
أغلقت وزارة العدل الأميركية تحقيقاً مع مسؤول ملف أمن الحدود، الملقب بـ "قيصر الحدود"، توم هومان، وذلك بعد مزاعم قبوله رشوة بقيمة 50 ألف دولار نقدي من عملاء سريين في مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI العام الماضي، بحسب ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز".
وسُجِلَت صورة توم هومان، الذي عُينَ في إدارة الرئيس دونالد ترمب للتعامل مع ملف إدارة الحدود في سبتمبر 2024، وهو يتسلم حقيبة تحتوي على 50 ألف دولار نقداً وُضعَت داخل حقيبةٍ تابعةٍ لسلسلة مطاعم "كافا"، لكن التحقيق أُغلق لاحقاً.
وبعد تولي ترمب منصبه هذا العام، أغلق مسؤولو وزارة العدل القضية، بسبب شكوك حول ما إذا كان بإمكان المدعين تقديم إثبات لهيئة المحلفين أن هومان قد وافق على القيام بأي أعمال محددة مقابل المال، ولأنه لم يكن يشغل منصباً حكومياً رسمياً وقت الاجتماع مع العملاء السريين.
وقال أحد المصادر المطلعة على القضية إن الأدلة التي جُمعت "لم تستوفِ جميع العناصر اللازمة للجرائم الفيدرالية ذات الصلة"، بينما زعم آخر أن القضية "انتهت فعلياً قبل الأوان، قبل جمع مثل هذه الأدلة الإضافية".
وقرر مسؤولو وزارة العدل في النهاية أن الأدلة ضد هومان "لم تكن كافية لدعم تهم الاحتيال الإلكتروني أو الرشوة أو التآمر".
تفاصيل القضية
وتم استدعاء هومان إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، بعد أن أشار أحد المستهدفين بالتحقيق في عام 2023، بمبادرة شخصية منه، إلى أن دفع مليون دولار لهومان قد يؤدي إلى عقود فيدرالية مربحة لأعمال أمن الحدود.
وقالت المصادر للصحيفة أن عملاء سريين، متنكرين في هيئة رجال أعمال سعوا للحصول على عقود، والتقوا هومان في سبتمبر 2024، إذ وافق على ما يبدو على مساعدة العملاء السريين في الحصول على عقود من الإدارة القادمة، حال إعادة انتخاب ترمب.
وأوضحت مصادر أن لقاء هومان مع العملاء السريين، المُسجَّل على شريط صوتي، أدى إلى التحقيق معه بتهمة الرشوة المحتملة وجرائم أخرى، بعد أن ظهر أنه أخذ المال ووافق على مساعدة العملاء الذين كانوا ينتحلون صفة رجال أعمال في تأمين عقود حكومية مستقبلية تتعلق بأمن الحدود.
وازدادت أهمية التحقيق، الذي أُجري في الأصل من ولاية تكساس، بعد فوز ترمب وزيادة فرص تولي هومان منصباً حكومياً، وفي 10 نوفمبر الماضي، أعلن ترمب أن هومان سيكون مسؤول الحدود في إدارته، وسيتمتع بسلطة واسعة على عمليات الترحيل.
وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، طُلب من المدعين العامين في قسم النزاهة العامة بوزارة العدل المساعدة في التحقيق، وخلال الفترة الانتقالية، أخطر مسؤولو إنفاذ القانون الإدارة القادمة بشأن هذه القضية، بينما كان فريق ترمب يدرس من سيتم تعيينه في المناصب الحكومية.
اتهامات متبادلة
وتثير هذه الحادثة تساؤلات حول ما إذا كانت الإدارة قد سعت إلى حماية أحد مسؤوليها من العواقب القانونية، وما إذا كان البيت الأبيض قد أخذ تصرفات هومان في الاعتبار عند تعيينه في منصبه الحكومي.
وكان مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل، ونائب المدعي العام تود بلانش، قالا في بيان السبت، إن التحقيق "خضع لمراجعة كاملة من قبل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي والمدعين العامين في وزارة العدل، ولم يجدوا أي دليل موثوق على أي مخالفات جنائية".
وأضافا أن وزارة العدل "يجب أن تُركز على التهديدات الحقيقية للشعب الأميركي، لا على التحقيقات التي لا أساس لها. ونتيجةً لذلك، أُغلق التحقيق".
بدورها، وصفت أبيجيل جاكسون، الناطقة باسم البيت الأبيض، قضية هومان بأنها "تحقيق سياسي صارخ"، وقالت إنها تُظهر أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن "تستخدم مواردها لاستهداف حلفاء الرئيس ترمب، بدلاً من التحقيق مع المجرمين الحقيقيين وملايين المهاجرين غير الشرعيين الذين أغرقوا بلادنا".
وأضافت جاكسون أن هومان "لم يشارك في أي قرارات تتعلق بمنح العقود"، واصفةً إياه بأنه "موظف حكومي مخضرم يؤدي عملاً استثنائياً نيابةً عن الرئيس ترمب والبلاد".
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان التحقيق مع هومان سيسقط بغض النظر عن الحزب المسيطر على البيت الأبيض، بالنظر إلى أحكام المحكمة العليا الأخيرة التي وضعت معايير صارمة لما يُعتبر رشوة أو أي فعل فساد آخر.
لكن الكشف عن التحقيق وقرار إغلاقه يأتي في خضم خلافات أوسع نطاقاً حول مدى سيطرة ترمب على كيفية تعامل وزارة العدل مع القضايا الجنائية، وخاصة تلك المتعلقة بمن يُفترض أنهم أعداؤه.
وشغل هومان في إدارة ترمب الأولى، منصب القائم بأعمال رئيس هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، وبعد مغادرته الحكومة، برز كمنتقد صريح لسياسات إدارة بايدن، من خلال دوره كمساهم مدفوع الأجر في قناة "فوكس نيوز".
وأسس هومان منظمة تُدعى "مؤسسة بوردر 911"، مهمتها "تثقيف الأميركيين حول معنى وجود حدود آمنة ومُدارة جيداً وأهميتها"، كما افتتح شركة استشارية عملت مع شركات تسعى للحصول على عقود متعلقة بالحدود، بما في ذلك تلك التي تستعد للاستفادة من سياسات ترمب، بحسب "نيويورك تايمز".
وولفتت الصحيفة إلى أنه "في مرحلة ما، تقاضى هومان ما بين 100 ألف و150 ألف دولار للضغط في تكساس لصالح شركة "فيشر إندستريز"، وهي شركة إنشاءات حصلت العام الماضي على عقد بقيمة 225 مليون دولار مع الولاية لبناء جزء من الجدار الحدودي".