أبلغت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، الأمم المتحدة، باستعدادها لتفعيل آلية "سناب باك" (آلية الزناد) لإعادة فرض العقوبات على طهران، إذا لم تستأنف المفاوضات مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي، وفق ما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وكتب وزراء خارجية الدول الثلاث، المعروفة بـ"الترويكا الأوروبية" E 3، وهي الدول الموقعة على الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، رسالة إلى الأمم المتحدة، الثلاثاء، قائلين: "لقد أوضحنا أنه إذا لم تكن إيران مستعدة للتوصل إلى حل دبلوماسي قبل نهاية أغسطس 2025، أو أنها لا تغتنم فرصة التمديد، فإن مجموعة الدول الأوروبية الثلاث مستعدة لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات".
وتم توجيه الرسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش ومجلس الأمن الدولي، ووقّعها وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، ووزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي.
وتأتي الرسالة الأوروبية الجديدة، بعد شهرين من ضربات أميركية وإسرائيلية استهدفت مواقع نووية في إيران.
وكانت طهران وواشنطن عقدتا 5 جولات من المحادثات بوساطة سلطنة عُمان، ولكن المحادثات تم تعليقها نتيجة حرب الـ12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي. وواجهت المحادثات نقاط خلاف رئيسية، مثل مطالب أميركية بوقف تخصيب اليورانيوم.
محادثات "صعبة"
وأبلغت التريوكا الأوروبية، إيران خلال محادثات في تركيا الشهر الماضي، أنها قد تمدد موعد أغسطس النهائي لتفعيل العقوبات إذا وافقت طهران على استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة، والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل سبتمبر المقبل.
ووصف دبلوماسي غربي، في تصريحات للصحيفة البريطانية، المحادثات، بأنها كانت "صعبة".
وفي رسالتهم إلى الأمم المتحدة، قالت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إن عرضها بالتمديد "ظل دون رد من إيران".
وأكد الوزراء، وفق ما نقلته الصحيفة، أن "التمديد المحدود سيوفر مزيداً من الوقت لإجراء محادثات تهدف إلى إبرام اتفاق نووي جديد، مع الحفاظ على القدرة على إعادة فرض العقوبات لمنع انتشار الأسلحة النووية".
وخلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب، انسحبت الولايات المتحدة في عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمه سلفه باراك أوباما مع عدة قوى عالمية، وهو اتفاق لا يزال قائماً ويضع قيوداً كبيرة على برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات.
ومن المقرر أن تنتهي العقوبات الأممية في 18 أكتوبر المقبل، ما لم تُفعّل إحدى الدول الأطراف المتبقية، بريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين، آلية "سناب باك".
تمسك أوروبي بحق تفعيل "سناب باك"
وفي رسالتهم إلى الأمم المتحدة، قال وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إنهم يملكون "مبرراً قانونياً واضحاً ولا لبس فيه" لإعادة فرض العقوبات على إيران، واعتبروا أن طهران منذ عام 2019 "انتهكت عمداً" التزاماتها بموجب الاتفاق.
وتوعد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، الأسبوع الماضي، بـ"رد مناسب وعواقب" على "الترويكا الأوروبية"، حال تفعيلها "سناب باك"، المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم في عام 2015.
واعتبر بقائي، إلى أنه "ليس للدول الأوروبية الثلاث أي حق قانوني" في استخدام "سناب باك" لإعادة فرض العقوبات، موضحاً أن إساءة استخدام هذه الأداة ستكون لها عواقب.
وبعد اجتماع إسطنبول في يوليو الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، إن الدول الأوروبية الثلاث لا تملك "أساساً قانونياً أو أخلاقياً" لتفعيل آلية "سناب باك"، محذراً من أن إيران ستستبعد القوى الأوروبية من أي محادثات نووية مستقبلية إذا مضت في هذا المسار.
واتهم عراقجي "الترويكا الأوروبية" بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق، وقال إن آلية إعادة فرض العقوبات "لم تعد بتلك الأهمية".
وأضاف: "مع الأوروبيين، لا يوجد سبب الآن للتفاوض لأنهم لا يستطيعون رفع العقوبات، ولا يستطيعون فعل أي شيء، إذا قاموا بتفعيل سناب باك، فهذا يعني أن الطريق قد وصل إلى نهايته بالنسبة لهم".
وقالت طهران إنها لا تزال منفتحة على المحادثات مع إدارة ترمب، لكنها شددت موقفها بسبب الهجوم الإسرائيلي الذي جاء قبل 48 ساعة من جولة سادسة من المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة.
وأوضح عراقجي أن إيران تريد ضمانات من الولايات المتحدة بعدم تعرضها لهجوم خلال المحادثات المستقبلية، كما تريد "إجراءات لبناء الثقة" تشمل موافقة واشنطن على تعويض إيران عن أضرار الحرب.
وأعلنت إيران في يونيو تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي كانت تملك مفتشين في البلاد، وذلك عقب حرب الـ12 يوماً، والتي تخللها قصف أميركي للمواقع النووية الإيرانية.
والتقى مسؤول رفيع في الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمسؤولين إيرانيين في طهران، الاثنين، لكن الوكالة لم تعلق على الزيارة.
إيران تبدي استعدادها لـ"مفاوضات مباشرة" مع واشنطن
وأبدى محمد رضا عارف، النائب الأول للرئيس الإيراني، الثلاثاء، استعداد بلاده لإجراء "مفاوضات مباشرة" مع الولايات المتحدة "حال توفر الظروف"، واستيفاء الشروط التي طالبت بها طهران، حسبما نقلت وكالة "إسنا" الإيرانية للأنباء.
ووصف النائب الأول للرئيس الإيراني، الدعوات الأميركية التي تطالب بالوقف النهائي لتخصيب اليورانيوم بأنها "مزحة كبيرة"، مشيراً إلى أن طهران ستتواصل مع الدول التي تتوسط في المفاوضات مع الولايات المتحدة، بشأن آخر التطورات بشأن الملف النووي الإيراني.
وشددت إيران، الأسبوع الماضي، على عدم تخليها عن تخصيب اليورانيوم، مؤكدة أنها لن تجري أي مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة.
وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن طهران "لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم"، معتبراً أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعمل بطريقة "مسيسة".