
وقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، وثيقة افتتاح قاعدة 3 يوليو البحرية، بمنطقة جرجوب في محافظة مطروح على الساحل الشمالي الغربي لمصر على الحدود مع ليبيا، إيذاناً بافتتاحها رسمياً.
وقام الرئيس السيسي برفع العلم المصري على القاعدة البحرية الجديدة، ثم أطلقت المدفعية 21 طلقة، عقب الافتتاح.
ورافق الرئيس المصري، خلال مراسم الافتتاح، ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، ورئيس المجلس الرئاسي في ليبيا محمد المنفي، كما رافقه وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول محمد زكي، وقائد القوات البحرية الفريق أحمد خالد، وقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة.
وشهد السيسي المناورة العسكرية "قادر 2021"، في القاعدة البحرية الجديدة.
وكانت مصادر مصرية مطلعة قالت لـ"الشرق"، إن افتتاح القاعدة سيشهد المرحلة الأخيرة من المناورة العسكرية الأضخم في مصر، "قادر 2021"، بمشاركة كافة الأسلحة الاستراتيجية، وتجري المناورة بالذخيرة الحية في مياه البحر المتوسط.
من جانبه، قال قائد القوات البحرية المصرية، الفريق أحمد خالد، إن "إنشاء قاعدة 3 يوليو يعكس التزام الدولة بتأمين قناة السويس، وتحقيق الأمن البحري، والمحافظة على حرية الملاحة الدولية، ومنع الهجرة غير الشرعية، إضافة إلى تأمين مقدرات مصر الاقتصادية بالبحر، في منطقة من أهم المناطق الاستراتيجية على مستوى العالم"، بحسب ما أوردت وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وأوضح في كلمته خلال افتتاح القاعدة البحرية الجديدة، أن "قاعدة 3 يوليو تُعد أكبر قاعدة بحرية مصرية، حيث تقام على مساحة 10 ملايين متر مربع، إضافة إلى موقعها الجيوستراتيجي، وتمثل إضافة كبيرة على الاتجاه الاستراتيجي الغربي بالبحر المتوسط".
"إذا فُرض علينا القتال.."
قال العميد ياسر وهبة، مقدم حفل افتتاح قاعدة 3 يوليو البحرية، في كلمته: "إن قدر مصر كان ولا يزال مرهوناً دائماً بقدر أمتها، وتعي مصر جيداً أن أمنها القومي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي".
وأضاف العميد وهبة: "وسعي مصر الدائم لامتلاك القوة يأتي من رغبتها في تحقيق السلام، فلسنا دعاة حروب أو صراعات أو نزاعات. لكننا في الوقت ذاته إذا فُرض علينا القتال دفاعاً عن حقوقنا ومكتسبات شعبنا، فنحن أهله، ودروس التاريخ تؤكد للقاصي والداني أن مصر وإن طال صبرها إلّا أنها لا يمكن أبداً أن تفرط في حق من حقوقها".
وتابع: "ستظل مصر تنبض بالحياة، لترفع أمتها العربية رأسها إلى عنان السماء". واستعان وهبة بعدد من أبيات قصيدة "مصر تتحدث عن نفسها"، لشاعر النيل حافظ إبراهيم، وجاء فيها: "كم بغـت دولـة عليّ وجـارت ثم زالت وتلك عقبى التعدي.. أَمِـن العـدل أنهم يردون الماء صفـواً وأن يُكَّــدر وردي"، مختتماً بقوله: "لا والله.. لن يُكدَّر وردي".
وقال العميد وهبة في كلمته: "أحياناً تأتي الرياح بما تشتهي السفن، لكن على السفن ألّا تأمن غضبة الرياح، ورياح جيش مصر، رياح رشيدة لا تثور ولا تنتفض، إلّا إذا تعلّق الأمر بالأمن القومي المصري والعربي، فإنها تتحول إلى أعاصير لا تُبقي ولا تذر".
وأردف العميد وهبة: "ورجال القوات المسلحة المصرية، يدركون جيداً طبيعة مهامهم في الحفاظ على هيبة وكرامة هذه الأمة، ويقولون لشعبهم إن لم نكن قادرين على ذلك فباطن الأرض أولي بنا من ظاهرها".
لماذا تبني مصر قواعد جديدة؟
مصادر عسكرية مصرية كشفت لـ"الشرق"، السبب الرئيسي والاستراتيجي لبناء الجيش المصري قواعد عسكرية "بحر جوية" على حدودها، وآخرها قاعدة "3 يوليو" البحرية، كأكبر قاعدة عسكرية مُطلة على البحر المتوسط، ومن قبلها قاعدة "برنيس المطلة على البحر الأحمر، مؤكدةً أنها متعددة المهام، وليس لغرض التأمين فقط.
وأوضحت المصادر أن "القواعد العسكرية الجديدة ستسهم في توفير الوقت والمال وسرعة اتخاذ أي قرار بشأن حماية الأمن القومي المصري، وذلك عند حدوث أي أزمة في المياه الإقليمية، أو المياه الاقتصادية الخاصة بمصر، بعدما كان يسبب خروج قطع بحرية من قاعدة الإسكندرية تكلفة مالية عالية للغاية، حتى تصل لمسرح عمليات الأزمات، إضافة إلى عنصر الوقت الذي على أساسه يتم اتخاذ قرارات عسكرية وسياسية مهمة".
وقالت المصادر ذاتها إن قاعدة "3 يوليو" تبعد 140 كيلومتراً من ليبيا، فيما تبعد قاعدت برنيس نحو يومين ونصف إبحار من باب المندب، ونحو 10 ساعات إبحار إلى جدّة السعودية، مشيرة إلى أنها أيضاً "تُمثل دعماً ومساندة إلى الأشقاء في الخليج، تمثيلاً لمقولة الرئيس السيسي (مسافة السكّة)".
وأكدت أنه "لم يسبق للدولة المصرية أن تصبح قواتها البحرية على الأطراف والمحاور البحرية الاستراتيجية بهذا الشكل، خصوصاً مع إعادة تنظيم القوات البحرية للأسطول الشمالي والأسطول الجنوبي، وبينهما قناة السويس، وذلك لضمان المكان المناسب في التوقيت المناسب، خصوصاً بعد الاكتشافات البترولية وحقول الغاز والثروات المملوكة لمصر في مياه المتوسط والبحر الأحمر".
وأشارت المصادر إلى أن "الهدف من تلك القواعد التي تعتمد على بنية أساسية وأسلحة متطورة وعناصر بشرية مؤهلة، هو توفير الدعم المادي واللوجستي لتجميع قتالي، قادر على مجابهة كافة التهديدات على الاتجاهات الاستراتيجية، وكذلك السيطرة على المناطق الحاكمة بنطاقه".
الفرقاطة "الجلالة"
وتفقد السيسي، الفرقاطة "الجلالة" متعددة المهام، بقاعدة 3 يوليو، مستمعاً إلى شرح تفصيلي من عقيد بحري أركان حرب أحمد عصام الدين.
وأضاف أن الفرقاطة، تتمتع بقدرات قتالية في المجالين الجوي والسطحي، والقدرة على الاشتباك مع الأهداف السطحية والساحلية والجوية، باستخدام الذخائر الذكية، التي يصل مداها إلى 86 كم، أثناء تنفيذ مهمة دعم أعمال قتال القوات البرية العاملة بالساحل.
واستعرض إمكانيات الفرقاطة، من موقع عيار 76م، للاشتباك مع الأهداف الجوية والسطحية باستخدام الذخائر الذكية لمسافة تصل إلى 20 كم مع إمكانية إعادة توجيه الطلقة بعد إطلاقها لزيادة دقة الإصابة.
وأشار إلى منظومة صواريخ الدفاع الجوي (استر 15)، و(استر 30)، بعدد 16 صاروخاً بمدى يصل إلى 120 كم، لاستغلال قدرات رادار الإنذار الجوي الرئيسي لاكتشاف الأهداف إلى مدى يصل إلى 300 كم والتعامل مع 200 هدف في نفس الوقت، بالإضافة إلى قاذف صواريخ (سطح - سطح) طراز (أوتومات)، لاشتباك الأهداف السطحية والساحلية بمدى يصل إلى 180 كم، مع إمكانية إعادة توجيه الصاروخ أثناء مرحلة الطيران لزيادة دقة الإصابة.
تهنئة إماراتية
بدوره، هنّأ ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الشيخ محمد بن زايد، مصر "حكومة وشعباً"، بمناسبة تدشين "قاعدة 3 يوليو "، معرباً عن تمنياته لمصر بمواصلة الإنجازات والمشاريع الحيوية النوعية التي تحققها، في مسيرتها نحو التقدم والبناء والتنمية، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
تأمين استراتيجي
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في بيان على فيسبوك، إن "قاعدة 3 يوليو تُعد أحدث القواعد العسكرية المصرية على البحر المتوسط، وتختص بتأمين البلاد في الاتجاه الاستراتيجي الشمالي والغربي، وصون مقدراتها الاقتصادية، وتأمين خطوط النقل البحرية والمحافظة على الأمن البحري باستخدام المجموعات القتالية من الوحدات السطحية، والغواصات والمجهود الجوي".
وأوضح أن "قاعدة 3 يوليو تمثل إضافة جديدة لمنظومة القواعد البحرية المصرية، وذلك ضمن خطة التطوير الشاملة للقوات البحرية، بحيث تكون نقاط ارتكاز ومراكز انطلاق للدعم اللوجستي للقوات المصرية في البحرين الأحمر والمتوسط، لمجابهة أي تحديات ومخاطر قد تتواجد بالمنطقة، وكذلك مكافحة عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية".