
انتقدت الصين الاتفاق التجاري الذي أبرمته الولايات المتحدة مع بريطانيا، موضحة أنه قد يُستخدم لإخراج المنتجات الصينية من سلاسل التوريد البريطانية، ما يُعقّد جهود لندن لإعادة بناء علاقاتها مع بكين، حسبما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وكان اتفاق التجارة الذي أبرمته الولايات المتحدة مع بريطانيا، الأسبوع الماضي، والذي يتضمن متطلبات أمنية صارمة لصناعتي الصلب والأدوية البريطانيتين، الأول لإدارة ترمب منذ إعلانها "رسوماً جمركية متبادلة" شاملة الشهر الماضي.
وتضمن الاتفاق تخفيضات في الرسوم الأميركية على صادرات السيارات والصلب البريطانية، لكنه لم يلغ تعريفة جمركية أساسية بنسبة 10% على السلع البريطانية.
كما مُنح الإعفاء الجمركي لقطاعات محددة من الصلب والسيارات، بشرط أن "تعمل بريطانيا على تلبية المتطلبات الأميركية على الفور بشأن أمن سلسلة التوريد وملكية منشآت الإنتاج ذات الصلة".
الصين: لندن تسرعت
وحذرت بكين الدول من توقيع اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة تُهدد المصالح الصينية، خشية أن يستغل الرئيس دونالد ترمب المفاوضات الثنائية مع شركاء أميركا التجاريين للضغط عليهم لإخراج الصين من سلاسل التوريد.
وعند سؤالها عن الاتفاق، قالت الخارجية الصينية لـ"فاينانشال تايمز"، إن هناك مبدأً أساسياً يقضي بألا تستهدف الاتفاقيات بين الدول دولاً أخرى. "لا ينبغي أن يُمارس التعاون بين الدول ضد مصالح أطراف ثالثة، أو على حسابها".
وقال مستشار حكومي صيني، طلب عدم كشف هويته: "ستحتاج الصين إلى الرد، ما كان ينبغي للمملكة المتحدة أن تتسرع في الموافقة على الاتفاق".
وتضع هذه التعليقات لندن في موقف صعب بين القوتين الاقتصاديتين العظميين، وقد تزيد من صعوبة إعادة ضبط العلاقات مع الصين على حكومة بريطانيا، إذ أعلنت الحكومة البريطانية أنها وقّعت الاتفاق لـ "تأمين آلاف الوظائف في القطاعات الرئيسية، وحماية الشركات البريطانية، وتمهيد الطريق لنمو التجارة في المستقبل".
وأضافت أن "التجارة والاستثمار مع الصين تظلان مهمتين بالنسبة إلى لندن، وأن بريطانيا تواصل الانخراط بشكل عملي في المجالات التي تتجذر في المصالح البريطانية والعالمية".
استهداف بكين
بدورهم، صرح مسؤولون بريطانيون، بأن ترمب أوضح أن الصين هي الهدف المقصود من هذا الشرط، إذ ينص الاتفاق على أن الإعفاء الجمركي للمنتجات البريطانية سيعتمد على ما يُسمى بتحقيقات المادة (232)، التي تحدد ما إذا كانت واردات محددة تؤثر على الأمن القومي الأميركي وكيف تؤثر عليه.
وأثار قبول لندن لبنود واشنطن الأمنية، دهشة وقلقاً في بكين، لا سيما وأن حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر كانت تعمل على تحسين العلاقات مع الصين، وفقاً لمستشارين حكوميين متخصصين في التجارة.
وقال تشانج يان شنج، الباحث البارز في الأكاديمية الصينية لأبحاث الاقتصاد الكلي، إنه "من الواضح أن واشنطن ستجبر الحكومات الأخرى على قبول أحكام مماثلة في المفاوضات التجارية لعزل الصين".
وأضاف: "أن تفعل المملكة المتحدة هذا، فهذا ليس عدلاً للصين، هذا النوع من بنود العقوبات هو في الواقع أسوأ من الرسوم الجمركية".
وأشار تشانج إلى إنه ينبغي على الصين "طرح هذه المسألة بصراحة في المحادثات مع بريطانيا، ولكن عليها الامتناع عن اتخاذ إجراءات انتقامية فورية"، موضحاً أن المشكلة الأساسية تكمن في الولايات المتحدة، بينما تُعتبر الدول الأخرى جهات فاعلة ثانوية، قائلاً: "يجب مناقشة هذا الأمر في محادثات تجارية مع الولايات المتحدة".
واتفقت الولايات المتحدة والصين، الاثنين، على هدنة لمدة 90 يوماً في حربهما التجارية، حيث خفضت واشنطن مؤقتاً الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى حوالي 40%، من 145%.
ويمكن تخفيض هذه الرسوم مرة أخرى بما يصل إلى 20%، إذا توصل الجانبان إلى اتفاق لوقف تدفق سلائف الفنتانيل من المنتجين الصينيين إلى الولايات المتحدة، وهذا من شأنه أن يخفض مستوى الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على الصين ليقترب من تلك المفروضة على حلفاء الولايات المتحدة مثل بريطانيا.
ووافقت الصين على خفض مستوى الرسوم الجمركية الانتقامية على الواردات الأميركية، مثل منتجات الطاقة والسلع الزراعية من 125% إلى 10%.