
دافع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" مارك روته، عن اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة في ألاسكا، معتبراً أن الغرض من الاجتماع هو "اختبار مدى جدية بوتين"، في الانخراط بمحادثات سلام، وليس التوصل إلى اتفاق نهائي دون مشاركة أوكرانيا.
وفي مقابلة مع برنامج Face the Nation على شبكة CBS NEWS الأميركية، تم بثها، الأحد، قال روته: "لا شك في أن بوتين لا يزال يشكل التهديد الرئيسي للتحالف الغربي"، مضيفاً: "أعتقد أنه من الجيد جداً أن الرئيس ترمب يختبره، وسنرى إلى أي مدى سيذهب الجمعة".
وأشار روته إلى أن ترمب "كسر الجمود" في فبراير الماضي، عندما بدأ الحوار مع بوتين، واصفاً ذلك بـ"الخطوة الحاسمة".
وأضاف: "عقدنا قمة ممتازة للناتو تحت قيادته، التزمنا خلالها بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% في رسالة واضحة إلى روسيا بأننا جادون".
وتابع: "قبل ثلاثة أسابيع، فتح ترمب الباب أمام توريد الأسلحة الأميركية الفتاكة إلى أوكرانيا، بالتنسيق مع الناتو، وأطلق كذلك عقوبات ثانوية، بدأت بفرضها على الهند، التي تُعد من أكبر مستوردي النفط والغاز الروسيين".
"تنازلات خطيرة لوقف الحرب"
ورداً على سؤل بشأن المخاوف من احتمال تكرار "لحظة ميونيخ 1938"، حيث يتم تقديم تنازلات خطيرة لتجنب الحرب مع ألمانيا، قال روته إن لقاء الجمعة، هو "اختبار لبوتين من قبل الرئيس ترمب"، مشيداً بدور الرئيس الأميركي في تنظيم هذا اللقاء.
وأوضح: "بالطبع، عندما نصل إلى مرحلة محادثات السلام، ووقف إطلاق النار، وما يتبع ذلك من ترتيبات تتعلق بالأراضي والضمانات الأمنية لأوكرانيا، فإن كييف يجب أن تكون طرفاً مشاركاً، وستكون كذلك".
وتابع روته: "لكن الجمعة، من المهم تقييم مدى جدية بوتين، والشخص الوحيد القادر على القيام بذلك هو الرئيس ترمب، لذا، من الضروري أن يُعقد هذا اللقاء، مع التأكيد على أنه ليس نهاية الطريق، ولن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي خلاله، لكن من المهم مواصلة الضغط على الروس، وهو ما استمر ترمب في فعله خلال الأشهر الستة الماضية".
وبشأن ما إذا كانت روسيا لا تزال تطالب بأن تتخلى أوكرانيا عن سعيها للانضمام إلى الناتو، رفض روته الخوض في تفاصيل المفاوضات، لكنه قال: "أؤكد أننا جميعاً، الأميركيون والأوروبيون وأوكرانيا، متفقون تماماً على أن بوتين لا يملك أي حق في فرض شروط تتعلق بالوضع الجيوستراتيجي لأوكرانيا في المستقبل، أو حجم قواتها المسلحة، أو موقف الناتو على الجبهة الشرقية في دول مثل لاتفيا أو ليتوانيا أو إستونيا أو فنلندا أو بولندا".
وفيما يتعلق بالضمانات الأمنية لأوكرانيا، قال روته: "هذا نقاش مستمر منذ أشهر، كلنا نأمل أن يأتي اليوم الذي نصل فيه إلى وقف لإطلاق النار، وربما اتفاق سلام ناجح، لكن على الأقل وقف النار".
وأشار إلى أن "الأوروبيين، بقيادة فرنسا وبريطانيا والناتو، يشاركون في هذه المحادثات"، موضحاً أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يناقشان بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة، كيفية ضمان تطبيق الضمانات الأمنية بعد وقف إطلاق النار واتفاق السلام.
وأضاف روته: "سيكون هذا الأمر مهماً أيضاً بعد الجمعة المقبل، إذا ما أدى الاجتماع إلى محادثات سلام أكثر جدية؛ لأن مسألة الأراضي ستكون دائماً مرتبطة بالضمانات الأمنية لأوكرانيا".
إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا
وفي معرض رده على سؤال حول استمرار إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا، بصرف النظر عن نتيجة لقاء الجمعة، قال روته: "بالتأكيد، ستستمر. لقد تم الإعلان عن حزمتين من المساعدات، أولهما من هولندا، تلتها حزمة من الدول الاسكندنافية، وأتوقع مزيداً من الإعلانات خلال الأيام والأسابيع المقبلة".
وتابع: "كما قلت، الرئيس ترمب فتح الباب مجدداً أمام توريد الأسلحة الفتاكة إلى أوكرانيا، والتي يتم دفع تكلفتها من قبل الأوروبيين وكندا، وهذا أمر منطقي وعادل".
وأشار روته إلى أن "هذه العملية بدأت، بالإضافة إلى ما يقوم به الأوروبيون بالفعل، بما في ذلك الاستثمار في القاعدة الصناعية الدفاعية في أوكرانيا"، قائلاً إن "حلف الناتو يقوم بتنسيق كل ذلك من خلال قياداته في فيسبادن، لضمان حصول أوكرانيا على ما تحتاجه من أجل مواصلة القتال، وحتى تكون في أفضل موقف ممكن عند التفاوض على وقف إطلاق النار واتفاق السلام".
وتابع: "قناعتي الكاملة أن الرئيس ترمب يريد التأكد من مدى جدية بوتين الجمعة، وإذا لم يكن كذلك، فسينتهي الأمر هناك، لكن إذا تبيّن أنه جاد، فسيستمر العمل من الجمعة فصاعداً، بمشاركة أوكرانيا والأوروبيين".
ومضى قائلاً: "الولايات المتحدة تنسّق بالفعل مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، وكبار المسؤولين في الناتو، والدول الأوروبية، والمفوضية الأوروبية، ونائب الرئيس الأميركي، للتأكد من أننا جميعاً على توافق تام".
"شق صف التحالف"
وأكد روته أن "بوتين لن يتمكن مطلقاً من شق صف التحالف"، مشيراً إلى أن "أكبر إنجاز للرئيس ترمب في السياسة الخارجية هو قمة الناتو"، والتي قال إنها "أظهرت وحدة التحالف، وأنه لن يتم السماح لبوتين بالتسلل بين صفوفه".
ولفت روته أن النقاش حول تبادل الأراضي سيكون مطروحاً على الطاولة في مرحلة محادثات السلام الفعلية.
وأضاف: "من الواضح أن ما سيكون على الطاولة عندما تبدأ محادثات السلام الحقيقية، أو وقف إطلاق النار، هو قضية الضمانات الأمنية، فضلاً عن كيفية التعامل مع الوضع الفعلي الذي يتمثل في سيطرة الروس في الوقت الحالي على أراضٍ أوكرانية".
وتابع: "قد يكون هناك وضع فعلي يتمثل في أنهم يحتلون هذه الأراضي، لكننا لا يمكننا أبداً قبول ذلك من الناحية القانونية، لذا نأمل أن تكون جميع هذه القضايا مطروحة على الطاولة بعد الجمعة، إذا كان بوتين جاداً، ويجب عليه حينها أن يلتزم بالجلوس مع زيلينسكي، إذ لا يمكنه القيام بذلك من خلال الرئيس ترمب، ففي النهاية، يجب أن يكون الأمر، كما صرّح الرئيس الأميركي بنفسه، محادثة ثلاثية على الأقل مع إشراك الأوروبيين بشكل كبير".
ورفض روته الاستنتاج بأن الغرب يستعد للسماح لروسيا بالاحتفاظ بشبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس والجزء الشرقي من أوكرانيا دون الاعتراف القانوني بذلك، قائلاً: "ما أقوله هو أنه في النهاية، يجب أن تكون مسألة سيطرة الروس في هذه اللحظة، فعلياً، على جزء من أوكرانيا مطروحة على الطاولة، وأن أي نقاش مستقبلي سيكون مع الأوكرانيين وهم يقررون ما يريدون فعله فيما يتعلق بهذا الأمر".
وأضاف: "من الواضح أن على الروس سحب قواتهم، لكن من الناحية الواقعية، هم يسيطرون حالياً على جزء من الأراضي الأوكرانية".
وتابع: "كما قال الأوكرانيون سابقاً، إذا بدأت مناقشات حول وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن، ونأمل أن تتبعها مفاوضات بشأن اتفاق سلام، فسيكون هناك نقاش حول كيفية المضي قدماً، انطلاقاً من خط التماس الحالي. لكن من المهم جداً التأكيد على أنه، فيما يتعلق بالمستقبل الجيوسياسي لأوكرانيا وسيادتها، لن يكون هناك أي مساس بها، وأن القرار النهائي بشأن ما يُقبل أو يُرفض في أي اتفاق سلام يعود دائماً إلى أوكرانيا نفسها".