الصين تعزز وجودها في المحيط الهادئ بتمارين عسكرية غير مسبوقة

time reading iconدقائق القراءة - 7
غواصة صواريخ باليستية صينية تعمل بالطاقة النووية خلال عرض عسكري في بحر الصين الجنوبي. 12 أبريل 2018 - REUTERS
غواصة صواريخ باليستية صينية تعمل بالطاقة النووية خلال عرض عسكري في بحر الصين الجنوبي. 12 أبريل 2018 - REUTERS
دبي-الشرق

يعمل الجيش الصيني على توسيع نفوذه بشكل أعمق في المحيط الهادئ، إذ يرسل سفناً وطائرات إلى مناطق جديدة، في إطار تحرك أدى إلى دفع الولايات المتحدة نحو تعزيز دفاعاتها وتحالفاتها في المنطقة، حسبما نقلت "وول ستريت جورنال".

ولطالما اعتبرت بكين تدخل الولايات المتحدة وحلفائها في ما تراه مجال نفوذها التقليدي بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ أمراً مستفزاً، واليوم، باتت الصين تُظهر نفسها بشكل أكثر عدوانية في "ساحتها الخلفية"، بل وتتجاوز الحدود الجغرافية التي طالما التزمت بها قواتها العسكرية.

في المقابل، تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على توزيع أصولهم العسكرية على نطاق أوسع، لضمان سرعة الاستجابة في حال حدوث مواجهة مع الصين. كما تضغط واشنطن على شركائها الآسيويين لتعزيز دفاعاتهم الذاتية.

تمارين حربية واختراقات جوية

عندما أجرت حاملتا طائرات صينيتان تدريبات مشتركة في غرب المحيط الهادئ في يونيو الماضي، نفّذت القوات الصينية أكثر من ألف عملية إقلاع وهبوط للطائرات، كما لاحقت مقاتلات صينية دوريتين يابانيتين كانتا تراقبان التمرين، وفقاً لما أعلنته طوكيو.

ونشرت الولايات المتحدة صواريخ يطلق عليها "قاتلات الحاملات" في شمال الفلبين، ما جعل مرور القوات الصينية عبر سلسلة الجزر الأولى أكثر خطورة في حال نشوب صراع. لكن عرض القوة الصيني في يونيو كان بمثابة رسالة تحدّ واضحة، وفق "وول ستريت جورنال".

أساليب استفزازية

وقالت جينيفر باركر، الزميلة المشاركة في دراسات البحرية بجامعة نيو ساوث ويلز في كانبيرا: "المشكلة ليست في أن لديهم قدرات متزايدة على العمل في المحيطات المفتوحة، فهذا أمر متوقع، بل المشكلة في الطريقة التي يفعلون بها ذلك، وهي طريقة استفزازية".

وأشارت باركر إلى أن رحلة بحرية صينية في فبراير ومارس حول أستراليا أثارت القلق أيضاً، وأضافت: "أستراليا ليست نقطة عبور في طريق أي مكان. إرسال مجموعة بحرية لتطوف حول أستراليا هو فعل رمزي يُراد به إيصال رسالة".

تايوان في مركز التهديد

من وجهة نظر الولايات المتحدة، فإن التهديد الأكبر في التدريبات العسكرية الواسعة التي تجريها الصين يكمن في تايوان، الجزيرة التي تدير نفسها ذاتياً وتطالب بها بكين، وقد هددت بالاستيلاء عليها بالقوة.

ووصف الأميرال صمويل ج. بابارو، قائد القيادة الأميركية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، هذه التدريبات بأنها بمثابة "بروفات" لغزو محتمل.

في مضيق تايوان، وهو ممر مائي يبلغ عرضه حوالي 100 ميل يفصل الجزيرة عن البر الرئيسي الصيني، تُسجل التهديدات يومياً في الجو وعلى سطح البحر.

وتقول تايوان إن الطائرات العسكرية الصينية باتت تعبر بشكل منتظم "الخط الوسيط" الافتراضي داخل المضيق، وتدخل منطقة تحديد الدفاع الجوي التابعة لتايوان بأعداد كانت لتُعتبر صادمة قبل سنوات قليلة فقط.

واتبعت إدارة ترمب سياسة "الغموض الاستراتيجي"، أي عدم التصريح صراحة بما إذا كانت القوات الأميركية ستدافع عن تايوان في حال غزو صيني. وتُعتبر تدخلات الولايات المتحدة ضرورية من وجهة نظر تايوان لمنع سقوطها.

وفي الوقت الراهن، تبيع واشنطن أسلحة لتايوان، منها أنظمة دفاع صاروخي، وتقوم بتدريب بعض جنودها، وتدعم صناعتها الدفاعية.

وفي مايو الماضي، حذر وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث، خلال اجتماع لمسؤولين دفاعيين في سنغافورة، من أن تهديدات الصين لتايوان "قد تكون وشيكة"، محذراً من "عواقب مدمّرة" إذا حاولت بكين السيطرة على الجزيرة بالقوة. وهو جزء من جهود أميركية لحث الشركاء في المنطقة على بذل المزيد لمواجهة الصين.

من جهته، ردّ مسؤول بارز في الحزب الشيوعي الصيني، ليو جيانتشاو، في منتدى عُقد في بكين في يوليو، قائلاً إن تصريحات هيجسيث بشأن نوايا الصين "تحرض على المواجهة والصراع".

التعاون بين الحلفاء

أحد أبرز جوانب ضغوط إدارة ترمب هو مطالبتها لحلفاء آسيا بزيادة إنفاقهم العسكري ليصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي. لكن هذه الجهود واجهت بعض المقاومة؛ فاليابان تسعى فقط لرفع إنفاقها إلى حوالي 2%، في حين قالت كوريا الجنوبية في يونيو إن إنفاقها العسكري "مرتفع جداً بالفعل".

في الوقت نفسه، تحافظ الولايات المتحدة على وجود أمني قوي في آسيا، يضم عشرات الآلاف من الجنود، أبرزهم في جزيرة أوكيناوا اليابانية، التي تبعد أقل من 500 ميل عن تايوان.

ويوجد حوالي 55 ألف عسكري أميركي في اليابان، وأكثر من 28 ألف في كوريا الجنوبية.

وعززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في جزيرة جوام التابعة لها، والتي تستضيف بالفعل عدة غواصات نووية وقاذفات بعيدة المدى، بإضافة قاعدة جديدة يُتوقع أن تؤوي 5 آلاف من مشاة البحرية الأميركية (المارينز).

وفي الفلبين، لا تتمركز القوات الأميركية بشكل دائم، لكن مانيلا سمحت لها باستخدام المزيد من القواعد العسكرية في السنوات الأخيرة. وزادت الولايات المتحدة من نشاطها هناك، بما في ذلك نشر نظام الصواريخ "تايفون" Typhon التابع للجيش الأميركي في جزيرة لوزون الشمالية، ما يجعل مراكز الصين العسكرية والتجارية في مرمى الضربات.

تشمل التدريبات العسكرية الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ مناورات واسعة النطاق في جزر نائية، من بينها تسليم نظام صواريخ مضادة للسفن عالية الدقة إلى جزيرة فلبينية تقع على بعد 120 ميلاً جنوب تايوان.

كما انطلقت الأحد، مناورات "تاليسمان سيبر 2025"، التي تستمر 3 أسابيع، بمشاركة 19 دولة، وتُقام في أستراليا، بقيادة مشتركة بين الولايات المتحدة وأستراليا.

رد بكين

عادة ما تصف بكين التدريبات العسكرية التي تجري بالقرب من محيطها بأنها استفزازية وزعزعة للاستقرار. ففي يونيو، بينما كانت مجموعة حاملة طائرات بريطانية تشق طريقها نحو أستراليا، أبحرت سفينة بحرية تابعة لبريطانيا عبر مضيق تايوان لأول مرة منذ 4 سنوات. وردّت بكين بإجراء تدريبات عسكرية وصفتها تايوان بأنها رد مباشر على هذا العبور.

وقال أحد المسؤولين الأمنيين في تايوان: "من الواضح أن بكين تحاول التصدي لطريقة تقارب الدول الديمقراطية وتعاونها المتزايد".

تصنيفات

قصص قد تهمك