تستضيف العاصمة الإسبانية مدريد، الأحد، الاجتماع الموسع للجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية المعنية بشأن غزة، في خطوة تعكس حراكاً دبلوماسياً مهماً لدعم القضية الفلسطينية، خاصة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وتدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع.
ووصل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى مدريد في وقت سابق السبت، للمشاركة في الاجتماع الذي يضم كذلك مجموعة مدريد، وعدداً من الدول الأوروبية.
وذكرت وزارة الخارجية السعودية في بيان، أنه من المقرر أن "يبحث الاجتماع تطورات الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية، والجهود الدولية الرامية إلى إيقاف الحرب وإنهاء المعاناة الإنسانية في القطاع".
وأضاف البيان: "كما سيناقش التحضيرات الجارية للمؤتمر الدولي رفيع المستوى لحل الدولتين، الذي سيُعقد في مقر الأمم المتحدة خلال يونيو المقبل بمدينة نيويورك، برئاسة مشتركة من السعودية وفرنسا".
ملامح اصطفاف جديد
الحضور الأوروبي المتنامي إلى جانب الموقف العربي الإسلامي الموحد يُظهر ملامح اصطفاف سياسي جديد يعيد تشكيل خريطة العلاقات الدولية بشأن القضية الفلسطينية.
فاجتماع اللجنة الوزارية يعكس تطوراً في الموقف الأوروبي، الذي بات أكثر استعداداً لتجاوز الاعتبارات السياسية القديمة، والتوجه بخطوات عملية قد تفضي إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كوسيلة لحماية حل الدولتين من الانهيار.
كما يُلاحظ نجاح اللجنة في تسليط الضوء على الأوضاع المتردية في قطاع غزة، والذي دفع عدداً متزايداً من العواصم الأوروبية إلى عدم الاكتفاء بالتنديد والدعوة لوقف إطلاق النار، بل انتقل إلى مستوى جديد من العمل السياسي، مدفوعاً بحجم الكارثة الإنسانية، والضغط الشعبي المتصاعد داخل هذه الدول لوقف دعم السياسات الإسرائيلية.
يُذكر أن اللجنة الوزارية العربية الإسلامية، التي تم تشكيلها بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، حققت خلال الفترة الماضية اختراقات سياسية ملموسة، تمثلت في إقناع عدة دول باتخاذ خطوات ملموسة نحو الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين.
اجتماع رباعي في باريس
وفي وقت سابق الجمعة، عقدت اللجنة الوزارية المكلّفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة بشأن غزة، والتي يرأسها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مباحثات موسعة بمشاركة وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي، والأردني أيمن الصفدي، مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، لبحث تطورات الأوضاع في القطاع، والدفع نحو حل الدولتين.
ويأتي الاجتماع في وقت تتصاعد فيه الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار في غزة، في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، وتزايد وتيرة العنف والتصعيد العسكري الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني.
وتركّزت المباحثات على تنسيق الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأعمال القتالية وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع إلى سكان القطاع، الذين يواجهون أوضاعاً معيشية متدهورة ونقصاً حاداً في الإمدادات الطبية والغذائية.
تنفيذ حل الدولتين
وكان مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية قد استضاف، الجمعة، الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي رفيع المستوى من أجل التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين، بمشاركة واسعة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وأكدت المستشارة بوزارة الخارجية السعودية، منال رضوان رئيس وفد المملكة في الاجتماع، أن المملكة بالشراكة مع فرنسا تسعى إلى أن يشكل المؤتمر نقطة تحوّل تاريخية نحو سلام عادل ودائم، مشددة على ضرورة إنهاء الاحتلال، وتأسيس دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة كسبيل وحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وشددت على أن إنهاء الحرب، والإفراج عن الرهائن والمحتجزين، وضمان الأمن الشامل لا يمكن تحقيقه إلا من خلال خطة سياسية موثوقة تعالج جذور الصراع، مؤكدة أهمية دعم المجتمع الدولي للحكومة الفلسطينية.
وجددت التزام المملكة الثابت بمبادرة السلام العربية، ودورها المحوري في إطلاق "التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين" بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والنرويج.
وشهد الاجتماع استعراض 19 دولة ومنظمة تشارك في رئاسة مجموعات العمل الثمان المنبثقة عن المؤتمر، كما شهد تقديم إحاطات بشأن التقدم المحرز في إعداد المخرجات المتوقعة لكل مجموعة، فضلاً عن تأكيدات من الدول الأعضاء على دعمها الكامل للمملكة وفرنسا، وإشادتها بالجهود التي تبذلها فرق العمل، مؤكدة التزامها بالمشاركة بمقترحات وأفكار عملية من شأنها أن تسهم في إنجاح المؤتمر الدولي المقرر عقده من 17 إلى 20 يونيو المقبل.