"الهجرة الأميركية" اعتمدت على مواقع مؤيدة لإسرائيل لاستهداف طلاب مناصرين لفلسطين

time reading iconدقائق القراءة - 7
طلاب لم يتمكنوا من الاحتفال بالتخرج بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جامعة هارفارد، ماساتشوستس. 23 مايو 2024 - Reuters
طلاب لم يتمكنوا من الاحتفال بالتخرج بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جامعة هارفارد، ماساتشوستس. 23 مايو 2024 - Reuters
دبي-الشرقالشرق

أقرّ مسؤول رفيع بإدارة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE)، الأربعاء، أمام محكمة فيدرالية، بأن مكتبه استعان بمواقع إلكترونية مؤيدة لإسرائيل، تُعنى بوضع قوائم سوداء، بطريقة تفتقر إلى الشفافية، وذلك بهدف المساعدة في استهداف ناشطين من الطلاب الأجانب للتحقيق معهم، وربما اتخاذ إجراءات لترحيلهم لاحقاً، وفقاً لما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز". 

وقالت الصحيفة الأميركية، إن الشهادة التي قدّمها بيتر هاتش، المدير المساعد في إدارة تحقيقات الأمن الداخلي التابعة لإدارة الهجرة والجمارك، تُعد المرة الأولى التي يعترف فيها مسؤول في الإدارة الأميركية باستخدام مصادر غير رسمية وغامضة، من بينها موقع Canary Mission، الذي وُجهت إليه اتهامات بنشر معلومات شخصية عن أفراد ناشطين في دعم القضية الفلسطينية. 

وجاءت شهادة هاتش خلال اليوم الثالث من جلسات المحاكمة التي باتت تشكل تحدياً كبيراً للسياسات التي تبنتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الطلاب الأجانب.

وكان محامو عدد من المؤسسات الأكاديمية، التي رفعت دعوى قضائية ضد الإدارة، استدعوا هاتش للإدلاء بشهادته دعماً لمزاعمهم بأن احتجاز منتقدين بارزين لإسرائيل كان جزءاً من سياسة رسمية تهدف إلى قمع الخطاب السياسي الذي يتعارض مع أجندة إدارة ترمب. 

ورغم نفي الحكومة الأميركية وجود سياسة رسمية بهذا الشأن، فإن ترمب وعدداً من مسؤولي إدارته، من بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو، واصلوا وصف التظاهرات المؤيدة لفلسطين في الجامعات الأميركية، والتي اندلعت رداً على الحرب في قطاع غزة، بأنها تمثل تهديداً للمصالح الوطنية.

وكان روبيو وصف تلك الاحتجاجات بأنها تعبّر عن "دعم لحركة حماس"، التي تصنفها الحكومة الأميركية كـ"منظمة إرهابية". 

ووفقاً لما أوردته الصحيفة، فإن شهادة هاتش ساهمت في الكشف عن تفاصيل جديدة تتعلق بموجة الاعتقالات المفاجئة التي بدأت في مارس الماضي، حين ألقت السلطات القبض على نحو 6 أكاديميين غير أميركيين، من بينهم شخصيات بارزة في الحركة المؤيدة لفلسطين، وذلك على يد ضباط من إدارة الهجرة كانوا يرتدون أقنعة. 

وأشار هاتش خلال شهادته، إلى أن مكتبه، الذي يضم قرابة ألف محلل، مُكلّف "بتفكيك المنظمات الإجرامية العابرة للحدود"، ويضم فرقاً متخصصة للتحقيق في مجالات مثل الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال.  

"فريق النمر"

وأضاف المسؤول الرفيع بإدارة الهجرة والجمارك الأميركية، أنه في مارس الماضي، شكَّل "فريق النمر"، وهو وحدة متخصصة أُنشئت استجابةً لأوامر عاجلة، بهدف تسريع تحليل ملفات آلاف الأشخاص الذين وردت أسماؤهم وهوياتهم على موقع Canary Mission. 

وأوضح هاتش قائلاً: "كانت هناك قائمة تحتوي على العديد من الاتهامات، مثل انخراط هؤلاء المتظاهرين في أنشطة عنيفة، أو تأييدهم لأعمال عنف، أو دعمهم لمنظمات مصنفة إرهابية"، في إشارة إلى المعلومات التي جمعها فريقه من الموقع.  

وذكر هاتش أنه شارك في اجتماع عُقد خلال مارس الماضي مع مسؤولين كبار بوزارة الأمن الداخلي، طُلب خلاله من مكتبه تسريع عمليات التحليل، وإعداد تقارير يُمكن لوزارة الخارجية الاعتماد عليها في اتخاذ قرارات بشأن الترحيل.

وأضاف: "نحن نعمل في وكالة، وفي بيئة لا تسمح بأن تُنجز الأمور خلال أشهر طويلة"، مشيراً إلى الضغوط التي تعرض لها مكتبه من أجل تسريع الإجراءات.

ورغم تأكيده، خلال استجوابه من أحد محامي المؤسسات الأكاديمية، على أن مكتبه لا تربطه علاقة رسمية بموقع Canary Mission، وأنه "يحصل على معلومات من مصادر متنوعة"، فإن هاتش أقر بأن فريقه اعتمد بالفعل على ملفات الأشخاص المنشورة على الموقع، إلى جانب قائمة مماثلة أعدتها مجموعة أخرى مؤيدة لإسرائيل تُدعى Betar، لتحديد الأشخاص المطلوب التحقيق معهم، دون امتلاك فهم واضح لمعايير إدراج الأسماء في تلك القوائم. 

وخلال الجلسة أعرب القاضي ويليام جي. يونج، من المحكمة الفيدرالية بمقاطعة ماساتشوستس، عن دهشته بعد سماعه من هاتش بأن الفريق المُكلَّف طُلب منه التدقيق في ملفات آلاف الأشخاص الذين نُشرت معلومات عنهم على Canary Mission.  

وسأله القاضي: "هذا يعني أن العدد يفوق 5 آلاف شخص، أليس كذلك؟"، فأجاب هاتش: "نعم يا سيدي. ولهذا السبب شكَّلنا فريق النمر، لأنه لا يمكن لأي وحدة تقليدية أو مجموعة محللين ضمن الهيكل المعتاد أن تتعامل مع هذا الحجم من العمل". 

وأوضح هاتش أن فريقه، بعد الانتهاء من مراجعة الملفات، قدَّم ما بين 100 إلى 200 تقرير بشأن متظاهرين غير أميركيين إلى وزارة الخارجية، لتحديد ما إذا كانت ستُتخذ بحقهم إجراءات اعتقال.

وكان عدد من الطلاب المعتقلين صرحوا، على مدى الأشهر الماضية، بأن موقع Canary Mission وفَّر لإدارة الهجرة ما وصفوه بـ"خريطة طريق" لتحديد الأهداف المحتملة.

وأعرب بعضهم عن اعتقادهم بأن للمجموعة دوراً خفياً في التخطيط لحملات الترحيل، ومحاولة إسكات الأصوات الناقدة لإسرائيل. 

تسريب معلومات شخصية

وفي هذا السياق، قدَّم محامو محمود خليل، طالب الدراسات العليا السابق بجامعة كولومبيا، والذي احتُجز في مركز تابع لوكالة الهجرة بولاية لويزيانا لأكثر من 3 أشهر، طلبات استناداً إلى قانون حرية المعلومات، للحصول على تفاصيل تتعلق بدور Canary Mission في احتجازه، لا سيما بعد أن نشر الموقع إشادة صريحة باعتقاله.

ولدى تواصل "نيويورك تايمز" مع Canary Mission عبر البريد الإلكتروني، نفى الموقع وجود أي تواصل أو تنسيق مع الإدارة الأميركية. وقال في رد موقَّع باسم "فريق Canary Mission": "نقوم بتوثيق الأفراد والمجموعات التي تروّج للكراهية تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل واليهود". 

وقبل شهادة هاتش، استدعى المحامون أيضاً عدداً من أعضاء هيئة التدريس، الذين تحدثوا عن "التأثير المُرعب" للاعتقالات على الحياة الجامعية.

وقالت نادية أبو الحاج، أستاذة الأنثروبولوجيا في كلية برنارد وجامعة كولومبيا، إنها عثرت على ملف شخصي لها منشور على Canary Mission أثناء تصفحها له بعد انطلاق مظاهرات في الحرم الجامعي.

وأوضحت أبو الحاج أنها شعرت ببعض الحماية في التعبير عن دعمها لتلك الاحتجاجات بسبب كونها مواطنة أميركية، لكنها لاحظت أن عدداً من الطلاب الذين كانت تعمل معهم في مركز دراسات فلسطين بدأوا بالانسحاب من الأنشطة العامة بعد بدء حملة إدارة ترمب ضد الطلاب الأجانب في مارس الماضي. 

وخلال الاستجواب، وجّه محامٍ من وزارة العدل عدة أسئلة إلى أبو الحاج تتعلق بخطاباتها وكتاباتها التي دافعت فيها عن التظاهرات الجامعية منذ مارس الماضي، في محاولة لإقناع القاضي بأنها لم تتعرض لأي تضييق أو تقييد في حريتها في التعبير. لكنها كانت ترد في كل مرة بجواب واحد أعادت التأكيد عليه أكثر من 6 مرات: "نعم، لكنني مواطنة أميركية". 

تصنيفات

قصص قد تهمك