احتفظ الليبراليون في كندا بزعامة رئيس الوزراء مارك كارني بالسلطة في الانتخابات العامة التي جرت الاثنين، فيما توقعت شبكة CTV News فشلهم في تشكيل حكومة أغلبية تساعد في التفاوض على الرسوم الجمركية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ويتقدم الحزب اليبرالي أو فاز في 167 دائرة انتخابية، يليه حزب المحافظين الذي فاز في 145 دائرة مع استمرار فرز الأصوات، إذ كان الليبراليون بحاجة إلى الفوز بـ172 مقعداً في مجلس العموم (البرلمان) من أصل 343 للحصول على أغلبية تُمكنهم من الحكم دون دعم حزب أصغر.
وقد تُحدد مقاطعة كولومبيا البريطانية، الواقعة في أقصى غرب البلاد، والتي أُغلقت فيها صناديق الاقتراع، ما إذا كان الليبراليون سينجحون في تشكيل حكومة أغلبية.
وتوقعت "هيئة الإذاعة الكندية" فوز الليبراليين، لكنها لم توضح بعد ما إذا كانت تتوقع حكومة أقلية أم أغلبية، لكن النتيجة تتوج عودة ملحوظة لليبراليين، الذين كانوا متأخرين بـ20 نقطة في استطلاعات الرأي يناير الماضي، قبل إعلان رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو استقالته، وشروع ترمب في تهديداته بفرض رسوم جمركية، وضم كندا.
وقال كارني في خطاب الفوز في أوتاوا: "انتهت علاقتنا القديمة مع الولايات المتحدة، تلك العلاقة التي كانت قائمة على تكامل يزداد باستمرار".
وأضاف: "انتهى نظام التجارة العالمية المفتوحة الذي رسخته الولايات المتحدة، وهو نظام اعتمدت عليه كندا منذ الحرب العالمية الثانية، نظام، وإن لم يكن مثالياً، إلا أنه ساهم في تحقيق الرخاء لبلدنا على مدى عقود. إنها مآسي، لكنها واقعنا الجديد أيضاً"، موضحاً أن الأشهر المقبلة ستكون مليئة بالتحديات وتتطلب تضحيات".بحسب ما أوردته هيئة الإذاعة الكندية CBC.
المحافظون يقرون بالهزيمة
بدوره، هنأ زعيم حزب المحافظين، بيير بويليفر، كارني، قائلاً، إن المحافظين "سيقومون بواجبهم في محاسبة الحكومة".
وأضاف: "التغيير ضروري، لكن تحقيقه صعب. يتطلب وقتاً وجهداً. سيتعلم الحزب دروساً من هذه الانتخابات لتحقيق نتيجة أفضل في المرة المقبلة"، فيما سلط الضوء على نجاحات حزبه في الانتخابات، ولم يتطرق إلى الخلافات داخل الحركة المحافظة، قائلاً: "لقد فعلنا كل هذا في بيئة صعبة".
وأضاف: "إلى زملائي المحافظين، لدينا الكثير لنحتفل به الليلة"، مشيراً إلى أن الحزب نال أعلى نسبة من الأصوات منذ إعادة انتخاب رئيس الوزراء السابق برايان مولروني فيما عُرف بانتخابات "التجارة الحرة".
وأكد بويليفر، أنه سيعمل مع الأحزاب الأخرى في "التوصل إلى اتفاق تجاري يضع هذه الرسوم الجمركية (الأميركية) خلفنا، مع حماية سيادة كندا والشعب الكندي"، مضيفاً أنه سيقترح "بدائل أفضل" للسياسات لمواجهة "تهديدات ترامب غير المسؤولة".
ووعد كارني باتباع نهج صارم مع واشنطن بشأن رسومها الجمركية، قائلاً إن كندا "ستحتاج إلى إنفاق مليارات الدولارات لتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة".
لكن المحافظين من يمين الوسط، الذين دعوا إلى التغيير بعد أكثر من تسع سنوات من حكم الليبراليين، أظهروا قوة غير متوقعة، إذ نادراً ما تدوم حكومات الأقلية في كندا لأكثر من عامين ونصف العام.
تهديدات ترمب وجهود كارني
وأشعلت تهديدات ترمب فيضاً من الشعور الوطني وعززت الدعم لكارني، الوافد الجديد على الساحة السياسية، الذي سبق له قيادة بنكين مركزيين بدول مجموعة السبع.
وبرز ترمب مجدداً كعامل مؤثر في الحملة الانتخابية بكندا الأسبوع الماضي، عندما أعلن أنه قد يرفع الرسوم الجمركية البالغ قيمتها 25% على السيارات كندية الصنع، لأن الولايات المتحدة لا تريد هذه السيارات. وقال قبل ذلك إنه قد يستخدم "القوة الاقتصادية" لجعل كندا الولاية الأميركية الـ51.
وقال الرئيس الأميركي: "بالتوفيق لشعب كندا العظيم.. انتخبوا الرجل الذي يمتلك القوة والحكمة لخفض ضرائبكم إلى النصف، وزيادة قوتكم العسكرية، مجاناً، إلى أعلى مستوى في العالم".
وأضاف: "ارفعوا حجم أعمالكم في السيارات والصلب والألومنيوم والأخشاب والطاقة وجميع أعمالكم الأخرى أربعة أضعاف، بدون أي رسوم أو ضرائب، إذا أصبحت كندا الولاية الـ51 العزيزة على قلوبنا في الولايات المتحدة الأميركية. لن نعود إلى الحدود المرسومة بشكل مصطنع كما كانت قبل سنوات طويلة".
وشهد الاقتصاد الكندي، انتعاشاً بطيئاً حتى فرضت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية.
وركز كارني على أن خبرته في التعامل مع القضايا الاقتصادية تجعله أفضل زعيم للتعامل مع ترمب، فيما جدد الأخير في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي الاثنين، دعوته لضم كندا وإعلانها الولاية الأميركية الـ51.
وبحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز"، فإن النتيجة تُمثل انتعاشاً مذهلاً لليبراليين، الذين كانوا في طريقهم إلى فقدان السلطة حتى استقال جاستن ترودو، رئيس الوزراء لما يقرب من عقد من الزمان، من زعامة الحزب هذا العام وحل محله كارني في مارس الماضي.
وأدار كارني "البنك المركزي الكندي" خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008، و"بنك إنجلترا" خلال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واستشهد بخبرته نحو التعامل مع الاضطرابات الاقتصادية التي تسبب بها الرئيس الأميركي.
ويتعين على كارني، الذي دخل معترك السياسة الانتخابية لأول مرة في يناير الماضي، إدارة مفاوضات حاسمة مع أكبر شريك تجاري لكندا، وحشد الجهود العالمية للحد من أضرار سياسة ترمب التجارية.