ترمب يبدأ حملته لـ"تطويق" الصين تجارياً عبر فيتنام وجيرانها

time reading iconدقائق القراءة - 6
عمال في مصنع هونج فيت لتصدير الملابس في مقاطعة هونج ين. فيتنام في 30 ديسمبر 2020 - reuters
عمال في مصنع هونج فيت لتصدير الملابس في مقاطعة هونج ين. فيتنام في 30 ديسمبر 2020 - reuters
دبي-الشرق

يقدّم الاتفاق التجاري الأولي بين الولايات المتحدة وفيتنام، لمحة عن كيف يدفع الرئيس دونالد ترمب الدول لتقليص اعتمادها التجاري على الصين.

ففي ولايته الأولى، أجبر ترمب الشركات على تقليص اعتمادها على الصين، أما الآن، فهو يضغط على الدول لاستبعاد بكين من سلاسل التوريد الخاصة بها، حسبما ذكرت "نيويورك تايمز".

ويُعد الاتفاق التجاري الأولي، الذي أُعلن الأربعاء، بين الولايات المتحدة وفيتنام، الخطوة الأهم حتى الآن نحو تحقيق هذا الهدف.

ورغم أن تفاصيل الاتفاق ما تزال محدودة، إلا أن الصادرات الفيتنامية إلى الولايات المتحدة ستواجه رسوماً جمركية بنسبة 20%، وهو معدل أقل مما كان ترمب قد هدّد به سابقاً.

لكن اللافت في الأمر، بحسب "نيويورك تايمز" أن الاتفاق سيفرض رسوماً بنسبة 40% على أي صادرات من فيتنام تُصنّف على أنها إعادة تصدير (transshipment)، أي السلع التي مصدرها الحقيقي دولة أخرى (غالباً الصين) وتم تمريرها فقط عبر فيتنام.

وذكرت الصحيفة الأميركية، أن هذا البند موجه تحديداً إلى الصين، التي استخدمت فيتنام ودولاً مجاورة لها لـ"الالتفاف" على الرسوم الأميركية عبر إعادة تصنيع البضائع.

ويحتمل أن تصبح هذه القاعدة جزءاً من صفقات تجارية مماثلة بين الولايات المتحدة ودول أخرى في جنوب شرق آسيا، في محاولة لتجنب الرسوم الباهظة التي دخلت حيّز التنفيذ الأربعاء.

ضغوط على جيران الصين

ويضغط مفاوضو ترمب التجاريون على جيران فيتنام، مثل إندونيسيا، لتقليل المحتوى الصيني في سلاسلهم الإنتاجية. كما يطلبون من تايلندا فحص الاستثمارات الأجنبية بدقة أكبر، بهدف منع انتقال الشركات الصينية إليها. وهناك أيضاً ضغط على بعض الدول لتقييد تصدير التكنولوجيا الحساسة مثل أشباه الموصلات (semiconductors).

وقال ستيف أوكن، الرئيس التنفيذي لشركة "APAC Advisors": "إدارة ترمب تقول: إذا أردت أن تكون شريكاً تجارياً للولايات المتحدة، فعليك أن تفصل نفسك استراتيجياً عن الصين"، ثم أضاف: "السؤال الآن هو: هل ستوافق الدول على ذلك؟".

وتزيد جهود الولايات المتحدة لعزل الصين من التحديات التي تواجه دول جنوب شرق آسيا، وهي منطقة استراتيجية لبكين، وتُعد بالفعل في طليعة الحرب التجارية والصناعية العالمية، بحسب "نيويورك تايمز".

وأعلنت وزارة التجارة الصينية الخميس أنها "تجري تقييماً" للاتفاق الأميركي الفيتنامي، مؤكدة أنها "تعارض بشدة أي اتفاق يأتي على حساب مصالح الصين، وستتخذ إجراءات مضادة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة".

وذكرت الصحيفة الأميركية أن تفاصيل الاتفاق لم تتضح بعد، بما فيها النسبة المسموح بها من المكونات الصينية في المنتجات الفيتنامية المصدّرة، وكيفية تطبيق القواعد ومراقبتها.

وضع حرج

وكانت فيتنام في وضع حرج خلال المفاوضات، إذ هدد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 46% على صادراتها، مما أحدث صدمة في صناعات مثل الملابس، الأحذية، والإلكترونيات، والتي باتت تعتمد على فيتنام كبديل عن الصين.

وقال تران كوانج، مسؤول تنفيذي في شركة عطور منزلية تصدر معظم منتجاتها لأميركا: "20% ليست أفضل سيناريو، لكنها ليست كارثة".

وأضاف أنه يؤيد فرض الرسوم المرتفعة على إعادة التصدير، لأنها تحمي الشركات الفيتنامية من المنافسة غير العادلة مع شركات صينية صغيرة تنتقل لفيتنام فقط لتغيير ملصقات منشأ المنتجات.

وذكرت "نيويورك تايمز" أن التجارة والاستثمار الصيني ساعدا في دعم النمو في فيتنام والمنطقة، لكن جنوب شرق آسيا تعاني من تدفق السلع الصينية التي تُخرج الشركات المحلية من السوق.

 وأدى دعم بكين لمصانعها وسط أزمتها العقارية إلى طفرة في الصادرات الصينية حول العالم. لكن فرض قيود على تجارة الصين في المنطقة، قد يؤدي إلى تداعيات متسلسلة قد تضر اقتصادات جنوب شرق آسيا.

وإلى جانب مخاطر دبلوماسية أيضاً، فقد يؤدي الضغط الأميركي إلى دفع بعض الدول أكثر نحو الحضن الصيني. فبكين أظهرت أنها مستعدة للرد بصرامة، مثل مقاطعة السلع، أو تقييد تصدير المعادن النادرة التي تعتمد عليها جاراتها. كما أنها زادت من توتراتها العسكرية في بحر الصين الجنوبي.

وقالت باڤيدا بانانوند، أستاذة التجارة الدولية في جامعة "ثاماسات" في تايلندا: "سياسياً، يجب أن نكون حذرين بين قوتين عظيمتين. الصين قوة اقتصادية كبرى،  ليست كمستوردة، بل أيضاً كمستثمرة ومصدر رئيسي للتصدير".

في الأسابيع الأخيرة، بدأت بعض دول المنطقة، مثل تايلندا وماليزيا وإندونيسيا، اتخاذ إجراءات صارمة لمراقبة إعادة التصدير، مما يعطي مؤشرات عما قد توافق عليه في صفقاتها التجارية القادمة مع واشنطن.

ففي تايلندا، التي تواجه تهديداً بفرض رسوم أميركية بنسبة 36%، قدّرت الحكومة أن فحص الصادرات بدقة سيؤدي إلى خسارة 15 مليار دولار من صادراتها إلى الولايات المتحدة، ما يعادل ثلث فائضها التجاري مع واشنطن في العام الماضي.

كما وعدت تايلندا بتشديد الرقابة على الاستثمارات الأجنبية في قطاعات مثل السيارات الكهربائية، حيث ضخت الشركات الصينية أموالاً ضخمة لجلب مورديها المحليين.

أما ماليزيا وإندونيسيا، فقد شددتا قواعد التصدير وضبطتا إصدار شهادات المنشأ مركزياً لتفادي الاحتيال، وفق "نيويورك تايمز".

تصنيفات

قصص قد تهمك