
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، أنه سيعترف بدولة فلسطينية، ما أثار غضب إسرائيل والولايات المتحدة وفتح الباب أمام احتمال أن تحذو دول كبرى أخرى حذو باريس.
ورفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، خطة ماكرون للاعتراف بدولة فلسطينية في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، على أمل إحلال السلام في الشرق الأوسط.
وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض: "ما يقوله لا يهم... إنه رجل جيد جداً.. يعجبني، لكن هذا التصريح ليس له أي أهمية".
وفيما يلي بعض التفاصيل عن إعلان ماكرون، الذي جاء مدفوعاً بزيادة الغضب العالمي بشأن المجاعة والدمار في غزة الناجمين عن الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع، وعن سعي دول أخرى للاعتراف بدولة فلسطينية.
ماذا قال ماكرون؟
نشر الرئيس الفرنسي رسالة بعث بها إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يؤكد فيها عزم فرنسا على المضي قدماً نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، والعمل على إقناع شركاء آخرين بأن يحذو حذوها.
وقال إنه سيعلن ذلك رسمياً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنعقد الشهر المقبل.
وباتت فرنسا أول دولة غربية كبرى تُغير موقفها الدبلوماسي من قيام دولة فلسطينية بعد اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج رسمياً بها العام الماضي.
ما أهمية القرار؟
قرار الاعتراف بدولة فلسطينية هو رمزي في الغالب، لأن إسرائيل تحتل الأراضي التي يسعى الفلسطينيون منذ فترة طويلة إلى إقامة دولتهم المستقلة عليها، وهي الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
لكن هذه الخطوة من جانب فرنسا، التي تضم أكبر جاليتين لليهود والمسلمين في أوروبا، يمكن أن تعطي دفعة أكبر لحركة تقودها حتى الآن دول أصغر وأكثر انتقاداً لإسرائيل بوجه عام.
ويزيد هذا القرار أيضاً من عزلة إسرائيل على الساحة الدولية بسبب الحرب التي تخوضها في غزة، وأدت إلى موجة جوع قال رئيس منظمة الصحة العالمية هذا الأسبوع إنها ترقى إلى مستوى جوع جماعي من صنع الإنسان.
لماذا أقدم ماكرون على هذه الخطوة؟
يميل ماكرون منذ أشهر نحو الاعتراف بدولة فلسطينية في إطار مساع للحفاظ على فكرة حل الدولتين رغم الضغوط التي يتعرض لها لثنيه عن ذلك.
قرر ماكرون اتخاذ هذه الخطوة قبل مؤتمر للأمم المتحدة تشارك فرنسا والسعودية في استضافته الأسبوع المقبل لتناول هذه القضية في محاولة للتأثير على دول أخرى تفكر في اتخاذ هذه الخطوة، أو الدول التي لا تزال مترددة.
ما تأثير ذلك على علاقات فرنسا وإسرائيل؟
أمضى مسؤولون إسرائيليون شهوراً قبل إعلان ماكرون في الضغط لمنع ما وصفه البعض بأنه "قنبلة نووية" للعلاقات الثنائية.
وذكرت مصادر مطلعة أن تحذيرات إسرائيل لفرنسا تراوحت بين تقليص تبادل معلومات المخابرات وتعقيد مبادرات باريس الإقليمية بل وحتى التلميح إلى احتمال ضم أجزاء من الضفة الغربية.
ما الدول التي قد تتخذ هذه الخطوة؟
يمكن أن يضع قرار فرنسا ضغوطاً على دول كبرى، مثل بريطانيا وألمانيا وأستراليا وكندا واليابان، لاتخاذ مثل هذه الخطوة.
وعلى المدى القريب، قد تكون مالطا وبلجيكا الدولتين التاليتين من الاتحاد الأوروبي اللتين ستعترفان بدولة فلسطينية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الجمعة، إن الاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن يكون جزءاً من خطة أوسع لضمان أمن الفلسطينيين والإسرائيليين على نحو دائم.
وذكرت ألمانيا في وقت سابق الجمعة، أنها لا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية على المدى القريب، وأكدت أنها تعطي الأولوية لإحراز "تقدم طال انتظاره" نحو حل الدولتين للعيش في سلام.
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، إن الاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن يتزامن مع اعتراف تلك الدولة الجديدة بإسرائيل.
وأضاف خلال اجتماع في روما "عدم اعتراف الدولة الفلسطينية بإسرائيل يعني استحالة حل المشكلة".
ما الدول التي اعترفت بدولة فلسطينية؟
كانت أيرلندا والنرويج وإسبانيا اعترفت العام الماضي بدولة فلسطينية يتم ترسيم حدودها على ما كانت عليه قبل حرب عام 1967.
ومع ذلك، أقرت الدول الثلاث أيضاً بأن تلك الحدود قد تتغير في أي محادثات للتوصل إلى تسوية نهائية.
وتعترف نحو 144 دولة من بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وعددها 193 دولة، بفلسطين كدولة، بما في ذلك معظم دول جنوب العالم وروسيا والصين والهند. لكن عدداً قليلاً فقط من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعددها 27، هي التي تعترف بدولة فلسطينية، ومعظمها من الدول الشيوعية السابقة إضافة إلى السويد وقبرص.
ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 2012 على الاعتراف الفعلي بفلسطين دولة ذات سيادة من خلال رفع وضعها في المنظمة الدولية كمراقب إلى "دولة غير عضو" بعد أن كانت "كياناً".
كيف كان رد الفعل؟
ندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار فرنسا، أحد أقرب حلفاء إسرائيل والعضو في مجموعة السبع، معتبراً أن هذه الخطوة "تكافئ الإرهاب وتنذر بخلق وكيل إيراني آخر".
فيما اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس هذه الخطوة بأنها "عار واستسلام للإرهاب"، مضيفاً أن إسرائيل لن تسمح بإقامة "كيان فلسطيني من شأنه أن يضر بأمننا ويهدد وجودنا".
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الولايات المتحدة "ترفض بشدة" خطة ماكرون.
فيما توجّه نائب رئيس السلطة الفلسطينية حسين الشيخ بالشكر إلى فرنسا وقال على منصة "إكس" إن قرار ماكرون يعكس "التزام فرنسا بالقانون الدولي ودعم فرنسا لحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة".