
أعاد الأردن تفعيل برنامج "خدمة العلم" (التجنيد الإلزامي)، ليبدأ العمل به مطلع عام 2026، فيما أكد ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، خلال لقائه مجموعة من الشباب في محافظة إربد ضرورة "التهيئة ليكونوا جاهزين لخدمة الوطن، والدفاع عنه"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الأردنية "بترا".
وأشار رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان إلى أن الحكومة سترسل مشروع القانون إلى البرلمان بصفة مستعجلة فور انعقاد الدورة الحالية، تمهيداً لإقرار التجنيد الإلزامي خلال الأشهر المقبلة.
برنامج "خدمة العلم"
يستهدف برنامج "خدمة العلم" مسارين، معرفياً وعسكرياً، وسيشمل 6000 شاب ممن يبلغون الثامنة عشرة من العمر بحلول الأول من يناير من العام المقبل.
وسيقضي من تنطبق عليه الشروط 3 أشهر في الخدمة الإلزامية، حيث سيُوزَّع المجندون الجدد على ثلاث دفعات، تضم كل دفعة 2000 شخص.
ووفقاً للقانون، يُستثنى من الخدمة وحيد أبويه، أو من لا يستوفي الشروط الصحية.
عقود بين التفعيل والتعليق
ويعرف الأردنيون الخدمة العسكرية الإلزامية باسم "خدمة العلم" التي طُبقت في البلاد، البالغ عدد سكانها نحو 12 مليون نسمة، في منتصف ستينيات القرن العشرين، حين اقتصر الاستدعاء العسكري وقتها على الشباب غير العاملين.
واستمرت الخدمة لعام واحد، إلى أن جاءت الحرب التي شنتها إسرائيل على مصر، وسوريا، الأردن، عام 1967، ليُستبدل القانون بآخر.
وفعّل الأردن "خدمة العلم"، المخصصة للذكور فقط، على مدار عقود، لكنه أوقفها عدة مرات، منها عام 1991، لأسباب اجتماعية، واقتصادية".
وفي عام 2007، قررت السلطات إعادة تفعيل خدمة العلم لمدة 3 أشهر فقط، حيث كان الهدف آنذاك مد السوق المحلي بالمهارات الفنية والتقليل من البطالة، إلا أنه جرى تجميد العمل بقانون الخدمة العسكرية حتى إشعار آخر.
من جانبه، شرح نائب رئيس مجلس النواب الأردني مصطفى الخصاونة، تفاصيل النسخة الجديدة من قانون خدمة العلم، موضحاً أن هناك دائماً إعادة ترتيب لأولويات التجنيد، لأغراض تتعلق بالإمدادات والفئات التي يجب أن تُشارك في الخدمة.
وقال الخصاونة في تصريحات لـ"الشرق" إن القوانين عادة ما تُعدّل لتتماشى مع متطلبات المرحلة المقبلة والاحتياجات القانونية، لكنه أشار أيضاً إلى أن "هذه الخطوة تُعد بمثابة انتباه من الدولة الأردنية لما يجري في سوريا والعراق والدول المجاورة".
وأضاف: "تصريحات الكيان الصهيوني ما بين الفينة والأخرى دائماً ما تحمل تهديدات بالمساس بأمن الأردن، ومحاولة التعبير بالتوسع على أساس ديني".
وأشار السياسي الأردني إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً، والتي تحدّث فيها عن ارتباطه العميق برؤية ما وصفها بـ"إسرائيل الكبرى"، وهو مصطلح يُستخدم في إسرائيل للإشارة إلى حدود تشمل ضم أجزاء من دول عربية.
وقوبلت تصريحات نتنياهو بإدانات عربية واسعة، وجلبت ردود فعل أوروبية رافضة.
ووصف عضو البرلمان الأردني صالح العرموطي، إعلان ولي العهد بعودة "خدمة العلم" بأنه "صفعة على وجه نتنياهو وتصريحاته".
وأضاف في تصريحات لـ"الشرق": "باعتقادي أن لهذا الإعلان بُعداً سياسياً كبيراً جداً، ورسالة مفادها أن الأردن سيكون عصياً على أي تهديد لأمنه، واستقراره".
وأوضح أن صدور الإعلان عن ولي العهد سيُلزم الحكومة بالتعامل مع أي اعتبارات اقتصادية، كانت الحكومات السابقة تتذرع بها لتبرير إيقاف العمل بالقانون.
وأردف: "لم تكن هناك نية، ولا توجه، ولا مشروع مُعدّ، ولا حتى تعديل على مشروع قائم من قِبل أي حكومة لتفعيل خدمة العلم، وكان الإصرار الدائم أن المشروع مُكلف ويحتاج إلى ملايين، وأن الظرف الاقتصادي لا يسمح بذلك".
واستدرك أنه حين صدر الإعلان عن ولي العهد بهذه الطريقة، لم يكن أمام الحكومة سوى تنفيذ القرار، ورصد المخصصات اللازمة، ضمن قانون الموازنة المُفترض إعدادُه للعام المقبل.
قدرات الجيش الأردني
رغم غياب تقديرات رسمية لحجم الجيش الأردني، إلا أنه خاض خلال العقود الماضية تحديات أمنية كبرى، شملت غزو العراق، والاضطرابات الإقليمية التي أعقبت عام 2011، فضلاً عن الحروب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.
وتشير مواقع عسكرية إلى وجود أكثر من 100 ألف فرد في صفوف الجيش الأردني، الذي تأسس في عشرينيات القرن الماضي، ويضم قوات برية، وبحرية، وجوية.
ويُشكّل الشباب النسبة الأكبر من المجتمع الأردني، بنسبة تصل إلى 65% أو أكثر، ويعتقد البرلماني الأردني صالح العرموطي، أن للتجنيد بُعدًا آخر يتمثل في "خلق جيل واعٍ، مثقّف، يشعر بالعدالة، والوطنية، والانتماء، والمساواة أيضاً".