أعلن رئيس مؤسسة إغاثة غزة، الخاصة المدعومة من الولايات المتحدة والمكلفة بتوزيع المساعدات في القطاع وفق خطة إسرائيلية أميركية، استقالته، قائلاً إنه لا يمكنه أن يؤدي مهمته بطريقة تلتزم بـ"المبادئ الإنسانية"، وذلك وسط رفض الأمم المتحدة ووكالاتها التعاون مع المؤسسة نظراً لمخاوف من استخدام الخطة كـ"غطاء لتهجير الفلسطينيين".
وقال جيك وود، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية وتولى منصب المدير التنفيذي لمؤسسة إغاثة غزة قبل شهرين، في بيان إنه استقال لأن المؤسسة لم تستطع الالتزام "بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية، والتي لن أتخلى عنها".
وبرزت مؤسسة إغاثة غزة غير الربحية Gaza Humanitarian Foundation، المعروفة اختصاراً بـ(GHF) مع تصاعد الضغط الدولي على إسرائيل بسبب الأوضاع في غزة، إلا أن الخطة لقيت معارضة من الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية التي أعربت عن مخاوف من أن الخطة قد تستخدم كغطاء لتهجير الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه.
ورغم أن الخطة تم تقديمها في البداية على أنها مبادرة أميركية، إلا أنها نشأت في إسرائيل خلال الأسابيع الأولى من الحرب على غزة.
وبشكل منفصل، أعلنت المؤسسة أنها ستبدأ في إيصال المساعدات مباشرة إلى القطاع في 26 مايو، وأضافت في بيان، أن المساعدات ستصل إلى نحو مليون فلسطيني بحلول نهاية الأسبوع الجاري.
وقالت إنها تخطط لزيادة المساعدات بشكل مطرد لـ"خدمة جميع السكان في غزة" في الأسابيع المقبلة.
مؤسسة GHF تحل محل الأمم المتحدة
وكان من المفترض أن تحل المؤسسة تدريجياً محل نظام الأمم المتحدة الحالي الذي يوفر الغذاء في مئات المواقع في جميع أنحاء غزة، وكان جيك وود مكلفاً بتمويل الخطة، التي تهدف إلى "تقويض سيطرة حركة حماس في غزة، وتجاوز الدور التقليدي للأمم المتحدة في توزيع المساعدات".
وتعهدت المؤسسة بتوزيع 300 مليون وجبة في أول 90 يوماً من عملياتها، ولكن الأمم المتحدة ووكالاتها قالت إنها لن تتعاون مع المنظمة، وسط مخاوف من انتهاك المبادئ الإنسانية الأساسية.
ووفقاً لما ذكرته "نيويورك تايمز"، فإن المشروع تحت إدارة فيليب إف. رايلي، وهو ضابط سابق برتبة رفيعة في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، بينما يقود جيك وود عملية جمع التبرعات.
وقال وود في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت السبت، إن النظام الجديد للمساعدات "ليس مثالياً"، وأضاف أن مؤسسته "مستقلة" عن الحكومة الإسرائيلية، وأنه لم يتلق أي تمويل منها، وأنه دفع باتجاه إنشاء نقاط توزيع في شمال غزة، إذ كانت خطة توزيع المساعدات تقتصر على الجنوب فقط.
وقال وود للصحيفة: "لن أشارك في أي خطة، بأي صفة كانت، إذا كانت امتداداً لخطة للجيش الإسرائيلي أو الحكومة لتهجير السكان قسراً في أي مكان داخل غزة"، وفق قوله.
وقبل شهرين، قال وود في بيان إنه طلب منه تولي المنصب بسبب "خبرتي في العمليات الإغاثية".
وتعود جذور المشروع إلى بدايات حرب غزة في 2023، عندما تم استدعاء مئات الآلاف من الجنود الاحتياطيين الإسرائيليين، وتمكن عدد منهم من الوصول إلى مناصب مؤثرة في الحكومة والجيش.
وتشكلت شبكة غير رسمية من مسؤولين وضباط ورجال أعمال متقاربين في التفكير، رأوا أن الحكومة والجيش الإسرائيليين يفتقران إلى استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع غزة، فبادروا إلى وضع خطة بديلة، بحسب الصحيفة.
تمويل المؤسسة
ولا يزال من غير الواضح مَن يموّل هذه العملية الضخمة التي تقوم بها المؤسسة، والتي تهدف إلى توفير الغذاء لنحو مليون شخص في غزة، أي ما يقارب نصف سكان القطاع، بالإضافة إلى توظيف نحو ألف حارس أمن مسلح.
وذكر وود أن المؤسسة حصلت على تمويل تأسيسي بسيط من رجال أعمال غير إسرائيليين، لكنه رفض الكشف عن أسمائهم أو أسماء الأشخاص الذين عيّنوه.
وفي وقت لاحق، أصدرت المؤسسة بياناً قالت فيه إن "دولة من أوروبا الغربية" تبرعت بأكثر من 100 مليون دولار لتمويل عملياتها المستقبلية، لكنها رفضت أيضاً الكشف عن اسم الدولة.
مخاوف أممية
وأعلنت الأمم المتحدة، أنها لن تشارك في العملية لأنها "لن تكون نزيهة أو حيادية أو مستقلة". وذكر فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة للصحافيين، أن "خطة توزيع (المساعدات) هذه بالذات لا تتوافق مع مبادئنا الأساسية، ومن بينها مبادئ الحيادية والنزاهة والاستقلالية، ولن نشارك فيها".
وانتقد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، الثلاثاء، خطة توزيع المساعدات، ووصفها بأنها "غطاء لمزيد من العنف والنزوح" للفلسطينيين في القطاع الذي عصفت به الحرب.
وقال فليتشر لمجلس الأمن: "إنها مجرد مسرحية هزلية وتشتيت متعمد".
وسبق أن رفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، المقترح الإسرائيلي، وقال في أبريل الماضي، إن المقترح يفرض "مزيداً من السيطرة على المساعدات وتقييدها بصورة قاسية حتى آخر سعرة حرارية وحبة دقيق".
وفي 14 مايو، قال وود في رسالة إلى إسرائيل، إن "المؤسسة لن تعطي لإسرائيل أي معلومات شخصية عن متلقي المساعدات".
وذكرت "مؤسسة إغاثة غزة" في بيان منفصل، أن إسرائيل وافقت على توسيع عدد مواقع التوزيع "لخدمة جميع سكان غزة، وإيجاد حلول لتوزيع المساعدات على المدنيين غير القادرين على الوصول إلى أي من مواقع المؤسسة".