"تشدد ترمب" يعمق مأزق الاتحاد الأوروبي في المفاوضات التجارية مع واشنطن

مسؤولون: الرئيس الأميركي يدفع باتجاه فرض رسوم جمركية بين 15% و20% على التكتل

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث في حفل عشاء مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في البيت الأبيض. 18 يوليو 2025 - Reuters
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث في حفل عشاء مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في البيت الأبيض. 18 يوليو 2025 - Reuters
دبي -الشرق

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مطالبه في مفاوضات التجارة مع الاتحاد الأوروبي، داعياً إلى فرض تعريفات جمركية دنيا تتراوح بين 15% و20% في أي اتفاق مع الاتحاد، وفق ما نقلته صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن ثلاثة أشخاص مطلعين على المحادثات.

ويهدف موقف الرئيس الأميركي المتشدد، إلى اختبار قدرة الاتحاد الأوروبي على تحمل الأعباء بعد أسابيع من المحادثات حول "اتفاقية إطارية" من شأنها أن تُبقي على تعريفة أساسية بنسبة 10% على معظم السلع.

ولم يتأثر ترمب أيضاً بعرض الاتحاد الأوروبي الأخير لخفض التعريفات الجمركية على السيارات، حيث يسعى لإبقاء الرسوم الجمركية على هذا القطاع عند 25% كما هو مخطط له، وفق أشخاص مطلعين على المفاوضات.

وقدّم ماروش شيفتشوفيتش، مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي، تقييماً متشائماً لمحادثاته الأخيرة في واشنطن مع سفراء الاتحاد، الجمعة، وفق ما ذكره مصدران مطلعان على الاجتماع.

وصرّح مسؤول أميركي لصحيفة "فاينانشال تايمز"، بأن إدارة ترمب تدرس حالياً فرض رسوم جمركية متبادلة تتجاوز 10%، حتى في حال التوصل إلى اتفاق.

وأثار ترمب اضطراباتٍ في أسواق الأسهم العالمية في أوائل أبريل عندما فرض رسوماً جمركية "متبادلة" مرتفعة على جميع شركاء الولايات المتحدة التجاريين تقريباً، قبل أن يخفضها إلى 10% لمدة 90 يوماً.

ورغم تحذير الاقتصاديين من أن سياسة ترمب التجارية قد تُفاقم التضخم في الولايات المتحدة، إلا أن لم يتم تسجيل سوى ارتفاع طفيف في مؤشر أسعار المستهلك الشهري الأميركي خلال يوليو الجاري.

مأزق أوروبي

ويضع هذا الموقف الاتحاد الأوروبي في "مأزق" مع اقتراب الموعد النهائي في الأول من أغسطس المقبل، وهو الموعد الذي حدده ترمب لفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على جميع وارداته من التكتل.

وأشار الاتحاد الأوروبي، إلى أنه سيرد على مثل هذه الخطوة، لكنه منقسم بشأن اتخاذ تدابير مضادة، وقد يُجبر على قبول حد أدنى يتجاوز 10% في أي اتفاق.

وانخفضت الأسهم الأميركية على خلفية أنباء مطالب ترمب، حيث انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" للأسهم القيادية بنسبة تصل إلى 0.2%.

وفي علامة على تزايد التشاؤم في أوروبا بشأن شكل الاتفاق، حذّر المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الجمعة، من أن واشنطن لا تزال متشككة بشأن عروض خفض التعريفات القطاعية.

وأضاف ميرتس: "ما إذا كان لا يزال بإمكاننا وضع قواعد قطاعية، وما إذا كان بإمكاننا معاملة كل قطاع على حدة بشكل مختلف عن غيره، يبقى سؤالاً مفتوحاً. يدعم الجانب الأوروبي هذا، بينما ينظر إليه الجانب الأميركي بعين ناقدة".

اقرأ أيضاً

رسوم ترمب الجمركية.. عواقب متوقعة ونتائج عكسية

أعلن متحدث باسم المفوضية الأوروبية، الاثنين، أن رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأميركي دونالد ترامب أجريا "حواراً جيداً"، الأحد.

وأشار دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي إلى أنه إذا أصر ترمب على فرض رسوم جمركية متبادلة دائمة تتراوح بين 15% و20%، فستكون بنفس ارتفاعها الذي كانت عليه عندما بدأت محادثات التجارة في أبريل، وقد تدفع بروكسل نحو اتخاذ إجراءات انتقامية. كما فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية قطاعية بنسبة 50% على واردات الصلب والألومنيوم من الاتحاد الأوروبي.

وقال: "لا نريد حرباً تجارية، لكننا لا نعرف ما إذا كانت الولايات المتحدة ستترك لنا خياراً". وأضاف دبلوماسي آخر في الاتحاد الأوروبي أن "المزاج قد تغير بشكل واضح" لصالح اتخاذ إجراءات انتقامية. وأكد: "لن نرضى بنسبة 15%". 

التكتل يغير لهجته

واتهم الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، الولايات المتحدة، بمقاومة الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق تجاري، وذلك عقب اجتماع لوزراء تجارة الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة الخطوات التالية.

وحتى الآن، أحجم الاتحاد الأوروبي عن اتخاذ إجراءات انتقامية لتجنب تصعيد في العلاقات الثنائية، في حين لا تزال هناك فرصة للتفاوض على نتيجة أفضل. لكن وزراء الاتحاد الأوروبي، بعد اجتماعهم في بروكسل يوم الاثنين الماضي، بدوا أقرب إلى الرد.

وكان التكتل قد قرر في وقت سابق، تمديد تعليق التعريفات الجمركية على قائمة أولى بقيمة 21 مليار يورو من المنتجات الأميركية رداً على التعريفات الجمركية الإضافية على الصلب والألومنيوم التي فرضها ترمب.

وتشمل قائمة الاتحاد الأوروبي الجديدة للمنتجات الأميركية المستهدفة أكثر من 65 مليار يورو من السلع الصناعية، بما في ذلك الطائرات (حوالي 11 مليار يورو) والآلات (أكثر من 9.4 مليار يورو) والسيارات (حوالي 8 مليارات يورو) ومشروبات كحولية (1.2 مليار يورو) إلى جانب منتجات زراعية غذائية (أكثر من 6 مليارات يورو) معظمها فواكه وخضراوات (حوالي ملياري يورو).

وتشمل الحزمة أيضاً، معدات وأدوات دقيقة (حوالي 5 مليارات يورو)، وألعاباً ومعدات هوايات (أكثر من 500 مليون يورو)، وأسلحة رياضية (حوالي 300 مليون يورو)، وآلات موسيقية (حوالي 200 مليون يورو).

ووفق وثيقة اطلعت عليها "بلومبرغ"، فقد كان من بين معايير اختيار البضائع الأميركية التي ستفرض عليها أوروبا رسوماً جمركية مضادة، توافر مصادر توريد بديلة ومنتجات ذات مخاطر نقل عالية. ولن تخضع المنتجات العسكرية المستوردة للرسوم الجمركية.

خطط الرد الأوروبي

وسجّلت الأسهم الأميركية ارتفاعاً قياسياً منذ أبريل، وتجاهل المتداولون إلى حد كبير تهديدات ترمب الأخيرة بزيادة الرسوم الجمركية على الاقتصادات الكبرى، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية والبرازيل.

وفي الوقت نفسه، جمعت الولايات المتحدة ما يقرب من 50 مليار دولار من الإيرادات الجمركية الإضافية في الربع الثاني، متجنبةً بذلك أي إجراءات انتقامية واسعة النطاق من أكبر شركائها التجاريين.

وخطط الاتحاد الأوروبي لفرض عدة حزم من الرسوم الجمركية المضادة، لكنه أرجأ تنفيذها مراراً وتكراراً، وربطها بالموعد النهائي الأخير الذي حدده ترمب للمحادثات في الأول من أغسطس.

وتشمل هذه الرسوم، فرض رسوم على واردات أميركية سنوية بقيمة 21 مليار يورو، بما في ذلك الدجاج و سراويل الجينز، والتي ستدخل حيز التنفيذ في السادس من أغسطس المقبل.

كما اقترحت المفوضية الأوروبية، المسؤولة عن السياسة التجارية، إجراءات انتقامية ضد واردات أميركية سنوية بقيمة 72 مليار يورو، بما في ذلك طائرات "بوينج" والمشروبات الكحولية (بوربون)، في حال فشل المحادثات.

وتُعدّ المفوضية، قائمة ثالثة بإجراءات ضد الخدمات. وصرح مصدر مطلع على الاقتراح الأخير بأنه سيشمل فرض رسوم على الخدمات الرقمية وعائدات الإعلانات عبر الإنترنت.

وتغطي الرسوم الجمركية الأميركية، 380 مليار يورو من صادرات الاتحاد الأوروبي السنوية، من إجمالي 532.3 مليار يورو. وتُعد الولايات المتحدة أكبر سوق موحدة للاتحاد، حيث تمثل خُمس صادراته.

تصنيفات

قصص قد تهمك