
قال الفيلسوف والمفكر الروسي ألكسندر دوجين، الجمعة، إن الكثيرين في بلاده يعتبرون أن ما فعلته تركيا في سوريا "خيانة لروسيا وضربة قاسية بالنسبة لها، خصوصاً بسبب توقيت حدوثه السيئ"، مشيراً إلى أن الحرب مع الغرب مصيرية لمستقبل موسكو.
وأضاف دوجين في مقابلة مع "الشرق"، أن مشاركة تركيا في الإطاحة بنظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وهو صديق لروسيا، جاءت بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي أعادت الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
وتابع: "أعتقد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتبع إملاءات الغرب لضمان دعم ترمب له، وما فعلته أنقره تسبب في توتر العلاقات مع موسكو، لكن تبقى هنالك علاقات استراتيجية وصداقة بغض النظر عن كل ذلك، وتركيا لاعب رئيسي في المنطقة".
وذكر دوجين أن روسيا لن تسمح لأي قوى أجنبية بالدخول في مناطق نفوذها وأنها "في حالة حرب مع الغرب وتمضي قدماً على طريق النصر"، مشيراً إلى أن الحرب في أوكرانيا ستنتهي بعد تحقيق أهدافها.
واعتبر أن نهاية هذه الحرب سوف تكون بعد بلوغ أهدافها، وأن النصر إما أن يكون بتحرير المناطق الشرقية من أوكرانيا بما فيها ميكولايف، وخيرسون، وخاركيف، وأوديسا، ودنيبروبتروفسك، أو إعادة السيطرة على كل أرجاء البلاد.
وزاد المفكر الروسي: "هذا الموضوع جدلي ولا يوجد قرار نهائي، لكن إن لم يكن لدى روسيا في أوكرانيا نصر حاسم فإن هذه الحرب لن تنتهي".
ورأى أنه كان من الممكن لأوكرانيا أن تبقى دولة محايدة وصديقة لروسيا، لكنها ليست كذلك، ولذلك لا يمكن لروسيا أن تسمح لأوكرانيا "العدائية"، وفق وصفه، أن تبقى قريبة من حدودها.
وأفاد دوجين بأنه "تم إبلاغ الغرب بذلك لكن لم يسمعوا. ولا يمكن لموسكو أن تسمح بدخول أي دولة أجنبية إلى منطقة نفوذها والفناء الخلفي لها، هذا الأمر يتعلق بالأمن القومي الروسي".
"قوة روسيا"
الفيلسوف الروسي أشار في حديثه لـ"الشرق" إلى أن "موسكو تبيّن أنها أضعف مما تصورنا، لكن بعد 3 أعوام ونصف العام من الحرب في أوكرانيا، أصحبنا أقوى، وبسبب العقوبات التي فُرضت علينا، قمنا بتطوير صناعاتنا واستبدال المنتجات الغربية بالروسية، ومع كل يوم نصبح أقوى. حتى الغرب بات يرانا أقوى من ذي قبل، بسبب ازدهار المجتمع الروسي وتطور مجمع الصناعات الحربية بشكل متسارع، لكي تصبح روسيا دولة عظمى".
وتابع: "الحرب في أوكرانيا اختبار بالنسبة لنا الآن، ولا أقول إن النصر سيكون سهلاً، لأننا نحارب الغرب، الذي استخدم كل قدراته والأسلحة الأميركية، بشكل جماعي، لكن فشلوا ونحن الآن نسير على الطريق الصحيح".
عالم متعدد الأقطاب
وقال دوجين، الذي يصفه البعض بـ"عقل بوتين"، إن روسيا تعتزم تشكيل عالم متعدد الأقطاب، مشيراً إلى أن "العالم الإسلامي سيكون شريكاً لروسيا".
وأوضح: "العالم الإسلامي يجب أن يكون جزءاً من العالم متعدد الأقطاب، وأعتقد أن الوحدة الإسلامية ضرورية ونحن سندعمها، والصيغة التي ستكون بها هذه الوحدة مدروسة جيداً، ولكن أعتقد في الوقت نفسه أن الغرب يريد التمسك بالعالم أحادي القطب، وهو منفصل عن الواقع ويتوجب علينا التخلص من الهيمنة الغربية التي يحاولون فرضها علينا".
وأضاف دوجين: "النماذج التي يريد الغرب فرضها علينا لا تناسبنا، وهي ليست مقدسة. أوروبا تشهد انهياراً أخلاقياً لتركيزها على التطور التكنولوجي فقط".
وفي سؤال عن العلاقات الروسية الأميركية، أجاب: "لدينا نقاط اتفاق وخلاف مع الولايات المتحدة، لكن هناك رقابة باتت تفرض على الأميركيين وأنصار الرئيس دونالد ترمب أصبحوا يدركون ذلك. هناك شعوب لا تريد الديمقراطية. والغرب الذي يواجه أزمة انفصال عن الواقع، يريد فرضها على البعض، كما أن قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا ينتهجون سياسة مناهضة لترمب، والذي قبل وصوله للسلطة كان الغرب موحداً، والآن تغير الوضع، وأتوقع حدوث انقسام كبير بين أميركا وأوروبا".
وبشأن علاقة موسكو مع الحكومة السورية الجديدة، أشار دوجين إلى أن "روسيا ليست ضد الشعب السوري وترغب بصياغة سياسة جديدة. كما لسنا أيضاً خصوماً للسلطة الجديدة، ولا نستطيع بنفس الوقت أن نقول إننا أصدقاء، لكن لا يوجد هناك أي نهج عدائي وننتظر أن نرى إلى أين ستتجه الأمور في سوريا".