ألاسكا.. نقطة التماس المتجمدة بين أميركا وروسيا تستضيف قمة ترمب وبوتين

time reading iconدقائق القراءة - 6
جبال مغطاة بالثلوج في بحيرة كيناي خارج كوبر لاندينج، في أنكوريج، ولاية ألاسكا، الولايات المتحدة، 3 نوفمبر 2021 - REUTERS
جبال مغطاة بالثلوج في بحيرة كيناي خارج كوبر لاندينج، في أنكوريج، ولاية ألاسكا، الولايات المتحدة، 3 نوفمبر 2021 - REUTERS
دبي -الشرق

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أنه سيلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة الموافق 15 أغسطس الجاري، في ولاية "ألاسكا"، لبحث عدد من الملفات الحساسة، وفي مقدمتها الحرب في أوكرانيا.

ولن تكون هذه المرة الأولى التي تستضيف فيها ألاسكا، لقاءً هاماً، إذ استضافت اجتماعاً دبلوماسياً رفيع المستوى في مارس 2021 عندما التقى مسؤولون كبار من إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن مع مسؤولين صينيين كبار.

وسرعان ما تحول اللقاء وقتها الذي ضم أنتوني بلينكن وزير الخارجية حينها في إدارة جو بايدن، والدبلوماسي الصيني رفيع المستوى يانج جيه تشي إلى صدام علني صادم أمام الكاميرات، إذ تبادل الجانبان انتقادات لاذعة لسياسات بعضهما البعض، مما عكس التوتر الشديد في العلاقات، وفق "رويترز".

ألاسكا.. لماذا اختارها ترمب للقاء بوتين؟

ويحمل إعلان ترمب عن لقائه المرتقب مع  بوتين في ولاية ألاسكا الجمعة المقبل، دلالات تتجاوز مجرد تحديد مكان الاجتماع.

ولاية ألاسكا، الواقعة في أقصى شمال غرب الولايات المتحدة، لا يفصلها عن روسيا سوى مضيق بيرينج، ما جعلها تاريخياً أقرب نقطة تماس بين البلدين، وشهدت محطات من التعاون مثل الحرب العالمية الثانية، وأخرى من التوتر خلال الحرب الباردة.

جغرافيا على حافة القارتين

تفصل ألاسكا عن روسيا مسافة لا تتجاوز 90 كيلو متراً عبر مضيق بيرينج، وفي وسط هذا المضيق تقع جزيرتان متقابلتان: (ليتل ديوميد) الأميركية ، و(بيج ديوميد) الروسية، ولا تبعدان عن بعضهما سوى 3.8 كيلومترات، ويمر بينهما خط التاريخ الدولي (خط وهمي على سطح الكرة الأرضية، منه يبدأ اليوم)، حتى أن إحداهما تُلقب شعبياً بـ"جزيرة الأمس" والأخرى بـ"جزيرة الغد"، وفق موقع (Earthobservatory)  التابع لوكالة ناسا.

ويجعل هذا القرب الجغرافي ألاسكا أقرب ما تكون إلى "خط تماس" مباشر بين واشنطن وموسكو، وهو ما يمنح أي لقاء يعقد فيها رمزية سياسية واضحة.

من "حماقة سيوارد" إلى ورقة قوة أميركية

عام 1867، وتحديداً في 30 مارس، اشترت الولايات المتحدة ألاسكا من الإمبراطورية الروسية مقابل 7.2 ملايين دولار، وتم التصديق على المعاهدة من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي في 9 أبريل، ووقعها الرئيس الأميركي وقتها، أندرو جونسون في 28 مايو من نفس العام.

وفيما سخرت الصحافة الأميركية آنذاك من الصفقة ووصفتها بـ"حماقة سيوارد" نسبة إلى وزير الخارجية الأميركي الذي أبرمها، خاصة وأن السكان رأوا وقتها أنها صفقة فاشلة، لكن السنين أثبتت أنها كانت استثماراً استراتيجياً منح واشنطن منفذاً إلى القطب الشمالي والمحيط الهادئ.

أيام التحالف: الحرب العالمية الثانية

في أربعينيات القرن الماضي، لعبت ألاسكا دور جسر جوي ضمن برنامج الإعارة والتأجير الأميركي لدعم الاتحاد السوفيتي ضد ألمانيا النازية.

و عبر "الطريق الجوي ألاسكا–سيبيريا"، انتقلت آلاف الطائرات الأميركية إلى الجيش الأحمر، في واحد من أندر فصول التعاون العسكري بين القوتين عبر المضيق، وفق موقع "NATIONAL SERVICES PARK" التابع لوكالة تابعة للحكومة الفيدرالية الأميركية، ووزارة الداخلية.

 الحرب الباردة: من التحالف إلى المراقبة

ومع انطلاق الحرب الباردة، تحولت ألاسكا إلى خط دفاع متقدم للولايات المتحدة، نُشرت فيها شبكات رادار وإنذار مبكر لمراقبة أي نشاط جوي أو صاروخي قادم من الاتحاد السوفيتي.

وحتى اليوم، لا تزال قيادة الدفاع الجوي في أميركا الشمالية (NORAD) تعلن بين الحين والآخر عن اعتراض طائرات روسية قرب أجواء ألاسكا.

درع الصواريخ الأميركية

 وتضم ألاسكا حالياً، مواقع أساسية في منظومة الدفاع الصاروخي الأميركي، أبرزها قاعدة فورت جريلي التي تحتوي على صواريخ اعتراضية لاعتراض أي تهديد باليستي، إضافة إلى رادار التمييز بعيد المدى في قاعدة تابعة لقوة الفضاء الأميركية، والذي يُعد من أحدث أنظمة الرصد في العالم.وفق موقع "Defensenews".

ملفات حدودية وبحرية

وتعدت ألاسكا دور نقطة المراقبة لتشغل كذلك محور ملفات قانونية واقتصادية بين البلدين. ففي عام 1990، وُقّع اتفاق لترسيم الحدود البحرية في بحري بيرينج وتشوكشي، ورغم أن روسيا لم تصادق عليه رسمياً، فإن البلدين يطبّقانه عملياً.

 كذلك تشترك أميركا وروسيا في إدارة مصايد الأسماك في مناطق حساسة مثل "الدونات هول" وسط بحر بيرينج، وهي منطقة شهدت تعاوناً لمنع الاستنزاف المفرط للموارد، وفق ما ذكر موقع "High North News" المتخصص في منطقة القطب الشمالي.

وحتى في ذروة التوتر، لم تخلُ ألاسكا من لفتات رمزية. عام 1987، سبحت الأميركية لين كوكس بين الجزيرتين الأميركية والروسية، في مشهد لقي إشادة من الرئيسين الأميركي الراحل رونالد ريجان والروسي الراحل ميخائيل جورباتشوف.

وبعدها بعام، انطلقت "رحلة الصداقة" بين مدينتي نوم الأميركية وبروفيدينيا الروسية.

 القطب الشمالي.. تعاون محدود 

تظل ألاسكا بوابة أميركا إلى القطب الشمالي، حيث وقعت واشنطن وموسكو عام 2011 اتفاقاً للتعاون في البحث والإنقاذ في المنطقة.

ورغم تجميد معظم أطر التعاون القطبي بعد 2022، فإن هذا الاتفاق ظل قائماً، وفق وكالة رويترز.

تصنيفات

قصص قد تهمك