رومانيا.. انتخابات رئاسية معقدة تتأرجح بين نفوذ روسيا والولايات المتحدة

time reading iconدقائق القراءة - 7
المرشح الرئاسي جورج سيميون يدلي بصوته بينما يقف إلى جانبه كالين جورجيسكو في مركز اقتراع خلال الجولة الأولى من انتخابات رومانيا. 4 مايو 2025 - Reuters
المرشح الرئاسي جورج سيميون يدلي بصوته بينما يقف إلى جانبه كالين جورجيسكو في مركز اقتراع خلال الجولة الأولى من انتخابات رومانيا. 4 مايو 2025 - Reuters
دبي/ بوخارست -رويترزالشرق

توجه الناخبون في رومانيا، الأحد، إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية من المتوقع أن تكشف عن انقسامات جديدة في المشهد السياسي، بعد 6 أشهر من إلغاء انتخابات سابقة.

بدأ التصويت في السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي (04:00 بتوقيت جرينتش)، على أن ينتهي في التاسعة مساءً (18:00 بتوقيت جرينتش)، فيما من المقرر أن تُعلن استطلاعات أراء الناخبين بعد الخروج من مراكز الاقتراع على الفور.

وبدأ عدد كبير من الرومانيين في الخارج، التصويت، الجمعة، وتجاوزت نسبة المشاركة المبكرة ضعف نسبة المشاركة في الجولة الأولى الملغاة في نوفمبر الماضي.

وفي حال عدم حصول أي مرشح على أغلبية مطلقة، ستُعقد جولة ثانية في 18 مايو الجاري، وستكون نتيجتها المحتملة أكثر غموضاً، وفق استطلاعات الرأي. 

وتُظهر استطلاعات الرأي، أن ربع الناخبين تقريباً ما زالوا مترددين، وهناك حالة من اللامبالاة بالنظر إلى ما حدث.

ماذا حدث في الانتخابات السابقة؟

في نوفمبر الماضي، أثار فوز اليميني المتطرف، كالين جورجيسكو، أخطر أزمة سياسية في البلاد منذ سقوط الشيوعية، حسبما اعتبرت "بلومبرغ"، بعدما ألغيت تلك الانتخابات وسط مزاعم تدخل روسي.

وكشفت نتائج الانتخابات الملغاة، عن شعور بخيبة الأمل تجاه النظام السياسي في هذه الدولة المطلة على البحر الأسود. وجورجيسكو من المعارضين لحلف شمال الأطلسي "الناتو" وواحد من مؤيدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويقول مؤيدوه إن ذلك كان سبباً في استبعاده من انتخابات الأحد.

ورغم استبعاده، لايزال جورجيسكو بطلاً لليمين المتطرف في نظر الكثيرين، بحسب "بلومبرغ"، إلا أن جورج سيمون، زعيم تحالف وحدة الرومانيين، وهو حزب يرفض تقديم المساعدات لأوكرانيا، ويدعو للوحدة مع مولدوفا المجاورة، يتقدم بفارق كبير في الجولة الأولى التي أجريت في 4 مايو الجاري.

ويتقدم سيميون على كرين أنتونيسكو (65 عاماً)، الزعيم السابق للحزب الليبرالي المدعوم من الحكومة الائتلافية الموالية للغرب، وعمدة بوخارست نيكوسور دان (55 عاماً) الذي يخوض الانتخابات مستقلاً على أساس برنامج مناهض للفساد.

والاثنان من المؤيدين للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، ويدعمان أوكرانيا، ويأتي في المركز الرابع رئيس الوزراء اليساري السابق، فيكتور بونتا، الذي تحول إلى قومي محافظ لكنه قد يحقق مفاجأة في الانتخابات.

كيف يبدو المشهد السياسي؟

يتمتع كل مرشح بفرصة للتغلب على سيميون من خلال كسب دعم أوسع من الناخبين الذين يُفضلون توطيد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وحلفاء الناتو.

يتميز المرشح سيميون عن غيره من قادة اليمين المتطرف الأوروبيين، بأنه يعارض الحرب الروسية على أوكرانيا. ولم يحصل بعد على دعم جورجيسكو الصريح. ولكن في حال فوزه، يتوقع العديد من أنصار القومية أن يلعب جورجيسكو دوراً في الحكومة.

وانخرط سيميون في دوره كشعبوي مُحرِّض للشغب، وخضع للتحقيق بتهمة التحريض بعد مطالبته بـ"جلد القضاة في الساحات العامة" عقب إلغائهم انتخابات نوفمبر. لكنه خفف أيضاً من بعض مواقفه، بما في ذلك تجاه عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

تُعد براعة سيميون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي نقطة قوته، بعد استخدام جورجيسكو لمقاطع فيديو "تيك توك" والتي دفعته إلى الفوز. في الواقع، يُعد سيميون من أبرز الشخصيات السياسية الرومانية في المجال الرقمي، حيث اكتسب سمعة طيبة لبث معظم اجتماعاته واشتباكاته مع خصومه.

ما هي الرهانات؟

تبنت رومانيا توجهاً غربياً إلى حد بعيد على مدى العقود التي تلت سقوط الديكتاتور، نيكولاي تشاوشيسكو، وإن كان قد أعاقه الفساد والفقر المستشريين.

ومن المتوقع أن تشهد المؤسسة السياسية في رومانيا، تغييرات جذرية في الوقت الذي تُعاني فيه البلاد من أكبر عجز في الميزانية بين دول الاتحاد الأوروبي، حيث تتطلع بروكسل إلى تدابير مثل زيادة الضرائب أو تخفيضات الميزانية لضبط اقتصاد البلاد.

وقد يكون هذا أمراً صعباً حسبما أوردت "بلومبرغ". ويساهم التكتل الأوروبي بنحو 100 مليار يورو في ميزانية رومانيا منذ انضمامها إليه في عام 2007، وتتجاوز مستويات المعيشة الآن مثيلاتها في اليونان والمجر من حيث القدرة الشرائية.

ومع ذلك، تفتقر القرى في المناطق النائية الرومانية إلى خدمات الصرف الصحي الأساسية والطرق المعبدة، وهي إحدى النقاط التي دفعت الرومانيين للبحث عن تغيير.

وسيسعى المرشحون للحصول على دعم جالية واسعة من الرومانيين في الخارج، حوالي 4 ملايين روماني يعملون ويعيشون في الخارج، والذين انحازوا ضد الحكومة الحالية. وساهموا في دفع جورجيسكو إلى الأمام في نوفمبر، بإقصاء مارسيل شيولاكو، رئيس الوزراء وزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي كان مرشحاً قوياً.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يحصل سيميون على نسبة مهمة من هذه الأصوات.

وتقتصر ولاية رئيس رومانيا على فترتين مدة كل منهما خمس سنوات، وله دور شبه تنفيذي يشمل قيادة القوات المسلحة ورئاسة مجلس الأمن الذي يُقرر المساعدات العسكرية.

ويمثل الرئيس رومانيا في قمم الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وله حق النقض (الفيتو) على قرارات الاتحاد الأوروبي المهمة، ويعين رئيس الوزراء ورؤساء القضاة والمدعين العامين ورؤساء أجهزة المخابرات.

وأثارت الجهود الرامية إلى وقف جورجيسكو، انتباه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بما في ذلك إدانة من نائب الرئيس جي دي فانس في مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير الماضي. تبع ذلك مطالبة المسؤولين الأميركيين للسلطات بالتراجع، إلا أن هذا الضغط تراجع جزئياً بفضل حملة مضادة من السلطات في بوخارست.

أي دور لترمب؟

وقد يمثل اختيار رئيس يميني متطرف، دفعة جديدة لهذا التيار في سعيه لتمزيق الاتحاد الأوروبي، الذي يعاني بالفعل للتكيف مع النظام العالمي في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتتهم إدارة ترمب رومانيا بقمع المعارضة السياسية والافتقار إلى القيم الديمقراطية بعد إلغاء انتخابات نوفمبر.

على صعيد منفصل، قال محللون إن قرار إدارة ترمب، الجمعة، بإلغاء انضمام رومانيا إلى برنامج السفر بدون تأشيرة إلى الولايات المتحدة، من المرجح أن يعزز تصويت سيميون، إذ يُشير إلى فشل الحكومة الموالية للغرب. ويوجد فريق من الأميركيين في بوخارست لمراقبة عملية التصويت، الأحد.

تصنيفات

قصص قد تهمك