اعتبر الاتحاد الأوروبي أن المكالمة الهاتفية التي جرت الأحد، بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أعطت "زخماً جديداً" للمحادثات التجارية بين الجانبين، بعدما تراجع ترمب عن تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الواردات من التكتل الذي يضم 27 دولة.
وحدد الرئيس الأميركي تاريخ 9 يوليو المقبل موعداً نهائياً للتوصل إلى اتفاق، لاتاحة المجال أمام المزيد من المحادثات بين الاتحاد الأوروبي وواشنطن، متراجعاً عن تهديده بفرض رسوم بنسبة 50% على التكتل في أول يونيو، ووصف ترمب المكالمة، الأحد، بأنها كانت "ودية للغاية".
وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية إن المكالمة جاءت بمبادرة من فون دير لاين، لكنه رفض التطرق لأي تفاصيل بشأن النقاش الذي دار بينهما، وأعلنت المفوضية أنه من المقرر أن يعقد ممثلو التجارة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي محادثات، الاثنين.
وأضاف: "هناك الآن زخم جديد للمفاوضات، وسننطلق من هناك. اتفقا على تسريع المفاوضات التجارية والبقاء على تواصل وثيق".
ماكرون يرحب.. وميرتس يحذر
بدوره، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين، إن ترمب وفون دير لاين أجريا "حواراً جيداً"، وعبّر عن أمله في توصلهما إلى أقل مستوى ممكن من الرسوم الجمركية.
وأضاف ماكرون للصحافيين خلال زيارته إلى فيتنام "المحادثات تحرز تقدماً. كان هناك حوار جيد بين الرئيس ترمب والرئيسة فون دير لاين، وآمل أن نواصل هذا المسار ونعود إلى أدنى مستوى ممكن من الرسوم الجمركية، بما يسمح بتبادلات مثمرة". وقال ماكرون أيضاً إن الرسوم الجمركية ليست الطريقة الصحيحة لمعالجة اختلالات التجارة.
وفي برلين، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن على الاتحاد الأوروبي أن يستعد لاحتمال فشل المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة، وكذلك لأي سيناريو آخر.
وأضاف أن خدمات التكنولوجيا الأميركية تتمتع بـ"بيئة ضريبية ميسّرة داخل الاتحاد الأوروبي، وليس من الضروري أن تبقى على هذا النحو".
وسجّل اليورو أعلى مستوى له في شهر مقابل الدولار، الاثنين، بينما ارتفعت الأسهم الأوروبية، ومن المتوقع أن تعوض خسائر الجلسة السابقة. وتراجعت أسعار الذهب، حيث قلّصت خطوة ترمب الأخيرة الطلب على الملاذ الآمن.
ترمب يخفف النبرة
وهدد ترمب الجمعة بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي بنسبة 50% اعتباراً من 1 يونيو، معرباً عن إحباطه من عدم تقدم المفاوضات التجارية مع الاتحاد بالسرعة الكافية.
وأدى هذا التهديد إلى اضطراب الأسواق المالية العالمية وتفاقم حرب تجارية تخللتها تغييرات متكررة في سياسات الرسوم الجمركية تجاه شركاء الولايات المتحدة التجاريين وحلفائها.
وتراجع ترمب، الذي أعرب مراراً عن استيائه من الاتحاد الأوروبي ومعاملته للولايات المتحدة في التجارة، عن موقفه بعد أن أخبرته رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين الأحد، أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق.
وطلبت منه خلال مكالمة هاتفية تأجيل الرسوم الجمركية حتى يوليو، وهو الموعد النهائي الذي حدده في البداية عندما أعلن عن الرسوم الجمركية الجديدة في أبريل. وصرح ترمب للصحافيين بأنه وافق على الطلب.
وقال ترمب قبل عودته إلى واشنطن بعد عطلة نهاية أسبوع في نيوجيرسي: "وافقت على تأجيلها. قالت إننا سنجتمع سريعاً ونرى ما إذا كان بإمكاننا التوصل إلى حل".
وصرحت فون دير لاين في منشور على منصة "إكس"، بأنها أجرت "مكالمة جيدة" مع ترمب، وأن الاتحاد الأوروبي مستعد للتحرك بسرعة.
وقالت: "أوروبا مستعدة لدفع المحادثات بسرعة وحسم. وللتوصل إلى اتفاق جيد، نحتاج إلى مهلة حتى 9 يوليو".
"تباين الأولويات"
وتنفست الأسواق الصعداء بعد تراجع الإدارة الأميركية عن موقفها، لكن من غير المؤكد أن تظل الأوضاع مستقرة بالنظر إلى سياسات ترمب المتقلبة والتغييرات المتكررة التي أدخلها على سياسات الرسوم الجمركية.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة قولها، إن مستشاري ترمب أعربوا بشكل غير علني لمسؤولين أوروبيين عن استيائهم من تباين أولويات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ما أعاق التقدم في المحادثات التجارية.
واشتكى الفريق الأميركي من ما اعتبره "نهجاً أوروبياً حذراً وتردداً" في تقديم عروض ملموسة تعالج القضايا التي تهم الولايات المتحدة، مثل الرسوم المفروضة على خدمات البث، والضرائب على القيمة المضافة، والتنظيمات المتعلقة بقطاع السيارات، والغرامات المفروضة على الشركات الأميركية في قضايا الاحتكار.
وأضافت المصادر، أن واشنطن "لم تحصل حتى الآن على التزام من قادة الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على صناعات صينية"، وهو أمر تعتبره إدارة ترمب أولوية في إطار محاولاتها لتصعيد الضغط التجاري على الصين.