
قالت مصادر مقربة من فريق الأمن القومي الأميركي إن الرئيس دونالد ترمب ومستشاروه أبدوا تخوفاً من أن الضربة الإسرائيلية في قطر، والتي استهدفت قادة حركة "حماس" الثلاثاء، نسفت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، بالكامل وربما إلى غير رجعة، بحسب ما أوردته مجلة "بوليتيكو".
ونقلت المجلة عن شخص مقرب من فريق الأمن القومي للرئيس ومسؤول أميركي مطلع على الوضع، وكلاهما تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قولهما إن استياء الإدارة الأميركية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد "ازداد منذ الضربة الإسرائيلية التي استهدفت اجتماعاً لقادة حماس الثلاثاء، في قطر".
وأضاف المصدران أن ترمب وكبار مساعديه "بدأوا يتساءلون ما إذا كان نتنياهو، الذي أجاز تنفيذ الضربة وهدد بالمزيد، يحاول عمداً تقويض المحادثات".
وقال المصدر المقرب من فريق الأمن القومي: "في كل مرة يحققون تقدماً (في مفاوضات غزة)، يبدو أن نتنياهو يقصف أحداً ما، ولهذا يشعر الرئيس ومستشاروه بإحباط شديد منه".
وأثار الهجوم الإسرائيلي في قطر استياءً واسعاً في أوساط دول كانت تعوّل على الوساطة القطرية لإنهاء حرب غزة، كما أثار تهديد نتنياهو في أعقاب ضربة قطر بأن إسرائيل ستهاجم أي دولة تستضيف ممثلين عن "حماس"، قلقاً بالغاً لدى حلفاء الولايات المتحدة، وسط مخاوف من أن يقوض نتنياهو مساعي الوساطة في أكثر من ساحة.
وشنت إسرائيل الهجوم على العاصمة القطرية الدوحة، مستهدفة اجتماعاً لقيادات حماس لبحث مقترح ترمب لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين هناك.
استياء ترمب من نتنياهو
وأظهر بيان البيت الأبيض الذي تلته كارولين ليفيت خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء، استياء ترمب من قرار إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية داخل قطر، الشريك الاستراتيجي وموطن قاعدة عسكرية أميركية رئيسية زارها الرئيس الأميركي مايو الماضي.
كما شددت الإدارة الأميركية على أنها علمت بالهجوم من الجيش الأميركي نفسه، وأن إسرائيل لم تبلغ واشنطن بشكل كاف ولم تستشرها مسبقاً.
وجاء في بيان ليفيت الأول أن "الإدارة حذرت المسؤولين في الدوحة قبل الضربة"، لكن مسؤولاً قطرياً رد مؤكداً أن بلاده "لم تتلق أي تحذير".
وإثر ذلك، عدّل ترمب بيان ليفيت في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، موضحاً أن إسرائيل "لم تمنح البيت الأبيض إشعاراً مناسباً بشأن الهجوم، وأن اتصالات المبعوث الخاص ستيف ويتكوف بالمسؤولين القطريين جاءت متأخرة جداً".
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إن "الإشعار المبهم الذي قدمته (إسرائيل) كان غير كافٍ تماماً وافتقر إلى التفاصيل اللازمة لتحذير الشركاء الإقليميين بشكل مناسب".
وذكرت "بوليتيكو"، أنه لهذا السبب، جاء بيان ترمب، الذي تجاوز صياغة ليفيت، شديد الوضوح حين أكد أن القرار "اتُخذ من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولم يكن قراراً صادراً عني".
وأضاف: "تنفيذ قصف أحادي داخل قطر، دولة ذات سيادة وحليف وثيق للولايات المتحدة، تعمل بجد وتتحمل المخاطر معنا من أجل إنجاح جهود السلام، لا يخدم أهداف إسرائيل ولا الولايات المتحدة".
وقال المصدر المقرب من فريق الأمن القومي للرئيس: "كان ذلك أشد انتقاد علني أراه يصدر عن رئيس جمهوري تجاه زعيم إسرائيلي منذ وقت طويل".
وأشار المصدر نفسه إلى أن المكالمة الهاتفية بين ترمب ونتنياهو، التي جرت الثلاثاء، الأولى من مكالمتين بعد الهجوم، كانت "ساخنة للغاية"، مضيفاً: "الرئيس كان مستاءً بشدة، وأوضح ذلك بشكل لا لبس فيه".
اجتماعات قطرية أميركية
وقال المصدران إن البيت الأبيض يعمل على تهدئة القطريين، ومن المقرر أن يزور رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نيويورك وواشنطن، الجمعة، حيث سيلتقي ترمب ومسؤولين أميركيين لبحث الضربة الإسرائيلية ومستقبل محادثات وقف إطلاق النار في غزة.
وإضافة إلى ترمب من المتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء القطري مع نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
ولفت المصدر إلى أن "عجز ترمب عن كبح نتنياهو" يثير استياءً خاصاً لدى المسؤولين الأميركيين، خصوصاً عندما يقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي على خطوات تؤثر مباشرة في علاقات واشنطن مع دول مثل سوريا وقطر، مضيفاً أنه "لا علم له بوجود أي خطط لدى إدارة ترمب لمعاقبة نتنياهو".
وأضاف أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تحدث في الأيام الأخيرة مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، بشأن إعطاء الأولوية لتوسيع اتفاقية التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة.
ويعتزم روبيو زيارة إسرائيل الأسبوع المقبل، ولم يتضح بعد ما إذا كان سيزور قطر، لكن مثل هذه الجولات عادة تشمل محطات في عواصم عدة.