ترمب يبسط سيطرته على أجهزة الأمن في واشنطن مع نشر قوات الحرس الوطني

time reading iconدقائق القراءة - 8
عناصر الحرس الوطني تبدأ الانتشار في شوارع العاصمة الأميركية واشنطن. 12 أغسطس 2025 - REUTERS
عناصر الحرس الوطني تبدأ الانتشار في شوارع العاصمة الأميركية واشنطن. 12 أغسطس 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

بدأت الملامح الجديدة لأجهزة إنفاذ القانون في العاصمة الأميركية تتشكل، مع نشر 800 من عناصر الحرس الوطني في واشنطن، في إطار خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي تواجه انتقادات سياسية وجدالات قانونية بشأنها.

وأظهرت شرطة المدينة والسلطات الفيدرالية تعاوناً، في إطار شراكة "غير مريحة" تهدف إلى الحد من الجريمة في واشنطن، التي وصفها ترمب، بأنها "مدينة بلا قانون"، حسبما نقلت وكالة "أسوشيتد برس". 

وجاءت هذه الخطوة في صباح اليوم التالي لإعلان الرئيس الجمهوري، نشر قوات الحرس الوطني وتوليه السيطرة على شرطة مقاطعة كولومبيا، وهو إجراء يسمح له به القانون مؤقتاً. وبرر قراره بإعلان "حالة طوارئ جنائية"، مستنداً إلى الجرائم ذاتها التي يشير مسؤولو المدينة، إلى أن معدلاتها تشهد بالفعل تراجعاً ملحوظاً. 

وبحلول المساء، توقعت الإدارة الأميركية، أن ينتشر عناصر الحرس الوطني في شوارع العاصمة ابتداءً من ليلة الثلاثاء، وفق مسؤول في البيت الأبيض، طلب عدم كشف هويته، لأنه غير مخول بالتحدث علناً، بينما أشار مسؤول آخر إلى أن مواقع انتشار قوات الحرس الوطني في العاصمة الأميركية "لم تتحدد بعد". 

معدلات الجرائم في واشنطن

من جانبها، تعهدت رئيسة بلدية واشنطن، مورييل باوزر، بالعمل إلى جانب المسؤولين الفيدراليين الذين كلفهم ترمب بالإشراف على إنفاذ القانون في المدينة، لكنها شددت على أن قائد شرطة العاصمة ما زال على رأس عمله ويتولى مسؤولية إدارته وعناصره. 

وقالت باوزر للصحافيين: "بصرف النظر عن كيفية وصولنا إلى هنا أو ما نعتقده بشأن الظروف، فإن لدينا الآن المزيد من عناصر الشرطة، ونريد أن نضمن الاستفادة منهم". 

واعتبرت "أسوشيتد برس" تلك التصريحات، "تحولاً في نبرة خطاب المسؤولة الأميركية" مقارنة باليوم السابق، حين وصفت باوزر خطة ترمب للسيطرة على شرطة العاصمة واستدعاء الحرس الوطني بأنها "خطوة غير مثمرة"، مشيرة إلى أن حالة الطوارئ التي يراها الرئيس "لا تتوافق مع أرقام الجريمة المتراجعة". 

ومع ذلك، يمنح القانون الحكومة الفيدرالية، سلطة أوسع على العاصمة مقارنة بالولايات الأميركية، وأقرت باوزر بأن قدرتها على مقاومة القرار محدودة. 

من جانبها، وصفت المدعية العامة، بام بوندي، في تصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي، الاجتماع الذي عقدته مع الجانب الفيدرالي بأنه "كان مثمراً". 

وبحسب القانون، يمكن لترمب تولي السيطرة على شرطة العاصمة لمدة تصل إلى 30 يوماً، إلا أن المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أشارت إلى إمكانية تمديد المدة، على أن تقوم السلطات لاحقاً بـ"إعادة التقييم والمراجعة".  

وأوضحت "أسوشيتد برس"، أن أي تمديد يتجاوز هذه المدة يتطلب موافقة الكونجرس، وهو أمر يُرجح أن يواجه صعوبة في ظل معارضة الديمقراطيين. 

وقالت ليفيت، إن نحو 850 ضابطاً ووكيل إنفاذ قانون، انتشروا في أنحاء واشنطن، الاثنين، واعتقلوا 23 شخصاً خلال الليل، بتهم شملت القتل والقيادة تحت تأثير الكحول وجرائم السلاح والمخدرات، إضافة إلى التهرب من دفع أجرة مترو الأنفاق. ولم تُقدم تفاصيل إضافية حول هذه الاعتقالات فوراً، وفق "أسوشيتد برس". 

وأضافت أن شرطة المتنزهات الأميركية، أزالت خلال الأشهر الخمس الماضية، 70 مخيماً للمشردين، مشيرة إلى أن من كانوا يعيشون فيها يمكنهم المغادرة أو الانتقال إلى مأوى أو دخول برامج علاج الإدمان، فيما قد يواجه الرافضون غرامات أو السجن.

علاقة متوترة بين المدينة وترمب

وبينما يردد ترمب أن خطته تهدف إلى "استعادة العاصمة"، تتمسك باوزر وشرطة العاصمة بالتأكيد على أن معدل الجرائم العنيفة في واشنطن، تراجع إلى أدنى مستوى له منذ 30 عاماً، بعد ارتفاع حاد في عام 2023.

فعلى سبيل المثال، انخفضت حوادث سرقة السيارات بالإكراه بنحو 50% في عام 2024، وتراجعت مجدداً هذا العام. غير أن أكثر من نصف المعتقلين في هذه القضايا هم من القاصرين، وهو ما يشكل موضع خلاف مع إدارة ترمب بشأن العقوبات المطبقة عليهم.

وقال جيرود تاير، وهو مقيم في واشنطن منذ 15 عاماً، إنه يلاحظ تباطؤاً في معدلات الجريمة، معرباً عن تحفظه على وجود الحرس الوطني الذي يفتقر، على حد وصفه، إلى المعرفة المحلية التي يتمتع بها أفراد الشرطة النظامية في المدينة. وأضاف: "أشعر بالأمان وأنا أتجول في المدينة يومياً، والشرطة تقوم بعمل جيد للغاية".

وبصفتها ديمقراطية، قضت باوزر جانباً كبيراً من ولاية ترمب الأولى في مواجهة علنية معه، إذ تصدت لخططه الأولى لإقامة عرض عسكري في شوارع العاصمة، ووقفت في مواجهة علنية عندما استدعى في صيف 2020 تعزيزات فيدرالية من عدة وكالات للتعامل مع احتجاجات مناهضة لعنف الشرطة.

وفي وقت لاحق، أمرت بطلاء عبارة "حياة السود مهمة" بأحرف صفراء عملاقة على شارع يقع على بُعد مبنى واحد من البيت الأبيض.

وفي ولاية ترمب الثانية، ومع سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونجرس، سارت باوزر على "حبل مشدود" لأشهر، مبرزة القواسم المشتركة مع إدارة ترمب في قضايا مثل الجهود الناجحة لإعادة فريق كرة القدم "واشنطن كوماندزر" إلى العاصمة.

وشاهدت باوزر بقلق بالغ العرض العسكري الذي أقامه ترمب هذا الصيف، في حين أن قرارها إزالة ساحة "حياة السود مهمة" في وقت سابق هذا العام بدا بمثابة رمز واضح لتحول موازين القوى بين الجانبين.

واليوم، تدخل هذه العلاقة المتوترة مرحلة غير مسبوقة بعدما نفذ ترمب ما كان كثير من مسؤولي العاصمة يأملون سراً أن تبقى مجرد تهديدات. وقد جعل هذا الموقف من باوزر "شخصية مثيرة للتعاطف"، حتى في أوساط منتقديها القدامى.  

وقالت كلينيك تشابمان، المديرة التنفيذية لمختبر العدالة في العاصمة وأحد أبرز منتقدي باوزر: "إنها لعبة قوة، ونحن هدف سهل".

أين تكمن السلطة فعلياً؟

ترى باوزر أن السلطة الكاملة باتت بيد ترمب، وأن المسؤولين المحليين لا يملكون سوى الامتثال ومحاولة تحقيق أفضل النتائج الممكنة. وأوضحت أنه طالما بقيت واشنطن منطقة فيدرالية ذات استقلالية محدودة بموجب قانون الحكم المحلي لعام 1973، فستظل عرضة لمثل هذه التدخلات. 

ويُعد ترمب أول رئيس يستخدم المادة 740 من القانون لتولي السيطرة على شرطة العاصمة لمدة تصل إلى 30 يوماً في حالات الطوارئ.

وبالنسبة لترمب، تعكس هذه الخطوة تصعيداً في نهجه المتشدد تجاه إنفاذ القانون، إذ يمنحه الوضع الخاص لمقاطعة كولومبيا، بوصفها منطقة فيدرالية أنشأها الكونجرس، فرصة فريدة لدفع أجندته الصارمة لمكافحة الجريمة، رغم أنه لم يطرح حلولاً لأسباب الجريمة أو التشرد. 

ويندرج إعلان ترمب حالة الطوارئ، ضمن نمط عام اتسمت به ولايته الثانية، إذ أعلن حالات طوارئ في قضايا تمتد من حماية الحدود إلى الرسوم الجمركية، مما مكنه من الحكم فعلياً عبر الأوامر التنفيذية، وفي كثير من الحالات مضى في تطبيق قراراته بينما كانت المحاكم تنظر في قانونيتها.

وقد حظيت تصريحات باوزر بشأن نجاحها في خفض معدلات جرائم العنف بدعم غير متوقع في وقت سابق من العام الجاري، حين أصدر إد مارتن، مرشح ترمب الأول لمنصب المدعي العام في العاصمة، بياناً في أبريل، أشاد فيه بانخفاض معدل جرائم العنف بنسبة 25% عن العام السابق.

من جهتها، قالت جينين بيرو، القاضية السابقة والمذيعة السابقة في Fox News والمدعية الفيدرالية الجديدة في واشنطن التي عينها ترمب، إن جرائم العنف ما زالت مرتفعة وتشكل مشكلة كبيرة للضحايا، على الرغم من التراجع الأخير في معدلاتها. 

تصنيفات

قصص قد تهمك