
طرح زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر مشروع قانون من شأنه منع استخدام أي طائرة أجنبية لتصبح الطائرة الرئاسية (Air Force One)، في محاولة لعرقلة خطة الرئيس دونالد ترمب لقبول طائرة فاخرة من قطر لتكون الطائرة الرئاسية الجديدة.
واقترح شومر التشريع، الذي يحمل عنوان "قانون الأمن الجوي الرئاسي"، (Presidential Airlift Security Act)، بعد أن أشارت تقارير الأسبوع الماضي إلى أن الرئيس دونالد ترمب يعتزم قبول طائرة تصل قيمتها إلى 400 مليون دولار من قطر "كهدية".
وقال خبراء قانون إن هذا الأمر أثار مجموعة من التساؤلات بشأن نطاق القوانين المتعلقة بالهدايا التي تقدمها حكومات أجنبية، والتي تهدف إلى مكافحة الفساد وسوء استخدام النفوذ.
وقال خبراء إن الطائرة الفاخرة، التي قدمتها قطر، ستحتاج تحديثات أمنية وتحسينات في الاتصالات لمنع التنصت وتجهيزات ضد الصواريخ.
ولم تعرف التكاليف، لكنها قد تكون كبيرة بالنظر إلى أن جهود شركة "بوينج" الحالية لبناء طائرتين رئاسيتين جديدتين من المقرر تسليمهما عام 2027، تتجاوز 5 مليارات دولار.
وكان شومر قد تعهد الأسبوع الماضي بعرقلة جميع مرشحي ترمب لوزارة العدل التي أفادت تقارير بأنها اعتبرت هذه الصفقة قانونية، وذلك حتى تقدم الوزارة ما تعرفه عن العرض القطري.
ويحظر مشروع القانون، الذي قدمه شومر، على وزارة الدفاع (البنتاجون) استخدام أي أموال لشراء، أو تعديل طائرات أجنبية من أجل أن تكون وسيلة النقل الجوي للرئيس.
ومن المستبعد أن يقر المجلس مشروع القانون المقترح في ظل امتلاك الجمهوريين، الذين ينتمي إليهم ترمب، الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، لكنه يمثل محاولة أخرى من جانب الديمقراطيين لمعارضة الخطة.
مخاوف أمنية
في المقابل، أعرب عدد من الجمهوريين في مجلس الشيوخ عن مخاوفهم بشأن العرض القطري المحتمل، خاصة فيما يتعلق بمخاوف الأمن والسلامة.
كما تساءل بعض الأعضاء عن جدوى قبول هذه الهدية، بالنظر إلى أن الطائرة لن تُستخدم إلا لفترة محدودة قبل أن تُحوّل إلى المكتبة الرئاسية.
في المقابل، قال ترمب إنه سيكون من "الغباء" أن يرفض العرض.
والطائرتان الجديدتان اللتان تجهزهما بوينج، ومن المفترض أن تصبحا البديلين للطائرة الرئاسية الحالية، تواجهان تأخيرات وتجاوزات في التكاليف، وهو ما يُثير استياء ترمب.
وقال شومر في بيان: "أثبت دونالد ترمب مراراً أنه مستعد لبيع الشعب الأميركي والرئاسة إذا كان ذلك يعني جني أرباح شخصية"، وفق صحيفة "ذا هيل".
وأضاف: "لن يكلف الأمر مليارات من أموال دافعي الضرائب فقط لمحاولة تعديل وتأمين هذه الطائرة، بل إن لا شيء من التعديلات يمكن أن يضمن أمنها بشكل كافٍ".
ويحظر مشروع القانون استخدام أي طائرة مملوكة لدولة أجنبية باعتبارها "إير فورس وان"، كما يمنع استخدام أموال دافعي الضرائب، لتعديل أو تجهيز أي طائرة من هذا النوع.
وبموجب الخطة، من المقرر تسليم الطائرة الفاخرة من طراز بوينج 747-8 أولاً إلى وزارة الدفاع، لتخضع لعمليات تعديل وتجهيز واسعة ومكلفة لتصبح طائرة رئاسية، وبعد انتهاء فترة رئاسة ترمب، ستُنقل الطائرة إلى مكتبته الرئاسية.
"تناقض" رواية ترمب
من ناحية أخرى، ذكرت 4 مصادر مطلعة لشبكة CNN أن إدارة ترمب تواصلت في البداية مع قطر للاستفسار عن شراء طائرة بوينج 747، يمكن أن يستخدمها الرئيس كطائرة رئاسية، وهو ما يتناقض مع رواية الرئيس بأن قطر تواصلت معه، وعرضت عليه الطائرة "هدية".
ونقلت الشبكة الأميركية عن المصادر، التي لم تكشف عن هويتها قولها إنه "بعد تولي ترمب منصبه في يناير، تواصل البنتاجون مع شركة بوينج، وأُبلغ بأن الشركة لن تتمكن من تسليم الطائرات الجديدة التي تُصنّعها لتحل محل الطائرات الرئاسية القديمة قبل عامين آخرين".
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض، لشبكة CNN، إن "إدارة ترمب أرادت طائرة بديلة بشكل أسرع بكثير، وكان سلاح الجو يبحث عن خيارات مختلفة للقيام بذلك، وفي الوقت نفسه، كلف ترمب مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بإيجاد قائمة بطائرات مناسبة"، وأن ويتكوف "ساعد في تسهيل المحادثات الأولية".
وأوضح 3 مصادر أنه بعد التواصل الأولي بين البنتاجون والشركة، زودت بوينج مسؤولي وزارة الدفاع بقائمة عملاء آخرين حول العالم لديهم طائرات يمكن استخدامها في تلك الفترة.
وقال المصدر الثاني: "كانت قطر من بين العملاء"، مضيفاً أن البنتاجون "عرض شراء الطائرة، وأن قطر أبدت استعدادها لبيعها".
وأضاف المصدر الثالث أن "البنتاجون بدأ المناقشات مع قطر بعد علمه بدعم البيت الأبيض للفكرة"، مشيراً إلى أن المناقشات الأولية "دارت حول استئجار الطائرة، وليس شرائها بالكامل".
لكن ترمب وصف الصفقة المحتملة بشكل متكرر بأنها "لفتة" أو "مساهمة" من العائلة المالكة القطرية، وكتب على منصته "تروث سوشيال" (Truth Social) أنها "هدية مجانية".
وقال إنها ستكون بديلاً مؤقتاً لطائرة الرئاسة، وستُمنح لمكتبته الرئاسية بعد انتهاء ولايته، لكنه نفى أنه سيسافر على متنها حينها.
وأوضحت المصادر أن الصفقة لا تزال قيد البحث بين المحامين من الجانبين. وأشار المصدر الثاني إلى أنه "منذ ذلك الوقت (التواصل الأميركي الأولي مع قطر) وحتى الوقت الراهن، لا يزال الأمر في أيدي الفرق القانونية، ولم يُتخذ أي قرار على الإطلاق".