
قبل يومين على انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لنظيره الروسي فلاديمير بوتين للتوصل إلى حل لإنهاء الحرب في أوكرانيا بحلول 10 أغسطس، بدا أن الكرملين غير المسار بالاتفاق مع واشنطن على لقاء قمة في ألاسكا، وتجنب فقدان تأييد الرئيس الأميركي، الذي اعتبره محللون، الزعيم الغربي الوحيد الذي قد يمكنه من "تحقيق أهدافه في أوكرانيا"، وفق "نيويورك تايمز".
فبعد أشهر من محاولات إقناع ترمب لبوتين بإنهاء الحرب، سأم الرئيس الأميركي من المكالمات الهاتفية والمحادثات غير المجدية مع نظيره الروسي، وبدأ بإصدار مهل نهائية لروسيا، وبدا أن الأمر الأسوأ لروسيا، هو ترميم ترمب لعلاقته بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، رغم خلافهما العلني في المكتب البيضاوي فبراير الماضي.
ولم يكن واضحاً ما إذا كان ترمب قادراً أو راغباً في تنفيذ تهديداته بفرض رسوم جمركية عقابية على الدول التي تشتري النفط الروسي، أو ما هو التأثير الحقيقي لمثل هذه الخطوات على موسكو، لكن الموعد النهائي الذي حدده لبوتين من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا كان يقترب، ما أنذر بخلاف متزايد بين البيت الأبيض والكرملين.
ولكن نتائج اجتماع بوتين مع مبعوث ترمب ستيف ويتكوف، خلال زيارته لروسيا الأربعاء، تركت انطباعاً باستعداد موسكو للانخراط في صفقة بشأن مسألة الأراضي التي تسيطر عليها في أوكرانيا، وهو ما سهل الاتفاق على اللقاء.
وقال ترمب في تصريحات صحافية، الجمعة: "سنستعيد بعضاً منها وسنتبادل بعضاً منها (...) سيكون هناك تبادل للأراضي لتحسين الوضعين".
واعتبرت الصحيفة أن بوتين "ضمن ما كان يسعى إليه منذ يناير الماضي، وهو عقد لقاء فردي مع الرئيس الأميركي، دون حضور نظيريهما الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لعرض وجهة نظره وإبرام صفقة".
ولا يعتقد الكثير من المحللين أن الزعيم الروسي سيكتفي بوقف الحرب بناءً على مفاوضات بشأن الأرض فحسب، إذ أوضح بوتين، من بين أمور أخرى، أنه يريد وعداً رسمياً بأن أوكرانيا لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" أو أي تحالفات عسكرية غربية أخرى، ولن تستضيف قوات غربية على أراضيها، ولن يُسمح لها ببناء جيش يهدد روسيا، ما يجعل كييف عرضة للخطر على الدوام.
3 سيناريوهات لبوتين من قمة ألاسكا
في الإطار، قال سام جرين، أستاذ السياسة الروسية في كلية "كينجز كوليدج" بلندن: "لقد كان أسبوعاً جيداً جداً لبوتين. لقد أخرج نفسه من موقف ضعف كبير، لقد حوّل هذه العملية برمتها إلى شيء يتوافق تماماً مع ما كان يحتاجه تقريباً".
وأضاف جرين: "الأمر الأساسي بالنسبة لروسيا هو الهيمنة. إذا استطاع (بوتين) إقناع ترمب بالاعتراف بمطالبة روسيا بنصيب الأسد من الأراضي التي استولت عليها، مع إدراك أن الأوكرانيين والأوروبيين قد لا ينضمون إلينا في هذا الأمر، فسندق إسفيناً طويل الأمد بين الولايات المتحدة وأوروبا".
وقال ألكسندر جابويف، مدير مركز "كارنيجي" لروسيا وأوراسيا في برلين، إن بوتين "سيحضر القمة في ألاسكا ساعياً إلى سيناريوهات مختلفة".
وأضاف أن هذه السيناريوهات تشمل: "صفقة مواتية مع ترمب يفرضها الرئيس الأميركي بنجاح على أوكرانيا، أو صفقة مواتية مع ترمب يرفضها زيلينسكي، ما يدفع الولايات المتحدة إلى الانسحاب محادثات أوكرانيا".
وأشار إلى أن الخيار الثالث هو أن "يواصل بوتين مساره الحالي لمدة تتراوح بين 12 و18 شهراً أخرى، مع توقع أن ينفد جنود أوكرانيا بوتيرة أسرع من نفاد زخم اقتصاد الحرب الروسي".
ولفت في هذا الصدد إلى أن بوتين يدرك أن ترمب "مستعد لتقديم أمورٍ لن يفكر بها سوى قلة من القادة الأميركيين، ما قد يُساعد روسيا على تمزيق أوكرانيا وتقسيم التحالف الغربي".
وفي السياق، قال ستيفان مايستر، محلل الشؤون الروسية في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، إن الزعيمين "سيحضران القمة بأهداف مختلفة، فترمب يسعى إلى إنهاء الحرب، بينما يسعى بوتين إلى إعادة تموضع استراتيجي لروسيا".
وأضاف مايستر: "بالنسبة لبوتين، الأمر يتعلق بأهداف أكبر، يتعلق بإرثه، وموقف روسيا بعد هذه الحرب، إنه أمر أكثر جوهرية. هذا يخلق استعداداً مختلفاً لدفع الثمن".
وفي الوقت نفسه، عادت التوترات بين واشنطن وكييف إلى الظهور، إذ صرح زيلينسكي، السبت، أن الدستور الأوكراني لا يسمح لكييف بالتفاوض على التنازل عن أراضي البلاد.
وأبلغ ترمب المسؤولين الأوروبيين في البداية أن الاجتماع مع بوتين سيتبعه قمة ثلاثية تضم كلاً من بوتين وزيلينسكي، لكن الكرملين سارع إلى نفي أي وعد من هذا القبيل.