ألمانيا.. معضلة إعادة التجنيد الإجباري تهدد وحدة الائتلاف الحكم

مشروع قانون الخدمة العسكرية على طاولة مجلس الوزراء في 27 أغسطس

time reading iconدقائق القراءة - 6
جنود ألمان يجرون تدريبات  في بيليتز بالقرب من العاصمة الألمانية برلين. 6 مارس 2025 - REUTERS
جنود ألمان يجرون تدريبات في بيليتز بالقرب من العاصمة الألمانية برلين. 6 مارس 2025 - REUTERS
دبي-الشرق

يتجه الائتلاف الحاكم في ألمانيا نحو صراع حول شكل قانون التجنيد العسكري الجديد في البلاد، إذ يرى الحزب الديمقراطي المسيحي المحافظ ضرورة إدخال سنة خدمة إلزامية، فيما يدافع الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) من يسار الوسط عن "النموذح التطوعي"، حسبما أفادت مجلة "بوليتيكو".

ويُمثل مشروع القانون محاولة من وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس لمعالجة النقص المزمن في أعداد أفراد الجيش الألماني دون إعادة تطبيق التجنيد الإلزامي بالكامل، والذي أوقفته ألمانيا عام 2011.

ومن المقرر عرض مشروع القانون على مجلس الوزراء في 27 أغسطس الجاري. وبموجب الاقتراح، سيُطلب من جميع الرجال في سن التجنيد التسجيل والخضوع لعملية فحص، ولكن سيتم استدعاء عدد محدد فقط للخدمة، مع إمكانية تطوع النساء.

وتأمل الحكومة في تجنيد حوالي 5 آلاف جندي متطوع إضافي سنوياً، بفترات خدمة تصل إلى 23 شهراً، والأهم من ذلك أنه "لن تُفعّل الخدمة الإلزامية إلا إذا صوّت البرلمان عليها في قرار منفصل".

وفي الوقت الحالي، ينأى المستشار فريدريش ميرتس بنفسه عن الصراع، لكن بعض كبار أعضاء الحزب الديمقراطي المسيحي يأملون في جره إلى طاولة المفاوضات.

قانون أكثر صرامة

ويريد الديمقراطيون المسيحيون أن يمضي القانون قدماً من خلال إدخال سنة خدمة إلزامية، والتي ستشمل الخدمة العسكرية الإلزامية كخيار واحد، إلى جانب بدائل مدنية مثل العمل في المستشفيات أو المدارس، ويرفضون فكرة اشتراط تصويت برلماني لتفعيل التجنيد الإلزامي في حالات الأزمات، وهو شرط أساسي في التشريع.

وفي الإطار، قال نوربرت روتجن، الخبير المحافظ في السياسة الخارجية والدفاعية، لصحيفة "فيلت": "إذا استُخدم التجنيد الإجباري فقط في الأزمات العسكرية المتفاقمة، فإنه يصبح أداة رد فعل لا رادعاً". وأضاف: "سيأتي متأخراً جداً، وسيفقد القبول الشعبي، وسيُغفل عن غرضه الحقيقي. وتساءل: |ما الذي يُفترض أن يحققه المجند الإجباري في ظل الأزمة الراهنة؟".

من جانبه، اتهم روتجن بيستوريوس، المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بـ"تطبيق جانب واحد فقط من التسوية بالتركيز على التطوع فقط"، دون أهداف واضحة أو آلية تلقائية للتحول إلى التجنيد الإجباري في حال نقص أعداد المتطوعين، قائلاً: "هذا لن ينجح، يجب أن تكون هناك تحسينات إلزامية".

ويؤيد ديمقراطيون مسيحيون آخرون هذا الرأي، فقد صرّح العديد من المستشارين البرلمانيين لـ "بوليتيكو" بأنهم يشككون في أن مشروع القانون، بصيغته الحالية، سيحظى بالدعم السياسي اللازم لإقراره.

وفي نهاية يوليو الماضي، عقدت شخصيات بارزة من كلا الائتلافين اجتماعاً خاصاً لاختبار إمكانية تغيير صياغة مشروع القانون، إذ حضر من الجانب المحافظ الخبير في السياسة الخارجية والدفاعية، نوربرت روتجن، وورئيس لجنة الدفاع في البوندستاغ (البرلمان الألماني) توماس روكامب، ورئيس مجموعة العمل الدفاعية توماس إرندل، فيما مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي بيستوريوس، ونائبة رئيس المجموعة البرلمانية سيمتي مولر، والمشرع في شؤون الميزانية أندرياس شوارتز، ووكيل وزارة الدفاع البرلماني نيلز شميد.

ووفقاً لمشاركين من الجانب المحافظ، فقد أبدى بيستوريوس إحباطه من مساعي الحزب الديمقراطي المسيحي لتعديل مشروع القانون، رافضاً أفكارهم بشدة ومدافعاً عن بند البوندستاغ.

وقال شوارتز لاحقاً لـ "بوليتيكو" إن موقف الحزب الديمقراطي الاجتماعي ينبع من مبدأ أن الجيش الألماني "جيش برلماني"  أي أن السلطة التشريعية، لا السلطة التنفيذية، هي التي يجب أن تتخذ القرار بشأن فرض الخدمة الإلزامية.

وأضاف شوارتز: "هذا قرارٌ على البرلمان اتخاذه، إذا لم تتحقق الأهداف وكان مستوى التهديد مرتفعاً، فعلى البرلمان اتخاذ القرار، وإذا لزم الأمر، تشديد القانون".

خيارات قليلة للتغيير

وقال شوارتز إن تركيز الحزب الديمقراطي الاجتماعي على النموذج التطوعي ينصب على جذب الراغبين حقاً في الخدمة، بدلاً من إجبارهم عليها منذ البداية.

وتابع: "نريد أشخاصاً يرغبون في التواجد هناك". وجادل بأن المتطوعين أكثر ميلاً لإكمال تدريبهم والالتزام بخدمة أطول. 

وأضاف: "إذا بدأت بالإكراه، فإنك تخلق مقاومة"، مؤكداً أن الهدف هو جعل الخدمة العسكرية "جذابة لدرجة أننا نحقق أهدافنا دون خدمة إلزامية".

ويستكشف المحافظون، سراً، نقاط ضغط أخرى لتغيير مشروع القانون، إذ قال مصدران برلمانيان مطلعان على المفاوضات التشريعية لـ "بوليتيكو" أن روتجن أرسل بريداً إلكترونياً إلى رئيس المستشارية، تورستن فراي، الذراع اليمنى لميرتس، لتوضيح مطالب المجموعة البرلمانية بشأن التجنيد الإجباري.

ويعني الجدول الزمني المختصر أنه في حال عدم تحقيق تقدم قبل 27 أغسطس، فإن الفرصة الوحيدة أمام المحافظين لإعادة صياغة مشروع القانون ستكون في البوندستاغ خريف هذا العام، حينها، يمر التشريع بعدة قراءات ومناقشات في اللجان، ما يمنح المشرّعين سلطة إدخال تغييرات قبل التصويت النهائي.

وهناك خيار آخر يتمثل في حل الخلاف في لجنة الائتلاف، وهي مجموعة صغيرة من كبار القادة من كلا الحزبين تجتمع سراً لتسوية الخلافات السياسية، إذ تحمل القرارات الصادرة عنها وزناً سياسياً، لكنها غير مُلزمة قانوناً، إلا بعد موافقة الحكومة أو البرلمان عليها.

تصنيفات

قصص قد تهمك