
تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، السبت، بالتدخل في شيكاجو بإجراءات الرقابة الفيدرالية، إذا لم تقم السلطات المحلية باستعادة النظام والحد من الجريمة.
وكتب ترمب على منصته "تروث سوشال": "قُتل ستة أشخاص، وأُصيب 24 بطلقات نارية في شيكاجو، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية، ومع ذلك يقول حاكم إلينوي الضعيف والبائس جي بي بريتزكر إنه لا يحتاج إلى مساعدة في منع الجريمة. إنه مجنون!!! من الأفضل له أن يُصلح الوضع بسرعة، وإلا فنحن قادمون!".
وفي مقابلة مع شبكة CBS News الأميركية، وصف حاكم ولاية إلينوي خطط إدارة ترمب لنشر قوات عسكرية في مدينة شيكاجو بأنها "غزو"، مؤكداً أن الإدارة لم تتواصل مع الولاية بشأن هذه الخطوة، وشكك في دوافعها الحقيقية.
وقال بريتزكر: "من الواضح أنهم يخططون لهذا الأمر سراً.. وإذا تم بالفعل نشر القوات، فسيكون ذلك غزواً باستخدام قوات أميركية"، مضيفاً أن ترمب يسعى إلى "أهداف أخرى" تتجاوز مسألة مكافحة الجريمة.
وكان ترمب قد نشر في الأشهر الماضية قوات من الحرس الوطني وعناصر فيدرالية إلى مدينتَي لوس أنجلوس وواشنطن العاصمة، في إطار ما وصفه بـ"حملة لمكافحة الهجرة غير الشرعية، والجريمة، والاضطرابات".
وألمح مؤخراً إلى إمكانية اتخاذ خطوات مماثلة في شيكاجو، التي وصفها بأنها "مدينة فوضوية"، وهاجم عمدة المدينة براندون جونسون قائلاً: "سنقوم بتصحيح هذا الأمر على الأرجح قريباً".
وبحسب مصادر لـCBS News، فإن إدارة ترمب تخطط لعمليات واسعة ضد المهاجرين في شيكاجو، قد تبدأ الأسبوع المقبل، على غرار ما حدث في لوس أنجلوس، فيما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) تدرس خططاً لنشر آلاف من عناصر الحرس الوطني إلى المدينة اعتباراً من سبتمبر، رغم عدم صدور تأكيد رسمي.
وحذَّر بريتزكر من أن هذه الخطوة قد تكون جزءاً من محاولة "لوقف الانتخابات في 2026 أو السيطرة عليها"، معتبراً أنها تمثل "هجوماً على الشعب الأميركي".
من جهتها، ردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، أبيجيل جاكسون، على تصريحات بريتزكر بلهجة حادة، قائلة: "من المدهش إلى أي مدى يمكن لهذا الشخص أن يذهب لتجاهل أزمة الجريمة التي تعاني منها شيكاغو منذ سنوات"، معتبرة أن السكان سيكونون أكثر أماناً لو أن بريتزكر "قام بعمله بدلاً من التظاهر بأنه بطل مقاومة".
عمدة شيكاغو يتحدث خطة ترمب
في المقابل، أعلن عمدة شيكاغو براندون جونسون رفضه القاطع لخطة إدارة ترمب الرامية إلى إرسال تعزيزات من الضباط الفيدراليين إلى ثالث أكبر مدينة أميركية، واصفاً الخطة بأنها "خارجة عن السيطرة".
وبموجب أمر تنفيذي وقّعه جونسون، السبت، سيتم منع شرطة المدينة من التعاون مع السلطات الفيدرالية في أي عمليات تتعلق بإنفاذ قوانين الهجرة، بما في ذلك الدوريات وعمليات التوقيف ونقاط التفتيش المرتبطة بالحملة المرتقبة.
وأكد جونسون أن جميع الإدارات في المدينة ستعمل على حماية الحقوق الدستورية لسكان شيكاغو، في ظل ما وصفه بـ"احتمال وشيك لنشر قوات عسكرية أو الحرس الوطني من قبل الحكومة الفيدرالية".
وأضاف جونسون خلال مؤتمر صحافي: "نعم، هناك ضباط فيدراليون يتلقون أوامر... لكنني لا أتلقى أوامر من الحكومة الفدرالية".
كما أصدر العمدة قراراً يمنع عناصر شرطة شيكاجو من ارتداء أغطية للوجه تخفي هوياتهم، في إشارة إلى الممارسات التي تبناها عناصر الهجرة الفيدراليون منذ تولي ترمب منصبه هذا العام.
وبحسب مسؤولين أميركيين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، فإن الحملة الفيدرالية قد تبدأ في الخامس من سبتمبر، وتستمر لمدة ثلاثين يوماً، مشيرين إلى أنها جزء من جهود أوسع لتعزيز الوجود الأمني الفيدرالي في مدن كبرى يديرها الديمقراطيون، على غرار ما حدث مؤخراً في لوس أنجلوس، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
وتُعد شيكاغو من المدن التي تضم عدداً كبيراً من المهاجرين، وتتمتع بقوانين صارمة تمنع التعاون مع سلطات الهجرة الفيدرالية، ما جعلها في مواجهة مستمرة مع أجندة ترمب الخاصة بـ"الترحيل الجماعي".
وأكد جونسون أن المدينة لم تطلب هذا الوجود الفيدرالي، ولم تُستشر بشأنه، مطالباً الرئيس بالتراجع عن هذه الخطط، ومتهماً إياه بانتهاك الدستور والسعي للانتقام من خصومه السياسيين.
وقال جونسون: "إنه متهور وخارج عن السيطرة.. إنه التهديد الأكبر الذي واجهته ديمقراطيتنا في تاريخ البلاد".
من جهتها، ردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، أبيجيل جاكسون، بأن إرسال الضباط الفيدراليين يهدف إلى "مكافحة الجريمة".
وأضافت: "لو ركز هؤلاء الديمقراطيون على حل مشكلات مدنهم بدلاً من استعراض المواقف ضد الرئيس، لكانت مجتمعاتهم أكثر أماناً".
وقد تواجه عمليات النشر المستقبلية تحديات قانونية، إذ أن السيطرة على قوات الحرس الوطني تعود عادة لحكام الولايات، باستثناء حالات معينة، ومنها في "التمرد" أو عند العجز عن "تطبيق قوانين الولايات المتحدة".
وكانت ولاية كاليفورنيا قد رفعت دعوى قضائية ضد إدارة ترمب بعد نشر قوات الحرس الوطني في لوس أنجلوس، معتبرة أن الخطوة "غير قانونية".