
أعلنت الشرطة في جنوب إفريقيا، الثلاثاء، أن عدد الضحايا في أعمال العنف المستمرة لليوم الخامس، ارتفع إلى 72 قتيلاً رغم نشر الرئيس سيريل رامافوزا قوات لإخماد الاضطرابات.
وقالت الشرطة في بيان إن "العدد الإجمالي للأشخاص الذين فقدوا حياتهم منذ بداية هذه الاحتجاجات، ارتفع إلى 72".
يأتي ذلك وسط انتقادات للحكومة واتهامات بتورط عملاء سابقين في تأجيج الوضع، في وقت لا تلوح فيه أية مؤشرات على عودة الهدوء.
وكانت الحصيلة السابقة لأعمال العنف والنهب التي اندلعت منذ أيام في أعقاب سجن الرئيس السابق جاكوب زوما الذي لا يزال يحظى بشعبية كبيرة، مقتل 32 شخصاً، وفقاً لوكالة "فرانس برس"، في حين نشرت السلطات آلاف الجنود في الشوارع.
وأعلنت مقاطعة كوزاولو ناتال (شرق)، الثلاثاء، ارتفاع عدد القتلى إلى 26 شخصاً، إضافة 6 آخرين في منطقة جوهانسبرغ العاصمة الاقتصادية للبلاد، أكد سقوطهم رئيس البلاد سيريل رامابوزا، والذي أشار في خطاب متلفز الاثنين، إلى الطبيعة غير المسبوقة لأعمال العنف هذه منذ التحول نحو الديمقراطية بعد حقبة الفصل العنصري.
وأمر رامافوزا، الاثنين، بنشر ما يصل إلى 2500 جندي لدعم الشرطة وقال إن مواطني جنوب إفريقيا "قلقون وخائفون من الانهيار المجتمعي". وأضاف: "هذا ليس ما نحن عليه في جنوب إفريقيا".
وبدوره، قال رئيس وزراء مقاطعة كوزاولو ناتال، سيهلي زيكالالا، إن الكثير من الضحايا سقطوا خلال "تدافع في إطار أعمال شغب"، لكن دون تحديد المكان الذي وقعت فيه.
اعتقال المئات
السلطات في جنوب إفريقيا أعلنت توقيف 757 شخصاً حتى الآن، على خلفية الاضطرابات، أغلبهم في جوهانسبرغ، وذلك بالتزامن مع تعهد وزير الشرطة بيكي سيلي، بأن الوضع "لن يتدهور أكثر"، فيما تستمر أعمال النهب، خصوصاً في سويتو غرب جوهانسبرغ، حيث بدأ الجيش تسيير دوريات، وفي بيترماريتسبرغ، عاصمة إقليم كوزاولو ناتال.
وبثت قنوات تلفزة محلية صوراً تُظهر عشرات النساء وأشخاصاً من جميع الفئات العمرية وهم ينهبون متجراً لبيع اللحوم في منطقة ديبلوف بسويتو، قبل أن يخرجوا راكضين وهم يحملون صناديقَ ممتلئة باللحم بعد أن أفرغوا محتويات غرف التبريد.
وأظهرت مقاطع الفيديو حارس الأمن وهو يقف عاجزاً أمام ما يجري من فوضى ونهب، بينما لم تحضر الشرطة إلا بعد 3 ساعات لتفريق واعتقال الباقين.
وخلال الليل اصطدمت عناصر من الشرطة ورجال أمن مدججون بالسلاح مع مثيري الشغب في حي جيبي القريب من مركز جوهانسبرغ.
وحدثت أولى الحوادث مع إغلاق طرقات وإحراق شاحنات الجمعة، غداة سجن زوما الذي حُكم عليه بالسجن مع النفاذ لرفضه الإدلاء بشهادته أمام لجنة تحقيق في أعمال فساد خلال حكمه.
التدهور الاقتصادي
وفي حين يعتقد محللون أن العنف قد تأجج بداية من قبل أنصار زوما، لكن هناك من يعتبر الأسباب الحقيقية للاضطرابات تعود إلى التدهور الاقتصادي في البلاد والذي تفاقم في ظل جائحة كورونا، إذ دفع ارتفاع معدل البطالة بين الشباب إلى تغذية أعمال النهب والعنف.
وفي تقرير نُشر الثلاثاء، وصفت صحيفة "فايننشيال تايمز" معدلات البطالة المرتفعة في جنوب إفريقيا والتي بلغت 33% خلال الربع الأول هذا العام، إضافة إلى الانقسامات الاقتصادية الحادة في فترة ما بعد الفصل العنصري بأنها تُمثل "صندوق بارود" معرض للانفجار وتهديد استقرار البلاد، مشيرةً إلى أن الأزمة الاقتصادية دفعت الكثيرين إلى ما دون خط الفقر، فضلاً عن أن الكثير من مراكز التطعيم اضطرت إلى إغلاق أبوابها.
كما تسود مخاوف من أن تؤدي الاضطرابات إلى تقويض الانتعاش الاقتصادي في جنوب إفريقيا، إذ انخفضت العملة بنسبة 3% حتى الآن هذا الأسبوع، عند أضعف مستوى لها منذ أوائل أبريل الماضي.
انتقادات للحكومة
في الوقت الذي تكافح قوات الأمن لاحتواء الاضطرابات المنتشرة التي أودت بحياة العشرات، تطال الحكومة انتقادات شديدة بسبب تعامل الشرطة البطيء مع انعدام الأمن.
وقال جون ستينهوزين، زعيم التحالف الديمقراطي المعارض الرئيسي: "سُمح للوضع بالوصول إلى هذه النقطة على وجه التحديد لأن وكالات إنفاذ القانون لدينا فشلت في السيطرة في وقت مبكر والقيام بوظائفها".
وقالت وزيرة أمن الدولة، أياندا دلودلو، في إفادة الثلاثاء، إن وكالة التجسس المحلية في جنوب إفريقيا تُحقق فيما إذا كان عملاؤها السابقون قد دبروا أعمال عنف في كوازولو ناتال بدافع الولاء لزوما.
ونفت إحدى العائلات الثرية البارزة المرتبطة بزوما هذا الأسبوع أنها كانت وراء الاضطرابات في المقاطعة التي تُمثل القاعدة الشعبية الأكبر للرئيس السابق، والتي لديها تاريخ طويل من العنف السياسي.