حرب التجارة العالمية تشتعل.. رسوم ترمب تدخل حيز التنفيذ وسباق دولي للنجاة

time reading iconدقائق القراءة - 9
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومن خلفه وزير التجارة هوارد لوتنيك ووزير الخزانة سكوت بيسنت في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. 6 أغسطس 2025 - REUTERS
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومن خلفه وزير التجارة هوارد لوتنيك ووزير الخزانة سكوت بيسنت في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. 6 أغسطس 2025 - REUTERS
دبي-الشرق

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، دخول الرسوم الجمركية المتبادلة حيّز التنفيذ، فيما يتزامن ذلك مع تكثيف عدة دول جهودها الدبلوماسية للحصول على إعفاءات من هذه التعريفات في محاولة لحماية قطاعاتها الاقتصادية الحيوية من تداعيات السياسة التجارية المتشددة التي تنتهجها واشنطن، بحسب ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وقال ترمب، في منشور عبر منصته "تروث سوشيال"، إن الرسوم الجمركية المتبادلة ستدخل حيّز التنفيذ منتصف الليلة، معتبراً أن "مليارات الدولارات ستبدأ في التدفق إلى داخل الولايات المتحدة من دول معظمها استفادت لسنوات طويلة وكانت تضحك طوال الطريق".

وأضاف: "الشيء الوحيد القادر على إيقاف عظمة أميركا هو محكمة يسارية متطرفة ترغب في رؤية بلادنا تنهار"، في إشارة إلى ما يعتبره تهديداً من بعض المؤسسات القضائية لسياساته الاقتصادية.

ودخلت رسوم ترمب الجمركية حيز التنفيذ، منتصف الليل بتوقيت شرق الولايات المتحدة، الرابعة من صباح الخميس بتوقيت جرينتش.

محادثات خلف الكواليس

وتزامن ذلك مع تكثيف عدة دول جهودها الدبلوماسية للحصول على إعفاءات من الرسوم الجمركية، في محاولة لحماية قطاعاتها الاقتصادية الحيوية من تداعيات السياسة التجارية المتشددة التي تنتهجها واشنطن، بحسب ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وذكرت الصحيفة، الخميس، أن الشركاء التجاريين للولايات المتحدة يضغطون على البيت الأبيض للحصول على إعفاءات من الرسوم الجمركية الشاملة، وذلك في إطار سعي هذه الدول للحد من  الأضرار المحتملة على اقتصاداتها جرّاء جهود الرئيس الأميركي لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي.

وأوضحت الصحيفة أن هذا الحراك الدبلوماسي يُظهر أن المحادثات التجارية التي استمرت لأشهر لا تزال قائمة، على الرغم من الاتفاقات التي أعلن عنها البيت الأبيض خلال الأسابيع الأخيرة.

وبحسب التقرير، فإن الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية من بين الدول التي توصلت إلى اتفاقات مع إدارة ترمب، إلا أن مفاوضيها يواصلون العمل خلف الكواليس لإقناع المسؤولين الأميركيين بضرورة منح إعفاءات إضافية لقطاعات تصديرية حيوية، وقد جرى بالفعل منح عشرات الإعفاءات، شملت منتجات مثل عصير البرتقال البرازيلي والنحاس التشيلي.

اتفاقات غامضة

وفي الوقت نفسه، يسعى المفاوضون إلى الحصول على مزيد من التوضيحات بشأن خطط الرسوم الجمركية الأميركية، التي لا تزال في حالة من التغير وعدم الاستقرار، إذ إن العديد من تفاصيل الاتفاقات المبرمة حتى الآن لم يُحسم بشكل نهائي، وفي بعض الحالات، تختلف تفسيراتها بين الطرفين.

وأشار ترمب، يوم الأربعاء، إلى أن الرسوم الجمركية على واردات أشباه الموصلات ستبلغ نحو 100%، مع استثناء شركات مثل "آبل" الأميركية، المُصنّعة لهواتف آيفون، أما الرسوم الجديدة المرتقبة على قطاعات حساسة أخرى، مثل صناعة الأدوية، فلم تُعلن بعد بشكل رسمي.

وبحسب الصحيفة، فإن هذا الغموض، إلى جانب استعداد ترمب لتعديل الرسوم الجمركية بشكل مفاجئ لتحقيق أهداف سياسية متنوعة، يجعل من حالة عدم اليقين بشأن الوصول إلى السوق الأميركية الواسعة سمة بارزة في النظام الاقتصادي الجديد، وهو ما ينعكس سلباً على الاستثمار التجاري والتوظيف والأسعار.

وفي هذا السياق، أعلن ترمب، يوم الأربعاء، أن الواردات القادمة من الهند ستُفرض عليها رسوم إضافية بنسبة 25%، كعقوبة على شراء النفط الروسي، تضاف إلى رسوم بنسبة 25% كانت مفروضة مسبقاً.

إعفاءات الرسوم الجمركية

وكان مسؤولون في الإدارة الأميركية قد أكدوا على مدى أشهر أنه "لن تكون هناك إعفاءات أو استثناءات" من الرسوم الجمركية الخاصة بكل دولة، والتي أعلن عنها الرئيس الأميركي في أبريل الماضي، مستهدفاً حلفاء وخصوماً على حدٍ سواء، فيما وصفه ترمب بأنه رد الولايات المتحدة على عقود من "المعاملة غير العادلة" في التجارة الدولية.

ومع ذلك، أشار البيت الأبيض في أبريل إلى أن الهواتف الذكية، والحواسيب المحمولة، وغيرها من الإلكترونيات الاستهلاكية ستكون معفاة من الرسوم الإضافية على الواردات من الصين ودول آسيوية أخرى. 

كما شملت الإعفاءات قطاعات الطاقة، والسبائك الذهبية، وبعض المعادن الأساسية، بينما استُثنيت واردات أخرى مثل الصلب، والألمنيوم، والأدوية، والنحاس من الرسوم الجديدة المفروضة، كونها مشمولة بأوامر رسوم جمركية مختلفة.

ومع توقيع المزيد من الاتفاقات التجارية، تم الإعلان عن إعفاءات إضافية، حيث وقّع ترمب الأسبوع الماضي أمراً تنفيذياً بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع القادمة من البرازيل، مع استثناء صادرات رئيسية للبلاد، من بينها الطائرات وبعض المعادن والوقود وعصير البرتقال.

اقرأ أيضاً

ترمب يفرض رسوماً على الهند والبرازيل.. ويبرم اتفاقاً مع باكستان وكوريا الجنوبية

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات القادمة من الهند، و40% رسوماً إضافية على البرازيل.

وبحسب الغرفة التجارية الأميركية في البرازيل، أدرج البيت الأبيض 694 منتجاً معفي من الرسوم، ما يمثل نحو 43% من إجمالي الصادرات البرازيلية إلى الولايات المتحدة، التي تبلغ قيمتها 42.3 مليار دولار.

كما نجحت تشيلي في إقناع إدارة ترمب بإعفاء سلعة تصديرية رئيسية من الرسوم الجمركية، إذ تعد مورداً رئيسياً للنحاس للولايات المتحدة، وقد حصلت على إعفاء من رسوم جمركية بنسبة 50% كان الرئيس الأميركي قد أعلن نيته فرضها على واردات النحاس. وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، يأتي نحو 65% من واردات الولايات المتحدة من النحاس المكرر من تشيلي.

وقال إيفريت إيسنستات، الذي شغل منصب نائب مدير المجلس الاقتصادي الوطني خلال ولاية ترمب الأولى: "نحن ننتقل من سياسة عدم وجود إعفاءات إلى إعفاءات محدودة، خاصةً للمنتجات التي لا يمكن تصنيعها محلياً".

مفاوضات مفتوحة

وبحسب الصحيفة، فقد بدأ السباق فعلياً للحصول على إعفاءات جديدة، إذ وافق الاتحاد الأوروبي على فرض رسوم جمركية أساسية بنسبة 15% على معظم واردات الولايات المتحدة من الكتلة، وذلك ضمن ما وصفه الاتحاد بأنه اتفاق سياسي مع البيت الأبيض.

وتوقعت بروكسل أن تُستثنى بعض المنتجات من هذه الرسوم، لكونها تُعتبر "سلعاً استراتيجية" من وجهة النظر الأميركية. وأوضح مسؤولون في الاتحاد الأوروبي أنه من المتوقع إدراج الطائرات ومكوناتها ضمن قائمة السلع المعفاة من الرسوم الجمركية الإضافية عند الإعلان عن مزيد من التفاصيل، فيما لا تزال المفاوضات جارية للحصول على إعفاءات لمنتجات أخرى، تشمل الكيماويات، والأدوية البديلة (وهي أدوية تحتوي على نفس المادة الفعّالة في الأدوية الأصلية لكنها تُنتج بعد انتهاء براءة الاختراع)، وحتى النبيذ والمشروبات الكحولية.

من جانبه، أشار الرئيس التنفيذي لشركة Volkswagen، أوليفر بلوم، الأسبوع الماضي، إلى أن الشركة ستواصل المحادثات مع إدارة ترمب بشأن حزمة استثمارية بمليارات الدولارات قد تساعد في تعويضها عن الرسوم المرتفعة. أما شركة BMW فأوضحت أنها ستستمر في الضغط من أجل برنامج خصومات على الصادرات، يُمكّنها من استرداد الرسوم أو الضرائب المدفوعة على المنتجات المصدّرة من مصانعها في الولايات المتحدة.

ولفتت الصحيفة إلى أن الجهود المبذولة للحصول على إعفاءات ليست سوى جزء من مساعٍ أوسع للحفاظ على مسار المفاوضات مفتوحاً مع واشنطن، وسط قلق متزايد في عدة عواصم بشأن التقلبات المحتملة في سياسة ترمب التجارية، لا سيما في ظل تهديداته بفرض رسوم جديدة تصل إلى 250% على قطاع الأدوية.

وأفاد وزير المالية الكوري الجنوبي كو يون تشول، الأربعاء، بأن بلاده، التي وقّعت اتفاقاً تجارياً مع واشنطن الأسبوع الماضي، تستعد لجولة جديدة من المحادثات.

وفي السياق نفسه، سافر كبير المفاوضين التجاريين في اليابان، ريوسي أكازاوا، إلى الولايات المتحدة الثلاثاء، لمواصلة المحادثات مع المسؤولين الأميركيين. وأوضح أن من بين الأسئلة المطروحة من جانب طوكيو، متى سيبدأ سريان التخفيض المتفق عليه في الرسوم الجمركية الأميركية على السيارات.

أما الدول الأصغر، فهي لا تزال تسعى لتحسين اتفاقاتها التجارية، إذ تأمل كمبوديا في الحصول على استثناءات من رسومها الجمركية البالغة 19% على عدة قطاعات، تشمل الملابس والأحذية والحقائب، وفقاً لما صرّح به نائب رئيس الوزراء الكمبودي، وكبير المفاوضين في محادثات التجارة مع الولايات المتحدة، صَن تشانثول.

وأضاف: "لا أعتقد أن نسبة 19% نهائية، لأن لدينا القدرة على العودة والتفاوض لاستثناء بعض القطاعات"، مشيراً إلى أن العديد من الدول الأخرى تسعى للحصول على إعفاءات مماثلة. وختم بالقول، في إشارة إلى فريق التفاوض الأميركي: "أشفق عليهم، فهناك عدد كبير من الدول التي يتعيّن التحدث إليها".

تصنيفات

قصص قد تهمك