
حذّر خبراء من الاتحاد الأوروبي، الاثنين، من الاعتماد "بشكل خطير" على الصين في مجال الرقائق الإلكترونية الدقيقة، وأشاروا إلى أن التكتل "بعيد كل البعد" عن تحقيق هدفه المتمثل في المساهمة بـ20% من سلسلة القيمة العالمية للرقائق الإلكترونية الدقيقة بحلول 2030، حسبما أفادت مجلة "بوليتيكو" في نسختها الأوروبية.
وأفادت محكمة المدققين الأوروبية ECA، الاثنين، بأن واحدة من كل ثلاث الرقائق الإلكترونية الدقيقة منخفضة التقنية، تأتي من الصين، معتبرة أن ذلك لا يتماشى مع الأهداف المحددة في قانون الرقائق الأوروبي لعام 2023 الذي يهدف لمساعدة الاتحاد على تقليل الاعتماد على الدول الأجنبية في هذا المجال.
يُمثّل التقرير مؤشراً آخر على أن الاتحاد الأوروبي يُكافح من أجل تقليل اعتماده الواضح على التكنولوجيا الأجنبية في الخدمات الحيوية والأساسية، على الرغم من محاولات بروكسل لحماية "السيادة التكنولوجية" للاتحاد الأوروبي.
عجز أمام الطلب المتزايد
تمتلك أوروبا بعض الشركات الرائدة في مجال الرقائق الدقيقة الأقل تطوراً، بما في ذلك شركة Infineon الألمانية، وشركة NXP الهولندية، وشركة STMicroelectronics الفرنسية الإيطالية.
تُلبّي هذه الشركات احتياجات صناعة السيارات القوية في أوروبا. لكن المدققين أشاروا إلى أن الطلب في أوروبا "ينمو حالياً بوتيرة أسرع مما تستطيع شركات تصنيع الرقائق في الاتحاد الأوروبي توفيره".
وفي عام 2024، سجل الاتحاد الأوروبي، عجزاً قدره 9.8 مليار يورو مع الصين في قطاع الرقائق، كما سجل عجزاً مع مراكز تصنيع رقائق أخرى مثل تايوان.
عالمياً، برزت تايوان كمركز رائد للرقائق الأكثر تطوراً، والتي تتميز بعُقد (Nodes) أصغر من الأنواع منخفضة التقنية، وتُستخدم في الهواتف الذكية ومراكز البيانات. لكن الطلب لا يزال مرتفعاً على الرقائق منخفضة التقنية أيضاً.
وحذّر المدققون من أن الفجوة بين أوروبا والمنتجين الآخرين ستزداد اتساعاً، "بما أن هذا النوع من الرقائق الدقيقة ضروري للتكنولوجيا المرتبطة بالتحول الأخضر، فمن المرجح أن يزداد هذا العجز التجاري في المستقبل".
أهداف "غير واقعية"
وتراجع محكمة المدققين الأوروبية، الشؤون المالية للاتحاد الأوروبي، وإنفاقه، وتنفيذ سياساته. ويأتي هذا التقرير في الوقت الذي تستعد فيه بروكسل لمراجعة قانون الرقائق، الذي وضع هدفاً يتمثل في تحقيق نسبة 20% بحلول عام 2030. وقد رفض المدققون هذا الهدف باعتباره "طموحاً" وغير واقعي.
وفي يوليو الماضي، أقرت المفوضية الأوروبية بأن هذا الهدف بعيد المنال، متوقعةً أن يحقق الاتحاد الأوروبي نسبة 11.7% بحلول عام 2030 بدلاً من 20%.
وتُجري الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، تحقيقاً في اعتماد الاتحاد على الصين في الرقائق منخفضة التقنية.
في العام الماضي، أجرت المفوضية، استطلاعاً لموردي الرقائق الدقيقة وعملائهم حول تقنيات الجيل القديم المستخدمة في السيارات والأجهزة المنزلية والأجهزة الطبية، في ظل المخاوف من أن الشركات المدعومة من الحكومة الصينية تفرض منافسة غير متكافئة.
وتم تنسيق هذه الخطوة مع واشنطن في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، الذي أجرى استطلاعاً مماثلاً في الولايات المتحدة.
واعتبرت آنيمي تيرتلبوم، عضوة محكمة المدققين، بأن التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جعلت مسألة تقليل التبعية أكثر إلحاحاً مما كانت عليه قبل عام.
وفي تصريح لمجلة "بوليتيكو"، قالت تيرتلبوم: "نعلم بالفعل المخاطر التي ينطوي عليها الاستيراد من دول تربطنا بها علاقات غير مستقرة. ولكن ربما لا يمكننا حتى الاعتماد على حلفائنا التقليديين لتوفير الرقائق".