"زمالة بنجامين فرانكلين".. جمعية يمينية تدير سياسة أميركا الخارجية

time reading iconدقائق القراءة - 6
شعار وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن. 26 يناير 2017 - Reuters
شعار وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن. 26 يناير 2017 - Reuters
دبي -الشرق

إذا أردت أن تعرف من يدير وزارة الخارجية الأميركية هذه الأيام، فقد يساعدك تصفح موقع إلكتروني حديث نسبياً لجماعة محافظة تُدعى "زمالة بنجامين فرانكلين" (Ben Franklin Fellowship)، والتي تضم قائمة أعضائها نائب وزير الخارجية، كريس لاندو، ومسؤولين كباراً في إدارات مثل الشؤون القنصلية، بل وحتى من يشغلون مناصب وكيل وزارة بالإنابة. وتشمل الزمالة، دبلوماسيين حاليين وسابقين، إلى جانب مختصين في الشؤون الدولية. 

ورغم أن الزمالة تُعرف نفسها كجهة غير حزبية، فإن ميولها اليمينية واضحة، إذ تُعلي من شأن أهداف مثل تأمين الحدود، وتعترض على ممارسات التنوع والإنصاف والشمول المعتادة، وتدعو إلى الاستخدام المدروس للموارد الأميركية في الخارج، وفق مجلة "بوليتيكو". 

وقالت "بوليتيكو"، إنها أجرت عدة محادثات مع مؤسسي الزمالة، الذين وصفوها بوضوح بأنها "ملاذ لفئة يشعرون أنها مهمشة" في أروقة الدبلوماسية الأميركية. 

منبر اليمين

وقال ماثيو بويز، أحد مؤسسي الزمالة ودبلوماسي سابق: "إنها شبكة لأشخاص لا ينتمون إلى التيار التقدمي، وكان لديهم شعور بأنهم يفتقرون إلى منبر مثل ذلك الذي كان متاحاً للعديد من الآخرين داخل وزارة الخارجية على مدار عقود". 

لكن كثيرين من الدبلوماسيين الأميركيين المحترفين، ينظرون إلى المنظمة بعين الريبة. وحذروا من أن هذه الجماعة قد تسيس السلك الدبلوماسي الذي يُفترض أن يكون غير حزبي، وتُقوض عملية صنع القرار من خلال الترويج لعقيدة مستوحاة من حركة "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" (MAGA) بدلاً من الحقائق. 

ويخشى البعض أن الانضمام إلى الزمالة أصبح بمثابة "شرط غير رسمي" للترقي المهني في ظل إدارة الرئيس دونالد ترمب، وأن رسائلها المناهضة لمبادئ التنوع والإنصاف والشمول قد تضر بالنساء والأقليات في وزارة يهيمن عليها تاريخياً رجال بيض. 

كما عبر بعضهم عن شكوكهم في كفاءة أعضاء الزمالة الذين نالوا مهام مرموقة، حسبما ذكرت "بوليتيكو". 

وقالت موظفة في وزارة الخارجية الأميركية، طلبت من "بوليتيكو" عدم كشف هويتها، خشية فقدان وظيفتها بسبب الحديث إلى الصحافة، إن الزمالة "تبدو وكأنها قائمة ولاء خفية لحركة MAGA، فقط سجل اسمك لتكون واحداً من الصالحين". 

وقالت "بوليتيكو"، إن "زمالة بنجامين فرانكلين" ليست المجموعة الوحيدة التي تستقطب المهتمين بالأمن القومي من مختلف التوجهات السياسية، بدءاً من "مشروع ترومان للأمن القومي" ذي التوجهات اليسارية، وصولاً إلى "معهد هدسون" ذي الميول اليمينية. 

ولا يزال الحق في حرية تكوين الجماعات قائماً، حتى بالنسبة للدبلوماسيين الذين يُتوقع منهم تنفيذ سياسات الرئيس، بغض النظر عن آرائهم الشخصية. 

لكن ما يميز "زمالة بنجامين فرانكلين"، هو تركيزها المكثف على إصلاح وزارة الخارجية نفسها. فهي تسعى إلى إدخال أشخاص يحملون توجهات فكرية بعينها إلى الوزارة، وهو نهج قد يؤثر على السياسة الخارجية الأميركية لعقود مقبلة.

"دبلوماسيون منسيون"

وفي 2 مايو الجاري، نظمت وزارة الخارجية احتفالها السنوي بـ"يوم الشؤون الخارجية"، وسط قلق في وزارة الخارجية بسبب خطة لإعادة الهيكلة تهدد العديد من الوظائف، إلى جانب تدمير إدارة ترمب للوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وكان عدد من المتحدثين الرئيسيين من زملاء برنامج "بن فرانكلين". وكانت الأجواء "محرجة"، بحسب "بوليتيكو". 

ومن بين المتحدثين كان، لو أولوسكي، القائم بأعمال رئيس الموارد البشرية في الوزارة، الذي أثنى على الزمالة خلال كلمته. وقد سخر دبلوماسيون من تعيين أولوسكي، قائلين إنه صغير السن وغير مؤهل لهذا المنصب. 

وكان هناك أيضاً فيليب ليندرمان، الدبلوماسي المتقاعد وأحد مؤسسي الزمالة، الذي حصل على جائزة كبرى هي "كأس المدير العام للسلك الدبلوماسي". 

وفي كلمته، قال ليندرمان إنه يتسلم الجائزة نيابة عن ضباط الخدمة الخارجية "المنسيين"، الذين "تم تجاهلهم عمداً في الترقيات والمهام الخارجية" بسبب سياسات التنوع والإنصاف "المتطرفة"، ما دفاع بعض الحاضرين إلى مغادرة القاعة. 

كما أعرب الذين تابعوا الحدث عبر الإنترنت عن صدمتهم من تصريحات ليندرمان، إذ قالوا إنها توحي بأن النساء والأقليات اللواتي حصلن على ترقيات لم يكن يستحققنها.

وتحدث أيضاً نائب وزير الخارجية، كريس لاندو، الذي شدد مراراً على أهمية الاحترام، وأعرب عن خيبة أمله من انسحاب بعض الحضور. لكن تصريحاته قوبلت بصيحات استهجان من بعض الحاضرين، الذين تساءلوا عن سبب ازدراء إدارة ترامب للدول الحليفة للولايات المتحدة ولموظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. واعتبرت "بوليتيكو" هذه المقاطعات "خرقاً صادماً" للأعراف الدبلوماسية. 

"دولة عميقة" يمينية

ويصر مؤسسا الزمالة، على أنهم لا يسعون إلى إدخال السياسة الحزبية في الدبلوماسية الأميركية، وأن آخر ما يريدونه هو خلق "دولة عميقة" يمينية داخل الحكومة. 

وقال لي ليندرمان: "نحن نؤمن بشدة بالنظام الدستوري، والذي ينص على أن البيروقراطية الفيدرالية تعمل لصالح الرئيس، ولا تمتلك مصالح سياسية مشروعة تتجاوز ما يريد الرئيس تنفيذه". 

لكن قادة الزمالة يجادلون بأن وجهات النظر المحافظة نادراً ما تجد تمثيلاً داخل السلك الدبلوماسي، مما يُضعف النقاشات السياسية. لذا، وبينما يخشى بعض الدبلوماسيين من أن الزمالة قد تدفع هذه النقاشات نحو أيديولوجيا بعينها، يرى مؤسسوها أن الميل قائم بالفعل ولكن في الاتجاه المعاكس. 

قال كل من سيمون هانكينسون، وليندرمان، إن فكرة إنشاء شبكة للدبلوماسيين المحافظين راودتهما منذ سنوات، لكن ليندرمان هو من بدأ العمل الفعلي الذي أفضى إلى تأسيس الزمالة، فيما تولى بويز الربط بين الاثنين. 

وقالت "بوليتيكو"، إن وزارة الخارجية الأميركية، لم تجب مباشرة على أسئلتها بشأن دور الزمالة، بما في ذلك ما إذا كان الانتماء إليها يؤثر على قرارات التوظيف. 

لكن الوزارة أرسلت بياناً قالت فيه إن وزير الخارجية ماركو روبيو وفريقه، "يقدرون الأفكار والقيادة التي يقدمها أعضاء زمالة بن فرانكلين". 

تصنيفات

قصص قد تهمك