
قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الاثنين، إن الحرب في غزة "يجب أن تنتهي فوراً"، مشدداً في الوقت نفسه على أنه ما من مصداقية لوجود محادثات بشأن التطبيع مع إسرائيل في ظل وجود معاناة في غزة.
ورحب الأمير فيصل بن فرحان في مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، على هامش مؤتمر حل الدولتين الذي انطلق برئاسة سعودية فرنسية في نيويورك، بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، ووصفها بـ"خطوة تاريخية تجسد دعم المجتمع الدولي للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
وقال إن "السلام بين إسرائيل وفلسطين هو مدخل أساسي لتحقيق سلام إقليمي شامل ينعم فيه الجميع بالأمان ويفتح آفاق التعاون والتكامل وتحقيق الازدهار المشترك".
وأضاف أن الأوان آن لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتجسيد الدولة الفلسطينية وتحقيق سلام يحفظ السيادة والأمن لشعوب المنطقة.
وتحدَّث الأمير فيصل بن فرحان عن وجود حوار مع عدد من الدول الأوروبية والآسيوية لدفعها للاعتراف بدولة فلسطين، موضحاً أن "أغلبية الدول راغبة في الاعتراف بدولة فلسطين".
لا تطبيع وسط المعاناة في غزة ودون دولة فلسطينية
وقال وزير الخارجية السعودي إنه لا توجد أي مصداقية لإجراء محادثات بشأن التطبيع مع إسرائيل في ظل وجود معاناة في غزة.
وأضاف: "كنا واضحين للغاية على مدى العام والأشهر الماضية، وكان هناك تصريح واضح من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بأنه بالنسبة للسعودية فإن تطبيع العلاقات لا يمكن إلا أن يمر من خلال إقامة دولة فلسطينية".
وتابع: "الموقف لم يتغير وهو قائم على قناعة كبيرة أنه فقط من إخلال إقامة دول فلسطينية والتعامل مع الحق المشروع للشعب الفلسطيني بتحديد مصيره يمكن أن نحقق سلاماً دائماً واندماجاً في المنطقة". وشدد على أن "هذا لا يزال موقفنا ولا نزال نسير في هذا الاتجاه".
وقال الوزير السعودي إن المملكة تأمل من هذا المؤتمر ومبادرات أخرى بعد توافق آراء دولية، أن يكون ذلك محفزاً لحوار حقيقي حول السلام في المنطقة، يمكنه أن يسرع العملية باتجاه الدمج في المنطقة، ولكن هذا مشروط بإقامة دولة فلسطينية".
وشدد على أنه "بالنسبة للمملكة فإن الاعتراف، مرتبط بإنشاء دولة فلسطينية ونأمل أن التوافق الواضح الذي شهدناه اليوم وسنراه غداً، سيولد زخماً لإنشاء دولة فلسطينية ويفتح آفاق المناقشات بشأن التطبيع".
وتابع: "ولكن هذه المحادثات ستتم بعد إنهاء الحرب في غزة، ولذا فإنه ما من مصداقية لأي مناقشات متعلقة بالتطبيع مع كل ما يحدث من دمار ومعاناة في غزة". وقال: "سنتحدث عن إنشاء دولة فلسطينية ثم يمكننا الحديث عن التطبيع".
رفض محاولات فصل غزة عن الأراضي الفلسطينية
وأضاف وزير الخارجية السعودي أن اجتماعات المؤتمر، تنعقد في "لحظة حرجة ومأساة المجاعة حاضرة أمامنا والانتهاكات الجسيمة والتجويع ومحاولات التهجير القسرى مستمرة وغيرها من الإجراءات الأحادية التي تقوض حل الدولتين".
وقال إن الحرب في غزة يجب أن تنتهي فوراً، وجدد دعم السعودية الكامل للجهود المصرية والقطرية والأميركية لإعادة تفعيل اتفاق وقف النار بما يشمل الإفراج عن جميع الرهائن وانسحاب القوات الإسرائيلية وضمان وصول المساعدات الإنسانية بلا قيود.
وأعرب عن رفضه "أي محاولات لفصل غزة عن بقية الأراضي الفلسطينية أو حصارها أو احتلالها أو تهجير سكانها تحت أي مسوغ أو مبرر".
وثمن الأمير فيصل بن فرحان "التزام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالسلام كخيار استراتيجي والعمل على تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة عبر الوسائل السلمية والقيام بالإصلاحات".
ودعا وزير الخارجية السعودي المجتمع الدولي لدعم جهود إعادة إعمار غزة "وفقاً للخطة العربية الإسلامية التي نالت تأييداً دولياً واسعاً".
السلطة هي الممثل الشرعي الوحيد
وبشأن الموقف من حركة حماس، أوضح الوزير السعودي أن موقف المملكة "كان أن السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وموقفنا لم يتغير".
وتابع: "لا بد من وجود ممثل واحد شرعي للشعب الفلسطيني، والسلطة أثبتت أنها تحكم على أساس الشرعية، وهي جانب مشروع يتمتع بالمصداقية مع إسرائيل".
وقال إن المملكة ستعزز قدرات السلطة الفلسطينية.
وأضاف أن "هذا المؤتمر يؤكد قناعة راسخة لدى المملكة وهي أن الدبلوماسية وليس العنف هو السبيل نحو تسوية النزاع، لا بد أن نركز على الحوار والدبلوماسية كأدوات وليس العنف".
ترمب لاعب أساسي في السلام
وقال وزير الخارجية السعودي إن الولايات المتحدة "لاعب أساسي فيما يتعلق بالسلام في الشرق الأوسط، والرئيس (الأميركي دونالد) ترمب كان لديه نجاح في هذا المضمار". مشدداً على أن انخراطه الشخصي "له أهمية قصوى".
وقال :"استمعنا إلى تصريحات ترمب في العديد من المناسبات، هو رجل سلام ويعترض على الحرب".
وأضاف أن الانخراط الأميركي خاصة من الرئيس ترمب يمكنه أن يؤدي لإنهاء هذه الأزمة في غزة ويمهد الطريق نحو تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتابع: "نكن احتراماً كبيراً ونثق في الرئيس ترمب ليس فقط في إيمانه بالسلام ولكن قدرته على تحقيقه".
وزير الخارجية الفرنسي: الوضع في قطاع غزة يفوق التصور
بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إن الوضع في قطاع غزة يفوق التصور. وأضاف أن "السلام ممكن، كما أن إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية متعايشتين ممكن أيضاً، وهذا هو الموقف التاريخي لفرنسا".
وأشار إلى أن "هناك التزامات تاريخية تبلورت وتتبلور اليوم وغداً في نيويورك".
ولفت إلى أن "هذه مرحلة محورية في الطريق الطويل المؤدي إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر. من خلال صوت (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون سنعبّر عن اعترافنا بدولة فلسطين رسمياً".
وتابع: "الدول الممثلة في المؤتمر تعتمد رؤية مشتركة حول الحرب على غزة والتي سوف تدين الأعمال التي جرت في 7 أكتوبر 2023 وتنادي بنزع سلاح حركة حماس".
ومضى يقول إن "الشعب الفلسطيني لديه الحق الشرعي بأن يكون لديه دولة وهذا ما يتماشى مع أمن إسرائيل، ليس هذا فحسب، بل هو شرط لأمنها، وهذا ما نود التوصل إليه مع السعودية لنتمكن من أن نعكس ما يحدث حالياً في المنطقة".
ورداً على سؤال بشأن إمكانية فرض عقوبات على إسرائيل لتنفيذ حل الدولتين، قال بارو إن على المفوضية الأوروبية باسم الاتحاد الأوروبي يجب أن تعبّر بوضوح الآن عن ما هي توقعاتنا من الحكومة الإسرائيلية، ومن بين ذلك رفع الحصار المالي وإعادة الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية، ووقف الأفعال في الضفة الغربية والتي تهدد مستقبل الدولة الفلسطينية، وكذلك الآلية العسكرية لتوزيع المساعدات في غزة والتي تسببت في إراقة الدماء في حين أن هؤلاء الأشخاص كانوا ينتظرون الإعانات بحسب الأمم المتحدة، مضيفاً: "هذه فضيحة، ويجب أن يتوقف هذا".
واستطرد بالقول إنه يجب أن نستخدم الأدوات المتوفرة لدينا في الاتحاد الأوروبي لنحث ونضغط على الحكومة الإسرائيلية لتسمع هذا النداء، وهو نداء المجتمع الدولي.