خفض المساعدات الأميركية يهدد بتلف مواد غذائية تكفي 3.5 مليون جائع

المخازن تقع في دبي والولايات المتحدة وجيبوتي وجنوب أفريقيا

time reading iconدقائق القراءة - 10
نموذج مصغر مطبوع ثلاثي الأبعاد للرئيس الأميركي دونالد ترمب مع شعار الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الخلفية. 23 أبريل 2025 - REUTERS
نموذج مصغر مطبوع ثلاثي الأبعاد للرئيس الأميركي دونالد ترمب مع شعار الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الخلفية. 23 أبريل 2025 - REUTERS
واشنطن-رويترز

قالت خمسة مصادر مطلعة إن حصصاً غذائية تكفي 3.5 مليون شخص لمدة شهر ستتلف في مخازن حول العالم بسبب خفض المساعدات الأميركية، وستتعرض لخطر أن تصبح غير صالحة للاستخدام. 

وذكرت 3 مصادر عملت في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومصدران في منظمات إغاثية أخرى أن المخزون الغذائي عالق في 4 مخازن تابعة للحكومة الأميركية منذ قررت إدارة الرئيس دونالد ترمب في يناير خفض برامج المساعدات الدولية. 

وقال مصدران إن صلاحية جزء من المخزون ستنتهي في بداية يوليو، وإن من المرجح التخلص منه إما بالحرق واستخدامها علفا للحيوانات أو بطرق أخرى.

وذكرت المصادر الخمسة أن المخازن، التي يديرها مكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، تحتوي على ما بين 60 ألفاً و66 ألف طن من المواد الغذائية، وردها مزارعون ومصنعون أميركيون.

وكشفت قائمة جرد غير مؤرخة للمخازن، التي تقع في جيبوتي وجنوب أفريقيا ودبي وهيوستن بالولايات المتحدة، أنها تحتوي على أكثر من 66 ألف طن من سلع مثل البسكويت عالي الطاقة والزيوت النباتية والحبوب المزودة بعناصر غذائية. 

والقائمة، التي اطلعت عليها رويترز، قدمها مسؤول إغاثة وتحقق مصدر في الحكومة الأميركية من أنها محدثة، وتقدر قيمة تلك الإمدادات بأكثر من 98 مليون دولار، وفقاً لتحليل رويترز باستخدام أرقام من برنامج الغذاء العالمي، أكبر وكالة إنسانية في العالم.

وتقول الأمم المتحدة إن طناً واحداً من الغذاء، الذي يشمل عادةً الحبوب والبقول والزيت، يمكن أن يلبي الاحتياجات اليومية لحوالي 1660 شخصاً.

يأتي تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وتخفيضات الإنفاق على المساعدات الإنسانية من قبل ترمب في الوقت الذي ترتفع فيه مستويات الجوع العالمية؛ بسبب الصراع وتغير المناخ، مما يدفع المزيد من الناس نحو المجاعة ويؤدي إلى إبطال عقود من التقدم. 

ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، يواجه 343 مليون شخص مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم. ومن بين هؤلاء، يعاني 1.9 مليون شخص من الجوع الكارثي، وعلى شفا المجاعة، معظمهم في غزة والسودان، لكن أيضاً في جيوب من جنوب السودان وهايتي ومالي.

قال متحدث باسم وزارة الخارجية، التي تشرف على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، رداً على أسئلة مفصلة حول مخزونات الغذاء، إن الوزارة تعمل على ضمان استمرار برامج المساعدات دون انقطاع ونقلها بحلول يوليو كجزء من عملية إنهاء عمل الوكالة. 

وأضاف المتحدث: "تتشاور الوكالة الأميركية للتنمية الدولية باستمرار مع شركائها حول أفضل مكان لتوزيع السلع في مستودعات الوكالة المُجهزة مسبقاً لاستخدامها في برامج الطوارئ قبل انتهاء صلاحيتها".

 بعض المواد الغذائية يُحتمل إتلافها

على الرغم من أن إدارة ترمب أصدرت إعفاءات لبعض البرامج الإنسانية؛ بما في ذلك في غزة والسودان، إلا أن إلغاء العقود وتجميد الأموال اللازمة لدفع مستحقات الموردين والشاحنين والمقاولين قد ترك مخزونات الغذاء عالقة في المستودعات الأربعة، وفقاً للمصادر.

وحسب المصدر الأميركي ومصدرين سابقين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مُطلعين على المقترح، تم تعليق اقتراح تسليم المخزونات إلى منظمات الإغاثة التي يُمكنها توزيعها. 

وقال المصدران السابقان في الوكالة إن الخطة تنتظر موافقة مكتب المساعدات الخارجية التابع لوزارة الخارجية. يرأس المكتب جيريمي لوين، وهو عميل سابق يبلغ من العمر 28 عاماً في إدارة كفاءة الحكومة التابعة لإيلون ماسك، والذي يشرف الآن على إيقاف تشغيل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. لم يستجب مكتب المساعدات الخارجية ووزارة الطاقة والموارد الطبيعية ولوين نفسه لطلبات التعليق. 

من المقرر أن تنتهي صلاحية ما يقرب من 500 طن من البسكويت عالي الطاقة المخزنة في مستودع تابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية في دبي في يوليو، وفقاً لمسؤول سابق في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومسؤول مساعدات مطلع على المخزونات.

ويمكن للبسكويت إطعام ما لا يقل عن 27000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد لمدة شهر، وفقاً لحسابات رويترز. 

وقال المسؤول السابق في الوكالة إن من المرجح الآن إتلاف البسكويت أو تحويله إلى علف للحيوانات، مضيفاً أنه في عام عادي قد يتم التخلص من حوالي 20 طناً فقط من الطعام بهذه الطريقة؛ بسبب التلف أثناء النقل أو التخزين. وأضاف أن بعض هذه المخزونات كانت مخصصة سابقاً لغزة والسودان الذي يعاني من المجاعة.

ولم يرد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بشكل مباشر على الأسئلة بشأن مقدار المساعدات الغذائية المخزنة، التي تقترب من انتهاء صلاحيتها، وما إذا كان سيتم إتلافها.

وتخطط الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لتسريح جميع موظفيها تقريباً في جولتين في الأول من يوليو والثاني من سبتمبر، حيث تستعد للإغلاق، وفقاً لإخطار تم تقديمه إلى الكونجرس في مارس. 

وقال المصدران السابقان في الوكالة إن العديد من الموظفين الأساسيين اللازمين لإدارة المستودعات أو نقل الإمدادات سيغادرون في يوليو.

الأطفال يموتون

والولايات المتحدة هي أكبر مانح للمساعدات الإنسانية في العالم، حيث بلغت مساهمتها 38% على الأقل من جميع المساهمات التي سجلتها الأمم المتحدة. وقد صرفت 61 مليار دولار من المساعدات الخارجية العام الماضي، أكثر من نصفها بقليل عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وفقاً لبيانات الحكومة. 

وتشمل المساعدات الغذائية الأميركية الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام (RUTF) مثل البسكويت عالي الطاقة و"بلامبي نت"، وهو معجون قائم على الفول السوداني. 

وقالت نافين سالم، مؤسسة شركة إيديسيا، وهي شركة أميركية لتصنيع بلامبي نت، إن إنهاء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لعقود النقل قد تسبب في تراكم هائل في الإنتاج، مما أجبر الشركة على استئجار مستودع إضافي لتخزين إنتاجها. 

وأضافت أن المخزون الناتج، والبالغ 5000 طن بقيمة 13 مليون دولار، يكفي لإطعام أكثر من 484 ألف طفل، وأوضحت أن تبادل رسائل البريد الإلكتروني مع لوين بعث في نفسها "الأمل" بإيجاد طريقة قريباً لإيصال منتجاتها إلى الأطفال المحتاجين إليها.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) قد حذرت، في أواخر مارس، من نقص مخزونات الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام في 17 دولة بسبب خفض التمويل، مما قد يُجبر 2.4 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم على الاستغناء عن هذه الإمدادات الأساسية لبقية العام. 

وتحتوي مستودعات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الأربعة على معظم مخزونات الأغذية المُجهزة مسبقًا للوكالة. في الظروف العادية، يُمكن نشر هذه المساعدات بسرعة في أماكن مثل السودان، حيث يُواجه 25 مليون شخص، أي نصف سكان البلاد، جوعاً حاداً. 

وصرحت جانيت بيلي، مديرة التغذية في لجنة الإنقاذ الدولية، التي تتلقى معظم تمويلها من الولايات المتحدة، بأنها تُقلّص برامجها بعد التخفيضات. وأضافت أن من الصعب قياس أثر النقص العالمي في الأغذية العلاجية نتيجةً لانقطاع تدفقات المساعدات الأميركية، لا سيما في الأماكن التي لم تعد برامج المساعدات تعمل فيها. 

وتابعت: "ما نعرفه أنه إذا كان الطفل في مركز استقرار للمرضى، ولم يعد قادراً على الحصول على العلاج، فإن أكثر من 60% من هؤلاء الأطفال مُعرّضون لخطر الموت السريع". 

وفي أبريل، ذكرت منظمة "العمل ضد الجوع"، وهي منظمة غير ربحية تعتمد على الولايات المتحدة في أكثر من 30% من ميزانيتها العالمية، بأن التخفيضات الأميركية قد أدت بالفعل إلى وفاة 6 أطفال على الأقل في برامجها في الكونغو الديمقراطية، بعد أن اضطرت إلى تعليق استقبال المرضى.

 التخفيضات تسبب الفوضى 

وقالت 5 مصادر إن مكتب الشؤون الإنسانية، الذي ينسق جهود الحكومة الأميركية للمساعدات في الخارج، انغمس في حالة من الفوضى بسبب تخفيضات إدارة ترمب. 

وكان موظفو المكتب من بين آلاف موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الذين تم وضعهم في إجازة إدارية في انتظار إنهاء خدماتهم. وبينما أعيد بعض الموظفين إلى العمل حتى تواريخ انتهاء خدمتهم، لم تتعاف إدارة المساعدات بعد. 

وقالت 3 مصادر إنه تم إلغاء عقد صيانة مستودعات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في مدينة ديربان الساحلية بجنوب إفريقيا، مما أثار تساؤلات بشأن توزيع المساعدات في المستقبل.

وذكر مسؤولان سابقان في الوكالة أنه سيتم تسليم منشآت جيبوتي ودبي إلى فريق في وزارة الخارجية لم يتم تشكيله بعد. ولم تعلق وزارة الخارجية الأميركية ورفض متحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، الذي يعتمد بشكل كبير على التمويل الأميركي، التعليق على مخزونات الأغذية العالقة.

تصنيفات

قصص قد تهمك