رسوم ترمب تضر اقتصاد الهند.. وترقب لنتائج جولة جديدة من المحادثات

"الوظائف والناتج المحلي" أبرز القطاعات الهندية المتأثرة بالجمارك الأميركية

time reading iconدقائق القراءة - 8
مزارع يحمل صندوقاً من التفاح الطازج في سوق الفاكهة بينما كانت شاحنة محملة بالتفاح على طول الطريق السريع الوطني جامو-سريناجار في كشمير الهندية. 10 سبتمبر 2025 - reuters
مزارع يحمل صندوقاً من التفاح الطازج في سوق الفاكهة بينما كانت شاحنة محملة بالتفاح على طول الطريق السريع الوطني جامو-سريناجار في كشمير الهندية. 10 سبتمبر 2025 - reuters
دبي-الشرق

أجرت الولايات المتحدة والهند، الثلاثاء، جولة جديدة من المحادثات التجارية، ما يزيد من آمال المصالحة بين الطرفين، وذلك بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية بنسبة 50% على نيودلهي، رداً على تجارة الهند في النفط الروسي، إلا أن تأثير التعريفات تهدد الوظائف، ونمو الناتج المحلي الإجمالي، وسنوات من الدبلوماسية في تلك الدولة الآسيوية، بحسب ما أوردته صحيفة "فاينانشيال تايمز".

وأشاد ترمب برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لقيامه "بعمل هائل"، فيما رد مودي في منشور عبر منصة "إكس"، الثلاثاء، قائلاً إنه "ملتزم تماماً بأخذ الشراكة الشاملة والعالمية بين الهند، والولايات المتحدة إلى آفاق جديدة".

وقال ترمب إن التعريفات الجمركية جاءت رداً على تجارة الهند في النفط الروسي، مقللاً من أهمية الخلاف قائلاً: "لدينا لحظات من حين لآخر".

ويعد الحافز لتحسين العلاقات واضحاً، فالهند واحدة من الدول الأكثر تضرراً من الحرب التجارية، إذ بلغت ضعف تلك المفروضة على جنوب شرق آسيا، وتنافس الإجراءات المفروضة على الصين، فماذا تعني رسوم ترمب الجمركية على الاقتصاد الهندي؟

الناتج المحلي في الهند

قد يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند، التي تعد أسرع اقتصاد كبير نمواً في العالم، حيث تُظهر أحدث البيانات الرسمية نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.8% في الربع المنتهي في يونيو الماضي مقارنةً بالعام السابق.

وحدد مودي هدفاً للوصول إلى وضع الدولة المتقدمة بحلول عام 2047، وهو الذكرى المئوية لاستقلال الهند عن بريطانيا، وهو هدف يتطلب نمواً متوسطاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.8% سنوياً على مدى العقدين المقبلين.

إلا أن حرب ترمب التجارية قد تُلقي بظلالها على النمو، الذي توقعه بنك الاحتياطي الهندي قبل فرض الرسوم الجمركية بنسبة 6.5% للسنة المالية 2025-2026.

وقد ينخفض ​​نمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند إلى أقل من 6% في السنة المالية الجديدة في ظل رسوم ترمب الجمركية.

وقال شيلان شاه، الخبير الاقتصادي المتخصص في الأسواق الناشئة في شركة "كابيتال إيكونوميكس"، والذي قدر أن رسوم ترمب الجمركية قد تُخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي للهند هذا العام بما يصل إلى 0.8 نقطة مئوية: "الأمور على وشك أن تُصبح أكثر صعوبة على الاقتصاد".

وقدّر كبير المستشارين الاقتصاديين لمودي في "أنانثا ناجيسواران"، هذا الرقم بما يتراوح بين 0.3 و0.5 نقطة مئوية في حال كانت الرسوم الجمركية "قصيرة الأجل"، مضيفاً: "إذا استمرت في السنة المالية المقبلة والأخيرة، فسيكون ذلك تحدياً كبيراً".

ضربة للصادرات الهندية

وتُعد الولايات المتحدة أكبر سوق لصادرات الهند، فقد باعت الشركات الهندية سلعاً بقيمة 87 مليار دولار إلى الولايات المتحدة في السنة المالية التي انتهت في مارس، وهو ما يمثل ما يقرب من 20% من إجمالي الصادرات البالغة 438 مليار دولار.

كما انخفضت صادرات الهند إلى الولايات المتحدة بنسبة 14% على أساس شهري في أغسطس، وفقاً لبيانات وزارة التجارة الصادرة هذا الأسبوع.

ومع ذلك، فإن الهند أقل عرضة بكثير لاضطرابات التعريفات الجمركية من نظيراتها الآسيوية الأكثر اعتماداً على التجارة، وذلك بفضل السوق المحلية الضخمة. 

وقد أشاد مودي بأهمية "الهند المعتمدة على الذات"، وحث الشركات على "الامتناع عن بيع سلع مصدرها دول أخرى".

وفي هذا الصدد، قال أبيجيت داس خبير السياسة التجارية الهندية، إن السوق المحلية الكبيرة "تمثل بالتأكيد مصدر ارتياح كبير.. كان التأثير السلبي لهذه التعريفات الجمركية بنسبة 50% سيتضاعف أضعافاً مضاعفة لو كنا أكثر توجهاً نحو التصدير".

ومع ذلك، فقد حذر من أن "السوق المحلية لا يمكنها تعويض خسائر التصدير إلى السوق الأميركية بشكل كامل".

وأشار الخبيران الاقتصاديان في بنك HSBC، برانجول بهانداري وأيوشي تشودري، إلى الجهود الجارية لتسريع الصفقات التجارية مع الدول الأخرى، وتخفيف قواعد الاستثمار الأجنبي، وإصلاح العلاقات مع الصين.

كما قام مودي مؤخراً بتبسيط ضرائب السلع والخدمات المعقدة في الهند، والتي يجادل الاقتصاديون بأنها قد ترفع الناتج المحلي الإجمالي.

تهديد الوظائف

وتُعدّ بعض الصناعات الأكثر تضرراً من بين أكبر جهات التوظيف في الهند، إذ حذر المحللون والهيئات التجارية من أن القطاعات كثيفة العمالة، مثل المنسوجات، والأحجار الكريمة، والمجوهرات، والروبيان، والسجاد، ستتضرر بشدة من رسوم ترمب الجمركية، إذ يستعد بعضها لانهيار في الصادرات يصل إلى 70% في السنة المالية 2025-2026.

وقال محللون من بنك "نومورا"، إن الصناعات الأكثر تضرراً توظف بشكل مباشر ما يُقدّر بنحو 21 مليون شخص، بالإضافة إلى عدد أكبر بكثير من العمال غير الرسميين.

وحذر المحللون من أن الشركات الصغيرة والمتوسطة ستواجه صعوبة في مواجهة تأثير الرسوم الجمركية، قائلين: "قد تؤثر البيئة الخارجية الصعبة على ثقة الشركات على نطاق أوسع، ما قد يؤدي إلى استمرار ضعف الإنفاق الرأسمالي الخاص".

وفي هذا الصدد، قال كيريت بهانسالي، رئيس مجلس ترويج صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات، إن التعريفات الجمركية "ستكون لها عواقب بعيدة المدى على الاقتصاد الهندي"، إذ لا تزال 30% من صادرات الهند إلى الولايات المتحدة معفاة من الرسوم الجمركية، بما في ذلك الأدوية والإلكترونيات.

قطاعات نجت من رسوم ترمب 

وبحسب "فاينانشيال تايمز"، فقد أفلتت بعض أهم صناعات التصدير في الهند، بما في ذلك الإلكترونيات الاستهلاكية، والأدوية، من الرسوم الجمركية في الوقت الحالي، لكن قد تُسفر المراجعات التجارية الأميركية الخاصة بقطاعات مُحددة عن فرض رسوم إضافية، إذ لم يتضح بعد موعد الإعلان عن هذه الرسوم.

وأصبحت الهند دولة محورية في شبكة تجميع منتجات شركة "أبل"، حيث انتقل جزء من الإنتاج بعيداً عن الصين.

وبالنسبة لحكومة مودي، تُعدّ شركة أبل جزءاً أساسياً من خطتها لجذب الاستثمارات الصناعية وخلق فرص عمل في المصانع، لكن خطط "أبل" لنقل تجميع جميع هواتف آيفون المباعة في الولايات المتحدة إلى الهند بحلول عام 2026 أثارت غضب ترمب هذا العام.

ووفقاً للتحالف الهندي للأدوية، تُمثل الأدوية المُنتَجة في الهند أيضاً ما يقرب من نصف إمدادات الأدوية المكافئة (البديلة) في الولايات المتحدة.

وقال سودارشان جين، الأمين العام للتحالف الهندي للأدوية: "تُعدّ الأدوية المكافئة مهمة لتوفير رعاية صحية ميسورة الكلفة في الولايات المتحدة، وعادةً ما تُدار بهوامش ربح ضئيلة للغاية.. وضمان توافرها المستمر أمر بالغ الأهمية لرعاية المرضى".

وتعد المناقشات التي عقدت بين الهند والولايات المتحدة، الثلاثاء، الأولى منذ أن فرض الرئيس الأميركي رسوماً جمركية عقابية على نيودلهي اعتباراً من 27 أغسطس، كما قد تم تأجيل زيارة الوفد التجاري الأميركي المقررة إلى الهند خلال الفترة من 25 إلى 29 أغسطس للجولة السادسة من مناقشات اتفاقية التجارة الثنائية، بعد أن فرضت واشنطن رسوماً بنسبة 50% على الهند، بما في ذلك رسوم عقابية بنسبة 25% على مشتريات النفط الروسي.

تصنيفات

قصص قد تهمك