
اتهم وزير الصحة الأميركي روبرت إف كينيدي جونيور، الخميس، المديرة السابقة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها سوزان موناريز، بـ"الكذب" على الأميركيين بعدما قالت إنها أُقيلت لـ"رفضها تأييد توصيات لقاحات تفتقر إلى الأسس العلمية".
ومن المرجح أن يتسبب انتقاد كينيدي العلني في مزيد من الاضطراب داخل الوكالة، إذ إن إقالة موناريز أثارت موجة غضب أدت لاستقالات بين عدد من كبار المسؤولين، وقيام موظفين آخرين بتنظيم إضراب داخل مراكز السيطرة على الأمراض، بحسب موقع "أكسيوس" الأميركي.
وجاءت تصريحات كينيدي رداً على سؤال طرحه عليه السيناتور الديمقراطي رون وايدن خلال جلسة استماع للجنة المالية في مجلس الشيوخ.
وذكر كينيدي خلال الجلسة، أن موناريز طُلب منها فصل مسؤولين كبار في الوكالة لا يتماهون مع أجندة الإدارة الصحية.
وفي مقال رأي بصحيفة "وول ستريت جورنال"، اتهمت موناريز كينيدي بأنه أمرها بالتماشي مع توصيات اللجنة الاستشارية للقاحات والممارسات التحصينية التابعة لمركز السيطرة على الأمراض، والتي تضم بعض الأعضاء الذين سبق أن عبروا علناً عن مواقف مناهضة للقاحات.
وقالت موناريز: "لا يمكن لمراكز السيطرة على الأمراض أن يؤدي واجبه تجاه الشعب الأميركي إذا لم يستطع قائده المطالبة بالأدلة في عملية اتخاذ القرار. هذا ليس إصلاحاً، بل تخريب".
ونفى كينيدي خلال جلسة الاستماع، أنه طالب موناريز بقبول توصيات اللجنة الاستشارية. فيما قال متحدث باسم وزارة الصحة والخدمات الإنسانية لـ"أكسيوس"، إن موناريز "لم يُطلب منها أبداً المصادقة المسبقة على أي شيء".
وأضاف المتحدث أنها "كانت مطالبة بالاعتماد على فريقها من خبراء الوزارة الذين كانوا يجرون بالفعل مراجعات دقيقة قائمة على الأدلة عند بدء عملها القصير في الوكالة".
تصاعد الضغوط
وتعرض كينيدي لضغوط متزايدة من الجمهوريين خلال الأيام الأخيرة بعد التغييرات التي أجراها في مراكز السيطرة على الأمراض، والتي بدت متناقضة مع وعوده السابقة بدعم توصيات اللقاحات المستندة إلى الأدلة.
وقال السيناتور الجمهوري توم تيليس لـ"أكسيوس" قبل جلسة الاستماع: "أريد أن أعرف لماذا لا تتطابق أقواله خلال جلسة تثبيته مع بعض أفعاله".
وذكر السيناتور جون كينيدي: "أريد أن تتوقف هذه الفوضى. لا يمكن أن تبقى مؤسسة الصحة العامة في حالة اضطراب دائم".
وفي الأسابيع الأخيرة، قام وزير الصحة بتغييرات جذرية في سياسة اللقاحات الأميركية، ما أثارت الشكوك حول فعاليتها وسلامتها.
وفي الشهر الماضي، حدّ كينيدي من الفئات المسموح لها بالحصول على لقاحات كوفيد-19 رغم ارتفاع الإصابات بالفيروس، كما ألغى عقوداً بقيمة تقارب 500 مليون دولار كانت مخصصة لتطوير لقاحات mRNA جديدة، وهو ما حذر العلماء من أنه قد يعيق فرص تحقيق إنجازات طبية مستقبلية.
ويستعد كينيدي لمواجهة معارضة من الحزبين على تحركاته لتفكيك سياسات اللقاحات خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، بحسب "بلومبرغ".
وبينما يتحدى بعض الجمهوريين علناً المتحدث الرئيسي باسم إدارة الرئيس دونالد ترمب في قضايا الصحة، إلا أنهم ما زالوا يخشون غضب ترمب.
وصوّت السيناتور بيل كاسيدي، الذي تردّد في البداية بشأن التصويت لتأكيد تعيين كينيدي، بسبب مواقفه من اللقاحات، في النهاية بـ"نعم" بعدما وعده كينيدي بإشراكه في قرارات تتعلق باللقاحات والتعيينات.
لكن كينيدي سارع إلى تقليص موظفي الوزارة، وأقال جميع أعضاء لجنة اللقاحات الأساسية، وعيّن منتقدين للقاحات، كما غيّر التوصيات الخاصة بالتطعيم.
كاسيدي، وهو طبيب جهاز هضمي، انتقد لجنة كينيدي الاستشارية الجديدة، ووقف مدافعاً عن الأساس العلمي للقاحات، متعهداً بممارسة الرقابة.
وقال كاسيدي للصحافيين الثلاثاء، إن "الأمر يتعلق بصحة الأطفال. هل سنحميهم من أمراض يمكن الوقاية منها باللقاح؟، هل سنشهد أطفالاً يموتون في غرب تكساس بسبب المعلومات المضللة حول الحصبة؟".
لكنه وجد نفسه عالقاً بين قناعاته الطبية وحساباته الانتخابية، إذ لا يستطيع المخاطرة بمواجهة مع ترمب، خصوصاً بعدما صوّت لإدانته في محاكمته الثانية. أما الرئيس الأميركي فقد منح دعمه الكامل لكينيدي، وقال إنه سمح له بـ"التحرك بحرية" في المجال الصحي.
وكاسيدي ليس الوحيد الذي يطالب بإجابات من كينيدي، فقد قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثيون لمجلة "بوليتيكو"، إن هناك "أسئلة صعبة" بشأن إقالة مديرة مراكز السيطرة على الأمراض، التي كانت قد حصلت على موافقة كاملة من مجلس الشيوخ في يوليو الماضي.
وأضاف: "بصراحة، عليه أن يتحمّل المسؤولية. نحن نصادق على هؤلاء الأشخاص بعد جهد كبير، ثم يغادرون بعد شهر فقط؟".
من جهتهم، يخطط الديمقراطيون لمحاسبة كينيدي على التعهدات التي قدمها خلال عملية ترشيحه. إذ أصدر السيناتور رون وايدن والسيناتور أنجيلا أوسبروكس تقريراً من 54 صفحة قبيل الجلسة، يسرد الخطوات التي اتخذها كينيدي لتفكيك سياسات اللقاحات منذ توليه المنصب في فبراير.
أما السيناتور الجمهورية ليزا موركوفسكي اعتبرت، أن تصرفات كينيدي "تتعارض مع بعض الالتزامات التي قطعها لي، وعلى ما يبدو لآخرين أيضاً".
وأبدت استياءها من مطالبة موناريز بالتنحي عن رئاسة مراكز السيطرة على الأمراض. وقالت: "نريد أن يكون هذا مبنياً على العلم. أما الآن فلا يبدو كذلك".