أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات القادمة من الهند، و40% رسوماً إضافية على الواردات من البرازيل، مشيراً إلى إبرام اتفاق مع باكستان، وكوريا الجنوبية، وذلك في أحدث خطوة ضمن حربه التجارية التي أصبحت إحدى الركائز الأساسية في ولايته الثانية.
وقال ترمب في منشور على منصة "تروث سوشيال" إن الرسوم الجمركية التي تفرضها الهند "مرتفعة للغاية"، واصفاً الحواجز التجارية الأخرى التي تعتمدها نيودلهي بأنها "مرهقة ومستهجنة".
وحسب ما ذكرت شبكة NBC News، أشار الرئيس الأميركي إلى أن الهند ستواجه أيضاً عقوبة إضافية بسبب اعتمادها على الطاقة والمعدات العسكرية الروسية.
كما وقّع ترمب على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية إضافية 40% على البرازيل، ليصل إجمالي قيمة الرسوم إلى 50%، مرجعاً قراره إلى سياسات البرازيل الأخيرة التي لا توافق عليها الإدارة الأميركية.
وقال الرئيس الأميركي إن إدارته أبرمت اتفاقاً تجارياً مع باكستان ستعمل بموجبه واشنطن مع إسلام آباد في تطوير احتياطيات النفط في الدولة الواقعة في جنوب آسيا.
وكتب ترمب على منصة "تروث سوشيال": "لقد أبرمنا للتو اتفاقاً مع دولة باكستان، حيث سيعمل البلدان معاً على تطوير احتياطيات باكستان النفطية الضخمة"، مضيفاً: "نحن الآن بصدد اختيار شركة النفط التي ستقود هذه الشراكة".
كوريا الجنوبية
كما أعلن الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق تجاري مع كوريا الجنوبية يتضمن رسوماً بواقع 15% على الواردات من كوريا الجنوبية.
وذكر ترمب على "تروث سوشيال" أن كوريا الجنوبية ستستثمر 350 مليار دولار في الولايات المتحدة، وستشتري منتجات طاقة أميركية بمئة مليار دولار.
وأضاف: "تم الاتفاق أيضاً على أن كوريا الجنوبية ستكون منفتحة تماماً على التجارة مع الولايات المتحدة، وأنها ستستقبل منتجات أميركية بما في ذلك السيارات، والشاحنات، والمنتجات الزراعية، وغيرها".
الرسوم الجمركية
ويأتي هذا الإعلان قبل الموعد النهائي لمفاوضات تجارية مقررة، الجمعة، والذي أكد ترمب أنه "ثابت ولن يتم تمديده"، وألمح الرئيس الأميركي إلى أن عشرات الدول الأخرى ستواجه مستوى جديداً من الرسوم الجمركية الأساسية قد يصل إلى 20%، وهو أعلى من نسبة الـ10% التي أعلن عنها في أبريل الماضي.
وتُعد هذه المعدلات الجمركية من بين الأعلى تاريخياً، وتقترب من تلك التي هدد بها ترمب في ما يعرف بـ "يوم التحرير" بتاريخ 2 أبريل، وهي الخطوة التي فاجأت الاقتصاد العالمي وتسببت في تراجع أسواق الأسهم.
وكان ترمب قد تراجع حينها عن تنفيذ التهديد، إلا أنه عاد تدريجياً إلى إعادة فرض رسوم مرتفعة لم تُشهد منذ ثلاثينيات القرن الماضي، عندما ساهمت السياسات التجارية الحمائية في تفاقم الكساد الكبير.
وذكر مركز الأبحاث "Budget Lab" التابع لجامعة ييل، الاثنين، أن المستهلكين الأميركيين يواجهون الآن معدل رسوم جمركية فعلي يبلغ 18.2%، وهو الأعلى منذ عام 1934، ما يعادل خسارة تصل إلى 2400 دولار لكل أسرة خلال عام 2025، وذلك قبل إعلان ترمب يوم الأربعاء بشأن الرسوم على الهند.
الواردات الأميركية من الهند
ورغم أن نسبة 25% المفروضة على الهند أقل قليلاً من نسبة 26% التي هدد بها ترمب في 2 أبريل، إلا أنها تمثل قفزة حادة مقارنة بمعدل 2.4% الذي كان يُطبق على واردات الهند في السنوات الماضية.
وتُعد الهند من أكبر مصادر الواردات بالنسبة للمستهلكين والشركات الأميركية، حيث تدفقت منها سلع بقيمة تقارب 90 مليار دولار إلى الولايات المتحدة خلال العام الماضي. ومؤخراً، أصبحت الهند المُصّدر الأول للهواتف الذكية إلى الولايات المتحدة، بعد أن نقلت شركة أبل إنتاجها من الصين إلى الهند لتفادي الرسوم المرتفعة والتوترات الجيوسياسية، بحسب بيانات نقلتها "بلومبرغ".
وصدّرت أبل وحدها هواتف "آيفون" بقيمة 17 مليار دولار من الهند العام الماضي. وكان الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك، صرّح خلال إعلان أرباح الشركة في الأول من مايو بأن "الغالبيّة العظمى من أجهزة آيفون التي تباع في الولايات المتحدة سيكون منشؤها الهند" بدءاً من هذا الربع.
وتشمل أبرز الواردات الأميركية من الهند مواد كيميائية، وبلاستيك، ومنتجات جلدية، وسلع زراعية، ومعادن.
في المقابل، فرضت الهند في عام 2022 معدل رسوم جمركية فعلي يبلغ 5.2% على السلع الأميركية، وكانت أبرز وارداتها من الولايات المتحدة تشمل الزيوت، والأسمنت، والحجر، والزجاج.
ويواصل ترمب المضي بقوة في استراتيجية الرسوم الجمركية التي خلقت حالة من الضبابية في الاقتصاد العالمي، وخلال الأسبوعين الماضيين، أعلن عن اتفاقيات جديدة مع عدد من الدول لتوضيح شروط التجارة مع الولايات المتحدة، لكنها، وفقاً للمنتقدين، تعاني من غموض في التفاصيل، ووعود غير قابلة للتنفيذ.
ورغم ذلك، استمرت مؤشرات الأسهم الرئيسية في الصعود، جزئياً بسبب تأكيد بعض الشركات أن تأثير الرسوم الجمركية على أرباحها لن يكون بالسوء الذي كان متوقعاً عند بدء تطبيق الرسوم حسب كل دولة في أبريل، ولكن ترافقت الاتفاقيات التجارية الثنائية التي أعلن عنها ترمب مؤخراً مع معدلات رسوم أعلى بكثير من تلك التي سادت على مدى عقود.
وتضمنت تلك الاتفاقيات فرض رسوم بنسبة 19% على السلع القادمة من إندونيسيا، والفلبين، و15% على الواردات من اليابان، والاتحاد الأوروبي، وفرض رسوم بنسبة 20% على منتجات فيتنام، ترتفع إلى 40% على السلع التي يعاد توجيهها من الصين.