أحزاب "اليمين المتطرف" تتصدر استطلاعات الرأي في أكبر اقتصادات أوروبا

time reading iconدقائق القراءة - 7
متظاهرون يشاركون في احتجاج يطالب بحظر حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف في برلين. 11 مايو 2025 - Reuters
متظاهرون يشاركون في احتجاج يطالب بحظر حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف في برلين. 11 مايو 2025 - Reuters
دبي -الشرق

تصدرت أحزاب اليمين المتطرف استطلاعات الرأي في أكبر ثلاث دول أوروبية، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في أحدث مؤشر على تنامي استياء الناخبين في معظم أنحاء القارة العجوز، بعد سنوات من ارتفاع معدلات الهجرة والتضخم، حسبما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال".

ودخلت أحزاب اليمين المتطرف والمناهضة للهجرة بالفعل إلى الحكم في دول مثل إيطاليا وفنلندا وهولندا. لكن هذا العام يُمثل المرة الأولى التي تتقدم فيها هذه الأحزاب في أكبر اقتصادات أوروبا في الوقت نفسه. وقد يُثير ذلك فترة من الاضطرابات السياسية في الدول الثلاث.

وقال مجتبى رحمن، رئيس قسم أوروبا في شركة "أوراسيا" لاستشارات المخاطر إنه "أمر بالغ الأهمية. يواجه قادة الدول الثلاث يميناً متطرفاً على أعتاب السلطة ما لم يتمكن السياسيون من معالجة ما يُغذي هذا الصعود، وهو الهجرة وتكاليف المعيشة". 

الهجرة والتضخم

ومثل الولايات المتحدة، شهدت أجزاء كبيرة من أوروبا ظاهرتين في نفس الوقت منذ جائحة فيروس كورونا، تتمثلان في مستويات قياسية من الهجرة تسببت في رد فعل عنيف من الناخبين، وارتفاع في التضخم الذي تراجع الآن ولكنه ترك أسعار العديد من السلع أعلى بكثير من ذي قبل، ما دفع العديد من الناخبين إلى الشعور بتراجع أوضاعهم. كما لعبت منصات التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في استقطاب الآراء.

وعلى عكس الولايات المتحدة، فإن معظم أوروبا لا تشهد أي نمو اقتصادي تقريباً، مما يغذي شعوراً واسع النطاق بأن القارة تواجه سنوات من التراجع، بالإضافة إلى الجمود السياسي.

ويرى جيريمي جالون، الدبلوماسي الفرنسي السابق ورئيس قسم أوروبا في شركة "ماكلارتي أسوشيتس" McLarty Associates  المتخصصة في الاستشارات الاستراتيجية، أن الشعور بالتدهور الاقتصادي إلى جانب الهجرة السريعة، "هو مزيج سام حوّل العديد من الناخبين ضد الأحزاب السياسية القائمة". 

وأضاف: "إنها القصة نفسها من المدن الإنجليزية الصغيرة إلى الريف الفرنسي إلى البلدات الألمانية، حيث يشعر الكثيرون أن النخب التقليدية تنظر إليهم بازدراء، أو تتجاهل مخاوفهم".

وفي بريطانيا، حقق حزب "إصلاح المملكة المتحدة" Reform UK المناهض للهجرة، بقيادة نايجل فاراج، المؤيد السابق لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، تقدماً ملحوظاً خلال الأشهر الستة الماضية، وهو الآن يتقدم بفارق مريح في استطلاعات الرأي على حزب العمال الحاكم وحزب المحافظين المعارض، الثنائي السياسي الذي هيمن على الساحة السياسية البريطانية على مدار القرن الماضي.

وفي ألمانيا، يتقارب حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AFD) اليميني المتطرف مع حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم (يمين الوسط) في استطلاعات الرأي منذ بداية العام. 

وحقق حزب "البديل من أجل ألمانيا" تقدماً طفيفاً في الأسابيع الأخيرة، وهي المرة الأولى التي يحقق فيها ذلك منذ أبريل، وفقاً لـ"فورسا"، إحدى أبرز مؤسسات استطلاعات الرأي في البلاد.

اليمين يتقدم بثبات في فرنسا

وحقق حزب "التجمع الوطني" الفرنسي المناهض للهجرة، تقدماً ثابتاً في استطلاعات الرأي هذا العام. وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "إيلاب" الشهر الماضي أن جوردان بارديلا، الشاب المدعوم من زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، هو الأكثر شعبية بنسبة تأييد بلغت 36%. 

وتشير استطلاعات الرأي للانتخابات الرئاسية المقبلة أيضاً، إلى أن مرشح التجمع الوطني، سواء كان بارديلا أو لوبان، سيتصدر الجولة الأولى من الانتخابات المقررة في أبريل 2027.

واستغل بارديلا و"التجمع الوطني" القلق السائد من أن الأقلية المسلمة في فرنسا، وهي من أكبر الأقليات في أوروبا، من أن "تتعدى على القيم العلمانية للجمهورية الفرنسية"، كما استغلا التراجع الملحوظ في مستويات المعيشة بين عائلات الطبقة العاملة والمتوسطة. 


وفي السنوات الأخيرة، تطور "التجمع الوطني" من حركة احتجاجية هامشية إلى أكبر حزب منفرد في البلاد في الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي). ولم يكن ذلك كافياً حتى الآن لتولي الحزب اليميني المتطرف زمام الحكومة، ولكنه زاد من صعوبة حكم البلاد. 

وأصبحت الحكومة الفرنسية على شفا الانهيار مرة أخرى، بعد أقل من تسعة أشهر من إقالة رئيس الوزراء الفرنسي المحافظ ميشيل بارنييه من منصبه.

وهذا الأسبوع، تعهد "التجمع الوطني" بالتصويت ضد الحكومة مجدداً في 8 سبتمبر المقبل، عندما يعتزم رئيس الوزراء الوسطي فرانسوا بايرو، إجراء تصويت على الثقة في الجمعية الوطنية قبل ما يُتوقع أن تكون مفاوضات صعبة بشأن ميزانية جديدة. والثلاثاء الماضي، دعا بارديلا، الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة أو الاستقالة.

استغلال الأزمات الاقتصادية في ألمانيا

وفي ألمانيا، وبشكل مفاجئ، تزامن صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" مع انخفاض في أعداد المهاجرين مع الحكومة الحالية. ففي ظل تشديد الرقابة على الحدود، انخفضت طلبات اللجوء الجديدة بأكثر من الثلث في النصف الأول من العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما ألغى المستشار الألماني المحافظ فريدريش ميرتس، بعض سياسات سلفه البيئية، والتي غالباً ما انتقدها حزب البديل من أجل ألمانيا باعتبارها مُفرطة.

ومع ذلك، لم تُظهر مجموعة من التدابير الداعمة للنمو، بدءاً من خفض ضرائب الشركات ووصولًا إلى زيادة استثمارات البنية التحتية، أي تأثير حتى الآن. وانكمش الاقتصاد بنسبة 0.3% في الربع الأخير، مواصلاً بذلك ركوده الذي استمر عامين.

واعتبر مانفريد جولنر، رئيس مؤسسة "فورسا" الألمانية، في حديثه لـ"وول ستريت جورنال"، أن "هذا كان أحد عوامل الصعود الأخير لحزب البديل من أجل ألمانيا". وأضاف: "يشهد الناخبون تحركات واسعة، لكنهم لا يشعرون بأي تأثير"، مشيراً إلى "عدم التوافق، أو على الأقل وجود فارق زمني بين الوعود والنتائج".

وقد شنّ حزب "البديل من أجل ألمانيا" حملةً من أجل الترحيل الجماعي للمهاجرين الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني؛ ومن أجل خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي وإنهاء الاعتماد على عملة اليورو؛ ومن أجل إعادة النظر في ثقافة إحياء ذكرى الهولوكوست؛ كما يرفض الحزب فكرة تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان. 

وتتشابه سياسات "البديل من أجل ألمانيا" الاقتصادية، مع سياسات "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" بزعامة ميرتس، لكنه يسعى أيضاً إلى زيادة معاشات التقاعد والحد من حصول غير المواطنين على إعانات الرعاية الاجتماعية.

واستغل حزب "البديل من أجل ألمانيا" الإحباط الاقتصادي لتعزيز جاذبيته. وركز برنامجه في الفترة التي سبقت الانتخابات الفيدرالية في فبراير الماضي، على المقترحات الاقتصادية، بدلاً من قضايا أخرى مثل الأمن والهجرة. 

تصنيفات

قصص قد تهمك