
تصاعد في الأسابيع الأخيرة النقاش حول حدود النفوذ الإيراني داخل العراق والتبعات على استقراره، ما زاد من "قلق الإقليم" بشأن تأثيره المحتمل على مكانة العراق وعلاقته بعمقه العربي.
وشكّل الجدل المتصاعد بشأن دور التشكيلات المسلحة وغير الرسمية المتهمة بتلقي الدعم من طهران، رغم دمجها في هياكل القوات العسكرية العراقية، عنواناً عريضاً في عام الانتخابات.
ويشير تحليل نشرته مجلة "لونج وور جورنال"، أن ما يقارب 20 ألف مقاتل تم دمجهم رسمياً في الأجهزة الأمنية العراقية، فيما تقدر الدراسة أن ولاء العديد منهم لا يزال مرتبطاً بطهران أكثر منه ببغداد.
وكان الرئيس اللبناني جوزيف عون أثار "ضجة" في مقابلة أجراها مؤخراً مع "العربي الجديد"، أعلن فيها رفضه تبني النموذج العراقي بدمج "حزب الله" في القوات المسلحة اللبنانية، وقال إن بقاء السلاح تحت سيطرة الدولة بالكامل أمر ضروري.
ويورد نقّاد التأثير الإيراني على العراق تجربة العلاقة الإيرانية مع نظام بشار الأسد مثالاً لإثارة المخاوف من تكرار "الحالة السورية" في العراق، والذي لم يتعافى من عدم الاستقرار بعد.
وأدى الحضور العسكري والنفوذ السياسي الإيراني في سوريا خلال حكم الرئيس بشار الأسد، إلى عقوبات دولية طويلة الأمد، وعزلة دبلوماسية، وتدهور اقتصادي حاد.
واستذكرت وثيقة صادرة عن الاتحاد الأوروبي، أن الوجود الإيراني لعب دوراً بارزاً في زعزعة استقرار سوريا، ما عكس تحذيراً دولياً من خطورة "دمج" تشكيلات عسكرية بـ"ولاء أجنبي" في الأجهزة الأمنية الوطنية.
ويرى مراقبون أن العراق قد يواجه تداعيات مماثلة في حال لم تُتخذ إجراءات حاسمة. واتهم تقرير لمؤسسة "بروكينجز" أن "قوات الحشد الشعبي تحوّل العراق فعلياً إلى دولة تابعة لإيران"، معتبراً أن هذا الدمج "يمكن أن يزيد من التوترات الطائفية، ويعمق الانقسام السياسي، ويقوض ثقة المواطنين في الحكم".
الضغوط الدبلوماسية الدولية الأخيرة تؤكد خطورة هذه المسألة، حيث أشارت تقارير لصحيفة "نيويورك بوست" إلى أن عدة تشكيلات عسكرية متهمة بتلقي الدعم من إيران أو متهمة بالولاء لها، بينها "كتائب حزب الله" و"حركة النجباء"، تُفكر جدياً في نزع السلاح نتيجة ضغوط أميركية متزايدة، وتهديدات بفرض عقوبات.
وكررت دراسات من "تشاتام هاوس" و"مؤسسة راند" التعبير عن "مخاوف واسعة النطاق بين السنة والأكراد، الذين يرون في هيمنة التشكيلات العسكرية غير الرسمية تهميشاً لأصواتهم، وتهديداً لسيادة الدولة"، سيما في عام الانتخابات العامة.
ويشدّد خبراء على أن العراق يقف أمام مفترق طرق حاسم. وتنادي توصيات قادة إقليميين، مما عبّر الرئيس اللبناني، بضرورة أن يعالج العراق نفوذ الميليشيات من خلال إعادة هيكلة قواته الأمنية لضمان السيطرة الوطنية الشاملة، وتعزيز الشفافية، وضمان التمثيل المتوازن لمختلف مكونات المجتمع العراقي.