فالولايات المتحدة مستعدة لاستخدام سلطاتها المحلية لفرض عواقب على هذا الفشل، وضمان ألا تجني إيران ثمار أنشطة محظورة بموجب قواعد الأمم المتحدة".
"فشل مجلس الأمن"
وذكر بومبيو أن "مجلس الأمن فشل في تمديد حظر الأسلحة على إيران، وتقاعسه عن إعادة فرض العقوبات كان من شأنه أن يمهد الطريق لإيران لشراء جميع أنواع الأسلحة التقليدية اعتباراً من 18 أكتوبر"، معتبراً أن "من حسن حظ العالم أن الولايات المتحدة حملت المسؤولية" واتخذت القرار بمنع إيران من الحصول على الأسلحة.
ولفت وزير الخارجية الأميركي إلى أن إيران ملزمة الآن بتعليق أنشطة التخصيب والأنشطة المتعلقة بالماء الثقيل، كما تمنع العقوبات الدول من نقل التقنيات النووية والصاروخية إلى إيران، وتشمل حظر الأسلحة ومنع عمليات التخصيب وحظر اختبار وتطوير الصواريخ الباليستية.
وقال إن "نظام الملالي استخدم أموال الاتفاق النووي لنشر الموت والدمار في اليمن والعراق وسوريا ولبنان"، مشيراً إلى أن الاتفاق "جعل إيران بشكل غير مقبول أقرب ما يكون لامتلاك قدرات نووية خطيرة".
اتفاق جديد
وأكد بومبيو أن واشنطن ستواصل حملة الضغط "القصوى" على إيران حتى تصل إلى اتفاق شامل جديد مع طهران "يكبح تهديداتها التوسعية ويوقفها عن نشر الفوضى والعنف وسفك الدماء".
وتعهد أيضاً بالإعلان خلال الأيام المقبلة عن مجموعة من الإجراءات الإضافية لتعزيز تنفيذ العقوبات ومحاسبة المخالفين.
وتخوض واشنطن هذه المعركة وحيدة ضد القوى العظمى الأخرى، مثل روسيا والصين بالإضافة إلى الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة، إذ رفضت 13 دولة عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن في وقت سابق إعادة العقوبات، واعتبرت خطوة واشنطن "باطلة، كونها تستخدم عملية من داخل الاتفاق النووي الذي لم تعد طرفاً فيه".
رفض إيراني
وقبل ساعات من إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إعادة فرض العقوبات، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، السبت، إن "على المجتمع الدولي الوقوف في وجه البلطجة الأميركية واستخدام العقوبات كلما يحلو لها".
وأضاف في تصريحات للتلفزيون الرسمي الإيراني: "ستواجه الدول الأخرى الأمر نفسه غداً عندما تتخذ أمريكا الخطوة ذاتها ضد مشروع خط أنابيب الغاز (نورد ستريم) ومشروعات أخرى، لأن البلطجي سيواصل سلوكه إذا سمح له مرة واحدة بذلك".
وتقف الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية بقوة ضد مشروع "نورد ستريم 2" لأنابيب الغاز، ويقولون إنه سيزيد من اعتماد أوروبا على الغاز الروسي وسيحرم الدول التي تعبر من خلالها خطوط الأنابيب تلك، مثل بولندا وأوكرانيا، أن يكون لها نفوذ في مواجهة روسيا.
آلية "سناب باك"
وقدّمت الولايات المتحدة الشهر الماضي شكوى إلى مجلس الأمن بشأن انتهاك إيران للاتفاق النووي الذي انسحبت منه، في محاولة لإجبار طهران على التفاوض على شروط اتفاق جديد.
ومنذ انسحابها من الاتفاق، فرضت واشنطن عقوبات قوية من جانب واحد، وردّت طهران بخرق قيود أساسية فرضَها الاتفاق، بما يشمل مخزونها من اليورانيوم المخصّب.
وتقول الولايات المتحدة إنها فعّلت عملية "سناب باك" بموجب قرار مجلس الأمن الصادر في عام 2015 والذي يدرج الاتفاق النووي في منظومته، زاعمة أن القرار لا يزال يعتبرها دولة مشاركة في الاتفاق رغم انسحابها منه، وهو ما تعتبره الدول الأخرى "باطلاً".
وكان على مجلس الأمن بموجب الآلية التصويت خلال 30 يوماً على قرار لاستمرار تخفيف العقوبات المفروضة على إيران. وإذا لم يُعتمد قرار مماثل بحلول الموعد النهائي، يُعاد فرض العقوبات الأممية كافة التي كانت سارية قبل الاتفاق النووي، تلقائياً. ولم يتم طرح مثل هذا القرار للتصويت.
الشهر الماضي، قالت إندونيسيا التي كانت ترأس مجلس الأمن في أغسطس، إنها "ليست في موضع يسمح لها باتخاذ إجراءات إضافية" حيال محاولة واشنطن تفعيل "سناب باك" لأن الأمر لا يحظى بإجماع داخل المجلس.
لماذا ينتهي الحظر؟
في عام 2007، فرض مجلس الأمن حظر الأسلحة على إيران. وينقضي أجل هذا الحظر في 18 أكتوبر المقبل، بموجب الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، والذي رُفعت بموجبه العقوبات الدولية عن طهران مقابل تعهّدها بعدم حيازة السلاح النووي.
لكن ترمب اعتبر هذا الاتفاق الذي تفاوض بشأنه سلفه باراك أوباما "الأسوأ على الإطلاق"، وسحب الولايات المتحدة منه عام 2018 وأعاد فرض العقوبات الأميركية على إيران.
وحاولت إدارة ترمب الشهر الماضي تمديد الحظر المفروض على إيران في مجلس الأمن، ولكنها اصطدمت برفض الدول الأعضاء. ورغم ذلك، فعّل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في 20 أغسطس آلية "سناب باك" التي يُفترض أن تسمح بإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران بعد شهر.
أما الأطراف التي ظلت مشاركة في الاتفاق فأكدت أنها ملتزمة بالحفاظ عليه، فيما شددت إيران على أنه سيظل سارياً رغم الخطوة الأميركية في الأمم المتحدة.
وقالت بريطانيا وفرنسا وألمانيا لمجلس الأمن، أمس الجمعة، إن إعفاء إيران من العقوبات سيستمر إلى ما بعد 20 سبتمبر. وكتب مبعوثو الأطراف الأوروبية الثلاثة في خطاب للمجلس: "عملنا بلا كلل من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي ولا نزال ملتزمين به".
"لا أساس قانونياً"
وتعترض الدول الأعضاء في مجلس الأمن تقريباً على إمكان استفادة واشنطن من قرار مجلس الأمن، غير أن إدارة ترمب تنوي، بحسب وكالة "فرانس برس"، التصرف وكأن العقوبات الدولية أُعيد فرضها على طهران، فيما تعتزم القوى الأخرى التصرف وكأن شيئاً لم يكن.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي أوروبي أن الأميركيين "سيدّعون أنهم فعّلوا آلية سناب باك وبالتالي عودة العقوبات، ولكن هذه الخطوة ليس لها أي أساس قانوني"، لذا لا يمكن أن يكون لها "أي أثر قانوني". وقال دبلوماسي أممي إن الوضع "أشبه بالضغط على الزناد من دون انطلاق الرصاصة".
ماذا ستفعل أميركا؟
بحسب مصادر لـ"رويترز"، يعتزم ترمب إصدار أمر تنفيذي يسمح له بفرض عقوبات على كل من ينتهك حظر الأسلحة التقليدية المفروض على إيران من الأمم المتحدة، في محاولة لتعزيز القرار الأميركي بتمديد العقوبات لما بعد 18 أكتوبر، إلى أجل غير مسمى.
وتوقعت المصادر، الخميس، إصدار الأمر التنفيذي "خلال الأيام المقبلة"، لافتة إلى أنه سيسمح للرئيس بمعاقبة المخالفين "الأجانب" وحرمانهم من الوصول إلى السوق الأميركية، علماً أن الكيانات الأميركية ممنوعة أصلاً من القيام بأي تعاملات متعلقة بالأسلحة مع إيران.
بدورها، نقلت "فرانس برس" عن ريتشارد غوان من مجموعة الأزمات الدولية للوقاية من النزاعات، أن ترمب قد يرغب، قبل 6 أسابيع من خوضه الانتخابات للفوز بولاية ثانية، في "إثارة المفاجأة" أثناء خطابه الثلاثاء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، "عبر إعلانه عقوبة مالية على المنظمة الدولية للتعبير عن "استيائه".
بايدن رئيساً؟
تعوّل إيران على فوز المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأميركية جو بايدن لإنقاذ الاتفاق النووي، إذ قال 3 مسؤولين إيرانيين بارزين لـ"رويترز" إن قيادة بلادهم عازمة على إبقاء التزامها بالاتفاق على أمل أن ينقذه فوز بايدن.
وكان بايدن قد جزم بأنه سينتهج سياسة صارمة مع إيران تمنعها من حيازة سلاح نووي، وقال إنه سيعيد بلاده طرفاً في الاتفاق "كنقطة انطلاق لمتابعة المفاوضات" إذا عادت إيران أولاً لالتزام بنوده كافة.
وتعهد بايدن الذي كان نائباً لأوباما وقت التفاوض على الاتفاق النووي "بالعمل مع حلفاء الولايات المتحدة على تعزيز وتمديد أحكام الاتفاق النووي وشروطه".