دخلت عقوبات الأمم المتحدة على إيران حيز التنفيذ مجدداً عبر آلية "سناب باك" ليل السبت الأحد، بعدما رفض مجلس الأمن الدولي، الجمعة، مشروع قرار "روسي صيني"، لتأجيل إعادة فرض العقوبات على إيران لمدة 6 أشهر، بعد اتهامات من الترويكا الأوروبية (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا) لطهران بانتهاك الاتفاق النووي لعام 2015.
وصوتت 4 دول فقط لصالح تأجيل العقوبات، هي "روسيا، والصين، وباكستان، والجزائر"، فيما صوتت تسع دول بالرفض منها فرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، في حين امتنعت كوريا الجنوبية، وجيانا عن التصويت.
وفشلت محاولات تأجيل عودة ميع العقوبات على إيران على هامش الاجتماع السنوي لقادة العالم في الأمم المتحدة هذا الأسبوع.
وقال وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بيان مشترك بعد انقضاء مهلة الثلاثين يوماً: "نحث إيران وجميع الدول على الالتزام التام بهذه القرارات".
وأضاف وزراء "الترويكا الأوروبية": "سنواصل اتباع الطرق الدبلوماسية والمفاوضات. إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة ليست نهاية للدبلوماسية"، وحثوا إيران على "الامتناع عن أي عمل تصعيدي والعودة إلى الامتثال لالتزاماتها بشأن الضمانات الملزمة قانوناً".
إيران ترفض الاعتراف بالعقوبات
واتهم وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، "الترويكا الأوروبية"، بـ"انتهاك التزاماتها"، معتبراً أنه "ليس من حقها تفعيل آلية سناب باك".
وقال عراقجي عقب القرار، إن "الترويكا الأوروبية انتهكت التزاماتها، وليس من حقها تفعيل آلية إعادة العقوبات.. لن نعترف بأي إعادة لفرض العقوبات ضد بلادنا".
وأضاف وزير الخارجية الإيراني أمام مجلس الأمن: "نحمل أميركا والترويكا الأوروبية العواقب الوخيمة لقرار اليوم.. وندعو الأمين العام إلى تجنب أي محاولة لإحياء الآليات المتعلقة بالعقوبات داخل الأمانة العامة". واستدرك: "أميركا خانت الدبلوماسية أما الترويكا الأوروبية فأهالت عليها التراب".
وتابع: "مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية يؤدون عملهم الآن في إيران.. ونؤكد استعدادنا لإثبات أن برنامجنا النووي سلمي وسيبقى كذلك.. لكن لا يمكن أن نثق في الولايات المتحدة بعد العدوان الأخير على بلادنا".
وتعني إعادة فرض العقوبات عودة جميع التدابير التي أقرها مجلس الأمن في 6 قرارات بين 2006 و2010، وتشمل حظر أسلحة على إيران، ومنع تخصيب وإعادة معالجة اليورانيوم، وتقييد الأنشطة الخاصة بالصواريخ الباليستية، بما في ذلك حظر نقل التكنولوجيا والدعم الفني المتعلق بها.
كما تعني إعادة فرض العقوبات، تجميد أصول إيرانية محددة، وفرض قيود سفر على أفراد وكيانات إيرانية، ومنح الدول الأعضاء صلاحية تفتيش شحنات شركة "إيران إير" للشحن الجوي، وخطوط الشحن الإيرانية، بحثاً عن مواد أو بضائع محظورة.
وقال دبلوماسيون إن إعادة فرض العقوبات التي رفعت بموجب اتفاق 2015، يعيد القوى الغربية إلى "المربع صفر" فيما يتعلق بكيفية احتواء ومراقبة البرنامج النووي الإيراني.
روبيو: لا أنصاف حلول مع إيران
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن إعادة الأمم المتحدة فرض العقوبات والقيود على إيران "تبعث برسالة واضحة مفادها أن العالم لن يقبل بالتهديدات أو أنصاف الحلول، وطهران ستُحاسب".
ووصف روبيو في بيان، قرار إعادة تفعيل آلية "سناب باك" بأنه يجسّد "قيادة عالمية حاسمة" من جانب فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
وذكر أن الأمم المتحدة أعادت فرض العقوبات والقيود بموجب 6 قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي (1696, 1737, 1747, 1803, 1835, 1929)، مشيراً إلى أن القرارات "تعالج التهديدات الناشئة عن الأنشطة النووية الإيرانية، والصواريخ الباليستية، والأسلحة التقليدية، والممارسات المزعزعة للاستقرار".
ولفت إلى أن القرارات تُلزم إيران "بتعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم.. وتحظر عليها استخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية، وتفرض حظراً على تصدير الأسلحة التقليدية إليها".
ووفقاً للبيان الأميركي، تعيد القرارات كذلك "فرض حظر السفر وتجميد الأصول عالمياً على الأفراد والكيانات المدرجة، وتجيز مصادرة الأسلحة والشحنات المحظورة التي تنقلها إيران إلى جهات حكومية وغير حكومية".
واعتبر روبيو أن قرار "إعادة فرض هذه القيود يبعث برسالة واضحة وهي أن العالم لن يقبل بالتهديدات أو أنصاف الحلول، وطهران ستُحاسب".
وأشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب "كان واضحاً في أن الدبلوماسية لا تزال خياراً قائماً، وأن التوصل إلى اتفاق يبقى أفضل نتيجة للشعب الإيراني وللعالم".
لكنه شدد على أن ذلك "يتطلب قبول إيران بمحادثات مباشرة تُجرى بحسن نية ومن دون مماطلة أو تضليل"، مضيفاً: "في غياب مثل هذا الاتفاق، يتعين على الشركاء تنفيذ عقوبات سناب باك فوراً للضغط على قادة إيران لفعل ما هو صائب لبلادهم، وما هو الأفضل لأمن العالم".
آلية "سناب باك"
وكانت "الترويكا الأوروبية" أطلقت في 28 أغسطس الماضي، مهلة مدتها 30 يوماً لمعاودة فرض عقوبات للأمم المتحدة انتهت في 27 سبتمبر، متهمة طهران بعدم الالتزام باتفاق عام 2015 مع القوى العالمية الذي يهدف إلى منعها من تطوير سلاح نووي.
وتقوم آلية "سناب باك"، التي تم إدراجها في اتفاق 2015، على "إعادة فرض العقوبات الدولية بشكل تلقائي"، في حال انتهاك إيران لشروط الاتفاق، دون الحاجة إلى تصويت في مجلس الأمن، تفادياً لاحتمال استخدام الصين أو روسيا حق النقض "الفيتو".
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، قال في وقت سابق، الجمعة، إن طهران ستلغي اتفاقاً يسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بتفتيش المواقع النووية الإيرانية، إذا أعادت القوى الغربية فرض عقوبات الأمم المتحدة عليها، والمعروفة إعلامياً باسم "آلية الزناد".
وتسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لإعادة بناء التعاون مع طهران واستئناف عمليات التفتيش في منشآتها النووية، والتي استهدفتها غارات إسرائيلية وأميركية في يونيو الماضي.